السبت، 12 ديسمبر 2020

الربط بين أوروبا والبحر الأبيض المتوسط وأفريقيا: الفرص والتحديات الجيوسياسية

 

الربط بين أوروبا والبحر الأبيض المتوسط وأفريقيا: الفرص والتحديات الجيوسياسية

 

لقد أدى التنافس لإنشاء ممرات تجارية من أفريقيا إلى أوروبا إلى وجود مشاركة عالمية جديدة مع شمال أفريقيا تعيد تشكيل البنية الاقتصادية الأساسية والجغرافيا السياسية في المنطقة. ولأن الصين وروسيا وتركيا ودول الخليج العربية تلعب دوراً متزايد الأهمية في تطوير هذه الممرات في جنوب البحر الأبيض المتوسط، فإن الاتحاد الأوروبي يواجه تحدياً استراتيجياً ملحَّاً لتشكيل سياسة متماسكة وفعالة في شمال أفريقيا. إن الطريقة والمدى الذي يمارس فيه الاتحاد الأوروبي القيادة في تطوير الاتصال عبر المتوسط سوف يحددان معالم نفوذه الجيوسياسي القادم في شمال أفريقيا وفعالية جهوده الرامية إلى تطوير شراكة شاملة مع أفريقيا ككل.

 ثلاثة ممرات عبر-المتوسط تتكون في المحور العالمي تجاه أفريقيا

بحلول منتصف هذا العقد، سيكون في أفريقيا أكثر من 100 مدينة يزيد عدد سكانها على مليون نسمة  [1]. وقد برزت الجهود الدولية الرامية إلى إقامة اتصال بين أفريقيا وأوروبا كجزء من موجة النمو الاقتصادي غير المسبوقة التي اجتاحت أفريقيا خلال العقد الماضي، مما أطلق العنان لطفرة في المشاركة العالمية مع معظم بلدان القارة، وأصبحت الصين الشريك التجاري الأول لها، في حين وسعت كلٌّ من روسيا وتركيا بشكل كبير علاقاتهما التجارية فيها، حيث شهدتا معدلات نمو في التجارة تجاوزت الاتحاد الأوروبي بعامل سبعة وخمسة على التوالي [2]. في المدة ما بين عامي 2010 و 2016، أسست تركيا لها 26 سفارة في أفريقيا كجزء من سعيها لتوسيع البصمة الاقتصادية والسياسية لها في جميع أنحاء القارة[3]،  كما زادت دول الخليج العربي من تعاملها معها. وقد بدأت دول شمال أفريقيا نفسها، مع «تراثها الثلاثي» المعقد من الهويات العربية والأفريقية والمتوسطية، في التركيز على القارة أيضاً مستغلة موقعها الجغرافي الرئيسي على الشواطئ الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، لتكون قنوات للتدفقات الجديدة من السلع والموارد والطاقة ورأس المال إلى عمق القارة الإفريقية.

إن المغرب والجزائر ومصر هي البوابات الجغرافية السياسية لثلاثة ممرات ناشئة عبر البحر الأبيض المتوسط للربط بين أفريقيا وأوروبا. وقد مكّن هذا الوضع الجديد الرباط والجزائر والقاهرة من ممارسة قدر أكبر من الحكم الذاتي، وإعادة تحديد الشريك الأجنبي والشروط التي يشارك فيها تلك الشراكات. وفي الوقت نفسه، فقد أصبح المغرب الكبير نفسه ساحة للتنافس العالمي الشديد حول العلاقة بين طرق التجارة، وطرق عبور الطاقة، وسلاسل القيمة الصناعية التي تربط بين أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط.

ومن بين الممرات الناشئة الثلاثة، يعد ممر غرب أفريقيا إلى غرب أوروبا في المغرب هو الأكثر تقدماً في تنميتها، في حين أن ممر شرق أفريقيا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط الذي يتخذ من مصر مقراً له هو في مرحلة أولية من التنمية، وإن كان ذلك مع إمكانات اقتصادية هائلة. أما الممر المركزي في الجزائر فإنه لا يزال في طور التشكيل، وهو يشهد سباقاً سريعاً بين الجهات الدولية الفاعلة لإنشاء ممر ناجح. وتعكس متطلبات نجاح ممر من أفريقيا إلى أوروبا حاجتين أساسيتين في مرحلة النمو الحالية في أفريقيا بشكل أعم وهما: زيادة الربط التجاري بالأسواق الاستهلاكية، وقاعدة صناعات تحويلية أكبر. وكما يُظهر المثال المغربي، فإن الممرات لا تظهر إلا عندما تقترن الاستثمارات الكبيرة المطلوبة في الموانئ والسكك الحديدية والطرقات الأساسية بقاعدة صناعية ترتكز على سلسلة قيمة للتصنيع. كما يُظهر المثال المغربي، وكذلك الجزائري، أنه إذا لم يعمل نظام الاتحاد الأوروبي بفعالية للشراكة مع دول شمال أفريقيا لتلبية هذه المتطلبات، فإن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي تلعب أدواراً قيادية في مجال الاتصال عبر المتوسط، سوف تشارك مع جهات فاعلة خارج الاتحاد. والمثال المصري هو حالة تظهر فيها المواقفُ الراسخة بالفعل من الصين وروسيا والعديد من دول الخليج العربية ضرورة مشاركة نظام الاتحاد الأوروبي لضمان دور أوروبي في الربط عبر المتوسط. وفي نهاية المطاف، فإن تشكيل سلاسل القيمة من أفريقيا إلى أوروبا التي تنتج عن كيفية إدارة الدول المغاربية لمجموعات شراكاتها الخارجية، سوف ينشئ الإطار الجيوسياسي لهذه البنى التجارية الناشئة عبر-الإقليمية لسنوات قادمة.

إن نجاح المغرب في تطوير ممره التجاري من غرب أفريقيا إلى غرب أوروبا ينبع من الاستثمارات الكبيرة التي قامت بها الرباط وشركاؤها الأجانب في التطوير المتزامن لكل من البنية التحتية للنقل في المغرب وقاعدته الصناعية، مما يرسّخ الربط التجاري المغربي الناشئ عبر المتوسط في سلاسل القيمة الصناعية. وقد أدى بناء المغرب لخط السكك الحديدية (البُراق) أول نقل عالي السرعة للسكك الحديدية في أفريقيا إلى تأسيس موقع المغرب الذي لا مثيل له كممر تجاري من أفريقيا إلى أوروبا. تم افتتاح الجزء الأول من الخط التاريخي عالي السرعة بقيمة 2.3 مليار دولار في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 2018 كمشروع فرنسي-مغربي مشترك. وقد اختصر هذا الخط، الذي يمتد على بعد 362 كم من مدينة طنجة الساحلية الصناعية الرئيسية في المغرب إلى المركز الاقتصادي للبلاد في الدار البيضاء، وقت قطع المسافة بأكثر من النصف [4]. إن خط البراق عنصر من مكونات خطة المغرب الطموحة للسكك الحديدية المغربية 2040 لتحديث شبكة السكك الحديدية المغربية، بما في ذلك 1500 كم من وصلات السكك الحديدية عالية السرعة الإضافية التي بدأت بالفعل تشكل العمود الفقري للنقل البري لسلسلة صناعية تقودها فرنسا من أفريقيا إلى أوروبا [5].





يرتبط خط البراق بمرفأ طنجة-مِد [6] الجديد في المغرب على ساحل البحر الأبيض المتوسط على بعد 40 كيلومتراً شرقي طنجة. «طنجةد» هو المشروع الرئيسي لخطة ميناء استراتيجية المغرب لعام2030 [7] التي تستثمر الرباط بموجبها ما يزيد على 7 مليارات دولار في شبكتها من الموانئ البحرية، مما يضيف كمية كبيرة من الحاويات على ساحلها المتوسطي. وقد دعم التوسع في سعة «طنجة-مد2» الذي بلغت قيمته 1.5 مليار دولار استثمارات صينية كبيرة [8]. ومع افتتاح محطاتها الجديدة في أواخر يونيو 2019، أصبح ميناء طنجةد أكبر ميناء في البحر الأبيض المتوسط، متجاوزاً ميناءي الجزيرة الخضراء وبلنسية في إسبانيا، بإجمالي قدرة تبلغ 9 ملايين وحدة مكافئة من 20 قدماً [9].

في يونيو 2019، افتتحت شركة تصنيع السيارات الفرنسية (Groupe PSA) ، ثاني أكبر شركة لصناعة السيارات في أوروبا، مصنعاً في مدينة قنيطرة، شمال الرباط ، بسبب خط السكك الحديدية السريع، البراق، الذي يصل  إلى ميناء «طنجة -مد» [10]. وقد سبقتها مجموع رينو في عام 2012، حيث وضعت مصنعها المغربي الثاني في طنجة من أجل الاستفادة من ميناء طنجة المتوسطي الموسع و خط السكك الحديدية إليه. في غضون خمس سنوات من افتتاح مصنعها، أنتجت رينو سيارتها المليون. وترسل ثالث أكبر شركة لصناعة السيارات في أوروبا حالياً ست حمولات من مركبات رينو يومياً من مصنعها في طنجة لشحنها عبر ميناء «طنجة -مد» [11].

وتتمثل الأولوية الاستراتيجية القصوى للرباط في برنامجها لتطوير السكك الحديدية في إنشاء خط سكة حديد عالي السرعة من طنجة إلى لَكويرة (La Guera) في أقصى الجنوب من منطقة الصحراء الغربية، التي يعتبرها المغرب محافظته الجنوبية [12]. سيُنشئ خط طنجة -لكويرة، الذي يمتد من ميناء طنجة- إلى الحدود الموريتانية على المحيط الأطلسي، ممراً تجارياً عالي السرعة للنقل من شواطئ غرب البحر الأبيض المتوسط إلى حدود غرب أفريقيا [13].

ويعد خط السكة الحديد البراق رمزاً لدور فرنسا التقليدي كشريك رئيسي في الاستثمار الأجنبي للمغرب، فضلاً عن الدفعة الجديدة التي دفعتها باريس إلى أن يُنظر إليها على أنها عامل تغيير إيجابي للتنمية الاقتصادية الأفريقية. وقدمت فرنسا 51% من التمويل للمشروع، فيما قدم المغرب 27%. أما الـ 22% المتبقية من المشروع فقد تم تمويلها من صناديق التنمية من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت [14].  إلى جانب فرنسا، كانت دول مجلس التعاون الخليجي - ولا سيما الإمارات العربية المتحدة - الدعامات الأساسية للاستثمار الأجنبي في المغرب [15]. يعكس  هذا الخط حقيقة أن شركاء فرنسا الرئيسيين في تسهيل تطوير البنية التحتية التحويلية في المغرب هم الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.

وتعد مجموعة دول «الاتحاد الأوروبي-27» شريكاً تجارياً أكبر للمغرب، حيث تمثل 55% من إجمالي حجم التجارة الثنائية للمغرب لعام 2019 [16]. ومع ذلك، لم يكن شركاء فرنسا في الاتحاد الأوروبي-27 من كبار المستثمرين في تطوير البنية التحتية في المغرب، على الرغم من أن شركات من الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي سوف تستثمر في فتح مواقع الإنتاج الخاصة بها في المغرب للمشاركة في سلسلة القيمة الصناعية التي تقودها فرنسا. إن شركاء فرنسا الرئيسيين في المشاركة الاقتصادية الاستراتيجية مع المغرب هم أبو ظبي والرياض، وليس مدريد أو روما أو حتى برلين.

إن طبيعة الممر التجاري المغربي من غرب أفريقيا إلى غرب أوروبا في المستقبل سوف تتحدد من خلال كيفية دمج الاستثمار في البنية التحتية مع سلاسل القيم الصناعية، كما يتضح من نجاح صناعة السيارات في المغرب. تعتبر صناعة السيارات في المغرب، التي تعد صاحبة الشراكة الرائدة في مجال تصنيع السيارات في أفريقيا والتي لديها القدرة الحالية على إنتاج أكثر من 700 ألف سيارة سنوياً، تعتبر المحور الحالي لممر غرب أفريقيا إلى غرب أوروبا في البلاد. إن مبيعات قطاع السيارات تعتبر العنصر الصناعي الرئيسي للاقتصاد المغربي القائم على التصدير، حيث تمثل التجارة الخارجية حوالي 88 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب. وفي أوائل عام 2019، شكلت مبيعات قطاعات السيارات 27.6 في المائة من الصادرات المغربية [17]. إن صناعة السيارات المغربية وفَّرت ما يقرب من 117 ألف فرصة عمل في المغرب بين عامي 2014 و2018، أي ما يمثل 28.8% من فرص العمل في البلاد [18].

يقود إنتاج المغرب الحالي للمركبات مصنعان فرنسيان من نوع «جروب رينو» و«جروب بي إس»، بدعم من 200 مورّد دولي تقريباً يشغّل مصانعهم الخاصة في البلاد. ومن أبرز الشركات الأوروبية المصنعة لمكونات السيارات العاملة في المغرب شركات كبرى مقرها في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا [19]. بعض الشركات المصنعة الصينية تستغل فرصة مصنع (Groupe PSA)  الجديد لتصنيع السيارات في قنيطرة  للاندماج في سلسلة القيمة الأوروبية التي تقودها فرنسا. بعد إعلان (Groupe PSA) في يونيو 2019 عن نيتها بناء المصنع ، أعلنت شركة  (CITI Dicastal) الصينية، وهي شركة رائدة عالميًا في تصنيع مكونات صب الألمنيوم خفيفة الوزن لأنظمة السيارات ، أنها ستفتتح مصنعًا بقيمة 400 مليون دولار في قنيطرة أيضاً، مع قدرة على إنتاج 6 ملايين قطعة سنويًا لتوريد أجزاء إلى (Groupe PSA).

وقد أثبتت محاولة الصين لإقامة سلسلة صناعية خاصة بها في المغرب أنها أقل نجاحاً حتى الآن. في ديسمبر 2017، وقعت شركة (BYD) الصينية لصناعة السيارات الكهربائية صفقة لبناء مصنع بسعة 2500 عامِل ليصبح ثالث شركة لصناعة السيارات في المغرب [20]. ومع ذلك، توقفت خطط (BYD) إلى حد كبير بسبب كارثة الصين في بناء مدينة محمد السادس-طنجة للتكنولوجيا ، مما يسلط الضوء على التآزر الحيوي بين تطوير البنية التحتية وسلاسل القيمة التصنيعية. إن مشروع منطقة صناعية للتكنولوجيا الفائقة بقيمة 10 مليارات دولار، ومن المقرر أن تجذب مدينة طنجة للتكنولوجيا 200 شركة متعددة الجنسيات و100 شركة صينية لفتح مرافق تصنيع حديثة [21]. لقد شكلت مدينة طنجة للتكنولوجيا فرصة ممتازة للصين لإنشاء قاعدة إنتاج في المغرب ، ولكن المشروع تحوَّل الى فشل ذريع لبكين التي تنطوي على قضايا الملكية التي أثارت تساؤلات حول قدرة الصين على التعايش في النظام البيئي التجاري الدولي للمغرب [22]. اضطرت مجموعة هايت الصينية إلى الانسحاب من بناء مدينة طنجة للتكنولوجيا. وعلى الرغم من أن الصين شركة بناء الاتصالات  (CCCC)  تدخلت لبناء منطقة ثلث حجم المشروع الأصلي، لكن لا تزال هناك قضايا عالقة بينها وبين والمغرب[23]. تم تخصيص مصنع السيارة الكهربائية في BYD لمدينة طنجة التكنولوجية، وقد تعثر تنفيذ المشروع مع تأخير تسبب بشعور الفزع لدى المسؤولين المغاربة  [24].

وقد دفعت رغبة المغرب في تنويع علاقاته الاستراتيجية إلى انفتاح الرباط بشكل كبير نحو الصين وروسيا. وبالتوازي مع نمو العلاقات الصينية المغربية، حدث تقارب بين المغرب وروسيا ببطء وحذر منذ زيارة الملك محمد السادس إلى موسكو عام 2016. والمشروع الرئيسي الآخر لميناء البحر الأبيض المتوسط في المغرب هو مجمع ميناء الناظور المتوسط الغربي الصناعي الذي تبلغ قيمته 3.2 مليار دولار في خليج بنتويا، والذي يهدف إلى أن يكون ميناء مركزياٍ للطاقة في غرب البحر الأبيض المتوسط مرتبط بشبكات النقل بالسكك الحديدية الجديدة في المغرب [25]. وفي 23 تشرين الأول/أكتوبر 2019، أبرمت شركة التنمية الحكومية الروسية (VEB) صفقة لبناء مجمع بتروكيميائي ومصفاة للنفط بطاقة مستهدفة تبلغ 200000 برميل يومياً [26]. وستحدد الشركة الروسية موقع المنشأة التي تبلغ قيمتها 2.3 مليار دولار في شمال المغرب وستستخدم خطوط السكك الحديدية إلى ميناء «ناظور-مد ويست» لشحن منتجاتها.

ولا تزال فرنسا محرومة من الشركاء الأوروبيين الراغبين في لعب دور استراتيجي في تطوير البنية التحتية في المغرب. وبقدر غياب التنسيق الاستراتيجي في المغرب بين فرنسا وأعضاء الاتحاد الأوروبي الآخرين أو مع نظام الاتحاد الأوروبي، فإن ممر المغرب من أفريقيا إلى أوروبا سيعتمد بشكل متزايد على العلاقة الاستراتيجية بين فرنسا وشركائها في الخليج العربي. وبدلاً من إطار «الشراكات الخمس» الذي حدده الاتحاد الأوروبي للتنمية الإفريقية، فإن التقاء المصالح الاستراتيجية بين الرباط وباريس وأبو ظبي  والرياض سوف يحدد شروط الممر التجاري المغربي من غرب أفريقيا إلى غرب أوروبا.

المنافسة على ممر مركزي: معركة الاتصال بالجزائر العاصمة

إن الجهود الرامية إلى تطوير ممر من أوروبا إلى أفريقيا عبر المغرب الأوسط تدور بشكل أساسي حول ربط الطرق في الجزائر ضمن شبكة الطرق السريعة العابرة لإفريقيا، بدءً من العاصمة الجزائرية. وأما شبكة النقل التركية-الإيطالية-التونسية التي تم تشكيلها مؤخراً، والتي تتقاطع عبر وسط البحر المتوسط، مما يخلق قوساً من الربط التجاري من المغرب الكبير إلى البحر الأسود الأوسع، هي حالياً المنافس الرئيسي لتشكيل ممر من أوروبا إلى أفريقيا عبر وسط المغرب العربي الذي يستخدم الجزائر كحلقة اتصال. إن الإمارات العربية المتحدة، التي لا تزال شركة موانئ دبي العالمية التابعة لها تدير ميناءي العاصمة الجزائر وجِن جِن  الجزائري، فضلاً عن موانئ مدينة طرخونة (Tarragona) الإسبانية على ساحل المتوسط، ومرسيليا -فوس  (Marseilles-Fos) (أكبر ميناء في فرنسا)، تبقى منافساً محتملاً. ومع ذلك، فإن التحدي الرئيسي الناشئ للشبكة التركية-الإيطالية-التونسية يطرحه جهد الصين لبناء  الحمدانية ، وهو ميناء نقل عابر واسع النطاق في  شرشال الجزائرية.

إن ميناء تارانتو الإيطالي العميق الواقع على الطرف الجنوبي لشبه الجزيرة الإيطالية في القلب الاستراتيجي للبحر الأبيض المتوسط، هو الميناء المركزي للشبكة التركية-الإيطالية-التونسية. وقد بدأ هذا الميناء، الذي تديره شركة ميناء يلبورت Yilport التركية، في خدمة الشبكة التركية-الإيطالية-التونسية في أوائل يوليو 2020. وتشكل شبكة قطاع تارانتو-تونس في وقت واحد الرابط الأساسي لممر نقل تجاري محتمل من أوروبا إلى أفريقيا، من خلال ربط ساحل شمال أفريقيا بالأسواق الرئيسية ومراكز التصنيع في إيطاليا وألمانيا وشمالي أوروبا عبر أنظمة السكك الحديدية عالية السرعة في إيطاليا وأوروبا. ومن ميناء بنزرت في تونس، يمكن للممر أيضاً أن يربط طريق سريع إلى مدينة الجزائر، وهي المحطة الساحلية على البحر الأبيض المتوسط للطريق السريع العابر للصحراء (الطريق 2 في نظام الطريق السريع العابر لأفريقيا)، مما قد يوسع من الممر الإيطالي-التونسي جنوباً إلى غرب أفريقيا حتى لاغوس، نيجيريا.

والشبكة التركية-الإيطالية-التونسية هي طريق نقل متعدد الوسائط يمتد جزؤه من أوروبا إلى أفريقيا من العقدة المركزية للشبكة في تارانتو إلى مالطا ثم ميناءي بنزرت وصفاقس في تونس [27]. يدعم الاتحاد الأوروبي أيضاً الممر البحري بين تارانتو ومالطة باعتباره حلقة الوصل في أقصى جنوب الاتحاد الأوروبي في «الممر الاسكندنافي المتوسطي»، وهو أحد الممرات التسعة لشبكة النقل عبر-الأوروبية التابعة للمفوضية الأوروبية، أو برنامج  TEN-T [28].

الممر الاسكندنافي المتوسطي في TEN-T هو شريان النقل الأوسط بين الشمال والجنوب في الاتحاد الأوروبي، وهو طريق يمتد عبر شبه الجزيرة الاسكندنافية والدنمارك وألمانيا والنمسا وإيطاليا ومالطا. ولأن قطاع تارانتو-مالطة في الشبكة التركية-الإيطالية-التونسية كان قد تم تصنيفه سابقاً كوصلة طرفية جنوبية لممر TEN-T الاسكندنافي  المتوسطي، يمكن لتركيا أن تصبح المشغّل لما قد يصبح الممر الأكثر قيمة بين أوروبا وأفريقيا. ومن خلال ربط الممر الاسكندنافي المتوسطي للاتحاد الأوروبي مع الطريق السريع العابر للصحراء من الجزائر إلى نيجيريا في أفريقيا، فمن المحتمل أن يشكل الجزء الإيطالي-التونسي من الشبكة-التركية-الإيطالية-التونسية الرابط الحيوي لإنشاء ممر ضخم يمتد عبر أوروبا وأفريقيا من خط عرض 60 شمال إلى خط عرض 6 شمال.

إن مشغل الميناء التركي يلبورت (Yilport) هو العملاق التجاري الذي يقوم بتجميع الربط التحويلي للشبكة التركية-الإيطالية-التونسية.  وقد أبرمت يلبورت، وهي شركة تابعة لمجموعة يلدريم القابضة، والتي يملكها ويرأسها روبرت  يوكسل  يلدريم،  اتفاقية امتياز مدتها 49 عامًا لتشغيل ميناء تارانتو في 30 يوليو 2019، والتزمت بإجمالي 400 مليون يورو  لتجديد المحطة وتوسيعها [29]. إن برنامج تطوير يلبورت يطمح في توسيع طاقة ميناء تارانتو إلى 4 ملايين حاوية TEU بحلول عام 2028 [30].

تربط شركة (CMA CGM) بين نقاط الممر التركي-الإيطالي-التونسي ، وهي رابع أكبر شركة في العالم لنقل الحاويات والشحن، حيث يملك روبرت يوكسل يلدريم  رئيس يلبورت 24٪ من أسهمها [31]. بدأت (CMA CGM) الخدمة لميناء تارانتو في 10 يوليو 2020، مما يمثل استئناف حركة الحاويات في تارانتو بعد توقف دام خمس سنوات. تارانتو هي الآن جوهرة التاج الجغرافي في خدمة شركة (CMA CGM) التي تربط بالفعل بين تركيا وتونس عبر مالطا [32]. بالإضافة إلى حصة يلدرم في ربع (CMA CGM)، فإن شركة يلبورت  تمتلك حصة 50٪ في محطة فريبورت-مالطا في ميناء مارساكسلوك على الساحل الجنوبي للجزيرة [33]. وعلى مسافة متساوية بين تارانتو وتونس، فإن محطة مالطا التي تديرها يلبورت  تشكل مركزا لوجستيا هاما لجزء أفريقيا-أوروبا من الممر التركي-الإيطالي-التونسي.

إن إيطاليا هي أكبر شريك تجاري للجزائر، فضلاً عن أنها أكبر سوق للتصدير إلى الجزائر [34]. ومنذ فترة طويلة كانت روما تقوم على تعزيز ترابط الطاقة الثلاثي بين الجزائر، تونس، وإيطاليا، الذي يتمثل بخط أنابيب الغاز الطبيعي عبر المتوسط«ترانسمِد» الذي يربط بين الجزائر وتونس وصقلية والبر الإيطالي [35]، ومن المقرر أن تصبح شبكات الكهرباء في الجزائر وتونس وإيطاليا على نحو مماثل مترابطة في عام 2025 عند الانتهاء من كابل طوله 192 كم، بطاقة 600 ميغاوات تحت سطح البحر بين تونس وصقلية [36].

إن إيطاليا، التي تعكس جهودها الرامية إلى خلق ترابط بين الطاقة الإيطالية التونسية والجزائرية، وضعت الأساس لتوسيع امتداد الممر التركي الإيطالي التونسي إلى الجزائر. وعلى مدى العقد الماضي، شاركت شركات البناء الإيطالية الرائدة في تحديث شبكة الطرق في الجزائر، بما في ذلك المشروع العملاق للطريق السريع بين الشرق والغرب الذي يعبر طول الجزائر بالتوازي مع ساحل البلاد. تقوم شركة أنس إنترناشيونال الإيطالية و (ITALCONSULT) ببناء الجزء الشرقي الأكبر من 399 كم الذي يمتد من برج بوعريرج  إلى الحدود التونسية [37]. تمثل عملية التحديث أكثر من نصف المسافة التي يبلغها 783 كيلومتراً بين ميناء بنزرت في تونس، والبرّ الأفريقي للممر التركي-الإيطالي-التونسي، والجزائر العاصمة، نقطة الانطلاق الشمالية للطريق السريع العابر للصحراء.

وبدون أن يقترن تطوير البنية التحتية للنقل في الجزائر باستثمارات في الإنتاج الصناعي المحلي المرتبط بسلسلة قيمة التصنيع، فإن دور إيطاليا يبقى في التواصل بين المنشآت  الجزائرية بعيداً عن المنال، حيث أن الوجود العسكري التركي في ليبيا [38] المجاورة يعيد صياغة القواعد الجيوسياسية للمغرب الكبير. وقد أدى التدخل العسكري التركي خلال النصف الأول من عام 2020 للحفاظ على حكومة الوفاق الوطني الليبية إلى خلق ساحل استراتيجي مهم لتركيا في وسط المغرب العربي، مما زاد من النفوذ السياسي والاقتصادي الذي تتمتع به أنقرة في تونس والجزائر المجاورتين.

إن الوجود العسكري التركي الجديد في ليبيا هو الآن بمثابة منصة يمكن لأنقرة من خلالها تعزيز برنامجها الرامي إلى خلق اتصال تجاري أفريقي-متوسطي عبر دول المغرب العربي الوسطى وتوسيع نطاقها الاقتصادي في كل من المغرب العربي وجنوب الصحراء. وفي عام 2019، أصبحت تركيا أكبر مصدر إلى ليبيا بعد الصين، متجاوزة بذلك الاتحاد الأوروبي، وقد بلغت أرباح تركيا 1.53 مليار دولار من الإيرادات. بعد شهر من تدخل تركيا في ليبيا الذي غيّر قواعد اللعبة، زار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان  الجزائر في 26 يناير/كانون الثاني 2020، حيث أعلن عن هدف رفع حجم التجارة الثنائية بين تركيا والجزائر إلى 5 مليارات دولار. وقد حققت تركيا بالفعل  نجاحات قوية في الجزائر من خلال استثمارات بلغت قيمتها 3.5 مليار دولار، مما جعل تركيا واحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في البلاد. وفي معرض إعلانه الجزائر «أحد شركائنا الاستراتيجيين في شمال أفريقيا»، أوضح أردوغان خلال زيارته في يناير/كانون الثاني 2020 أن «الجزائر هي أحد أهم بوابات تركيا إلى المغرب العربي وأفريقيا».

وعلى الرغم من حرصها على الحفاظ على الحياد الصارم في الحرب الأهلية الليبية، فقد جُرَّتْ [39] تونس إلى علاقة دفاعية أعمق مع أنقرة [40] . وفي حين أن إيطاليا تشكل ثاني أكبر شريك تجاري لتونس[41] ، فإن وضع إيطاليا يتعرض للتقويض بسبب الاستثمارات الكبيرة في تونس من قبل قطر، الشريك الاستراتيجي لتركيا. وفي ظل نمط شهدته مناطق أخرى في أفريقيا [42]، تسعى تركيا إلى تعزيز التعاون العسكري مع تونس، في حين ركزت قطر على الاستثمار الاقتصادي. ومع وجود ما يقرب من 3 مليارات دولار لدولة قطر من الاستثمارات في تونس [43]، فإنها تحتل المرتبة الثانية في تونس، بعد فرنسا، ولكنها متقدمة على إيطاليا وألمانيا [44].

وفي حين اكتسبت الشراكة التركية - القطرية نفوذاً اقتصادياً وسياسياً في المغرب الأوسط، إلا أنها لم تحصل على مركز مهيمن في تطوير ممر وسط أفريقيا إلى أوروبا أيضاً. ولا يوفر بنزرت وصفاقس، إلى جانب الموانئ المتوسطه الأربعة الأخرى في تونس، اقتصاداً واسع النطاق للحفاظ على ممر اقتصادي، في حين لا يزال من غير الواضح متى سيبدأ البناء في ميناء النفيضة العميق الذي اقترحته تونس [45]. وفي غياب ميناء حديث وعميق فإن الشبكة التركية-الإيطالية-التونسية ستصبح نظامًا فرعيًا في شركة «بنية الحزام والطريق» (BRI) في الصين ، حيث أن كلاً من مينائي تارانتو وبنزرت كانا موضوع مناقشات بين مشغلي الموانئ الصينيين والمشغلين الحاليين والسلطات المحلية [46].

ويمكن إنجاز دمج الشبكة التركية-الإيطالية-التونسية في ممر مركزي موجه نحو (BRI) من خلال بناء الصين لميناء الحمدانية في بلدية شرشال  الجزائرية.  بعد نجاح شركة CITC Construction في بناء معظم الطريق السريع بين الشرق والغرب في الجزائر [47]، وقعت مدينة الجزائر اتفاقا في عام 2016 مع الشركة الصينية العامة لهندسة البناء والشركة الهندسية للموانئ الصينية لبناء الحمدانية  كمرفأ ضخم للشحن يقع على بعد حوالي 60 كم غرب الجزائر العاصمة [48]. يمكن أن تعمل الحمدانية، بطاقة تبلغ 6.5 مليون حاوية،  كمركز لممر من أفريقيا إلى أوروبا مرتبط بميناء تارانتو.

في يوليو 2019، صدقت الحكومة الجزائرية وأكدت بموجب مرسوم رئاسي مذكرة التفاهم مع الصين في سبتمبر 2018 والتي وافقت الجزائر على المشاركة فيها في برنامج BRI في بكين [49]. لقد تباطأ البرنامج ولكن لم يردعه كوفيد-19 ولا البيئة السياسية المتغيرة في الجزائر، فقد وقعت وكالة بكين للتعاون الإنمائي الدولي في بكين، في 11 أكتوبر 2020، اتفاقية تعاون اقتصادي وتقني مع الجزائر العاصمة لتعميق مشاركة الجزائر في الشراكة البرية [50]. ومع ذلك، ومع تتطلب سبع سنوات من البناء بتكلفة تقدر بـ 6 مليارات دولار [51]، فإنه لا تزال غير مؤكد ما إذا كانت الحمدانية  ستكتمل بالفعل ومتى سيتم ذلك.

ممر مصر من شرق أفريقيا-شرق البحر الأبيض المتوسط  إلى أوروبا الشرقية والوسطى

مع ما يقرب من 103 مليون نسمة، فإن لدى مصر أكبر عدد سكان من أي دولة البحر الأبيض المتوسط وثالث أكبر في أفريقيا من حديث عدد السكان. في عام 2019، وبفضل رواسب الغاز الطبيعي البحرية الكبيرة وسياسات الطاقة الذكية، حققت مصر الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي وأصبحت مصدرًا صافيًا للطاقة. مع دمجها بالاستثمارات الضخمة في توليد الطاقة المتجددة، فإن مصر على عتبة أن تصبح مركزاً لتصدير الغاز الطبيعي والكهرباء على حد سواء وهو تطور، والذي إذا تحقق، يحمل القدرة على إعادة تشكيل جذري لنمط الربط بالطاقة بين أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط [52].

وعلى نحو موازٍ، تتجه مصر نحو أن تصبح مركزاً لممر نقل تجاري من شرق أفريقيا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط يربط مع البر الأوروبي في ميناء الشحن العابر الضخم الذي تديره الصين في بيرايوس، اليونان. فمن مرافقها في بيرايوس، توفر شركة الشحن البحري الصينية  (COSCO)  الشحن عبر منطقة البلقان ووسط أوروبا لتصل إلى النمسا وجمهورية التشيك وألمانيا وبولندا، ووسعت ممر شرق أفريقيا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط إلى الأسواق الرئيسية ومراكز التصنيع في شرق ووسط أوروبا [53].

وتحتفظ مصر بالعديد من الموانئ على ساحلها المتوسطي، وقد انخرطت في برنامج لزيادة إجمالي طاقتها من الحاويات للشراكة مع بيرايوس كمراكز إعادة شحن مهيمنة في شرق البحر الأبيض المتوسط. يبلغ إجمالي طاقة الحاويات في ميناء الإسكندرية وميناء الدخيلة التابع له 1.5 حاوية  لمعالجة غالبية التجارة الخارجية لمصر [54]. ويدير الميناء شركة هوتشيسون بورت هولدينغز (Hutchison Port Holdings) ومقرها هونغ كونغ، كمشروع مشترك بين شركة هوتشيسون، هيئة ميناء الإسكندرية، وشركة البلاغة السعودية القابضة (Blagha) [55]. كما  وقعت مصر اتفاقية مع شركة هوتشيسون لتطوير وتشغيل ميناء 2 مليون TEU في شبه جزيرة أبو قير القريبة المقرر تشغيله في عام  2022[56]. وشرقاً على ساحل البحر المتوسط هي موانئ دمياط الهامة بطاقة 1.2 مليون حاوية و ميناء شرق بورسعيد في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بطاقة 5.4 مليون حاوية [57]. إن محطة حاويات قناة السويس  (SCCT) في شرق بورسعيد تملك شركة (APM) 55٪ منها و(20%) تمتلكها شركة (COSCO) مع تقسيم حصة الـ 25% المتبقية بين هيئة قناة السويس والبنك الأهلي المصري والمشاركين في القطاع الخاص المصري. بالإضافة إلى كونها محطة نقل كبرى، فإن SCCT تقوم بخدمات المنطقة الصناعية في شرق بورسعيد ومشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ككل. ومنذ إطلاق الرئيس عبد الفتاح  السيسي استراتيجية التنمية المستدامة في مصر: «رؤية 2030» في عام 2015، أصبحت الصين أكبر مستثمر في مشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في مصر [58]. روسيا، التي وقعت معاهدة شراكة استراتيجية شاملة مع مصر عام 2018 [59]  تتمتع بعلاقة أوثق مع حكومة السيسي [60]، مع الانخراط في شراكة عسكرية عميقة مع مصر بالإضافة إلى استثمارات اقتصادية كبيرة بما في ذلك في منطقة شرق بورسعيد [61].

يشكل ميناء مصر الرئيسي على البحر الأحمر في السخنة بخليج السويس منطقة التنمية الجنوبية للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، كما يرتبط بالسكك الحديدية بشرق بورسعيد. وتخضع السخنة، التي تديرها شركة موانئ دبي العالمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، لعملية توسعة بقيمة 520 مليون دولار أمريكي، والتي ستوفر للميناء قريباً قدرة إجمالية تبلغ 1.75 مليون حاوية [62]. ويهدف توسيع الميناء إلى تقديم خدمة أفضل لخدمة شركة CMA CGM Jeddex التي تربط السخنة بمينائي مقديشو ومومباسا في شرق أفريقيا [63]. وجنباً إلى جنب، مع موانئ البحر الأبيض المتوسط في مصر في السويس وفي منطقة الإسكندرية الكبرى، تخلق خدمة (جديكس)  طريقاً بحرياً من شرق أفريقيا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط، ولكن الاتصالات الساحلية لشرق أفريقيا  محدودة مع الاقتصادات المزدهرة في شرق أفريقيا، والطريق غير كاف لتشكيل الدعامة الأساسية لممر تجاري.

الممر التجاري الناشئ من شرق أفريقيا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط الذي يتركز في مصر هو ممر متعدد الوسائط يعتمد قطاعه الأفريقي في المقام الأول على الربط بالسكك الحديدية والربط بالطرق الثانوية. فالطريق السريع من كيب تاون إلى القاهرة، الذي يبلغ 10228 كم والمعروف في أفريقيا بالطريق السريع-4 (TAH-4) يربط ثمانية بلدان أخرى من جنوب وشرق أفريقيا والقرن الأفريقي إلى مصر في نهاية الطريق السريع الشمالي في القاهرة. ومع ذلك، فإن الصراع المصري مع إثيوبيا حول سد النهضة الإثيوبي الكبير الذي تحتله الأخيرة على النيل الأزرق والتمرد العرقي الحالي في منطقة تيغراي الشمالية في إثيوبيا قد يعيق دور الطريق السريع-4 في الممر. وبناءً على ذلك، أعطت القاهرة الأولوية بالفعل لنقل وسائل النقل التجارية من الطرق البرية إلى السكك الحديدية.

وتعمل مصر على إنشاء رابط بالسكك الحديدية مع السودان يمكن أن يُنشئ ممراً جديداً للسكك الحديدية بين الشمال والجنوب مع بلدان النيل الأبيض التي تتحالف معها مصر بشكل أوثق، ويمتد إلى الجنوب إلى تنزانيا الشريكة لمصر وبلدان شرق أفريقيا الأخرى في حوض بحيرة فيكتوريا الأوسع نطاقاً. وقد تيسّر هذا التطور بسبب العلاقة الدافئة بين مصر والحكومة السودانية الجديدة بعد الإطاحة بالرئيس السوداني القوي السابق عمر البشير في نيسان/أبريل 2019، والدعم الذي قدمه شركاء مصر الاستراتيجيون المقربون في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، بمليارات الدولارات [64]. في 25 أكتوبر 2020، وقعت مصر والسودان اتفاقية جديدة للربط بوسائل النقل من شأنها إنشاء خطوط حديثة للسكك الحديدية بين البلدين [65]. سيتم بناء أول خط سكة حديد للمشروع بتمويل من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية وسوف تستمر من مدينة أسوان في جنوب مصر إلى مدينة وادي حلفا الحدودية السودانية، والتي هي حالياً محطة شمال خط السكك الحديدية السودانية من العاصمة الخرطوم. وإلى جانب تحديث واستكمال خطوط السكك الحديدية في جنوب السودان بين حدودها مع السودان وأوغندا، ستترأس مصر ممراً للسكك الحديدية يربط الاقتصادات المزدهرة في شرق أفريقيا بلساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط. ومع الربط البحري من موانئ مصر إلى بيرايوس، ستصبح مصر مركزاً متعدد الوسائط لممر تجاري يمتد من شرق أفريقيا إلى شرق ووسط أوروبا عبر شرق البحر الأبيض المتوسط.

وفي ديسمبر 2019، كلفت مصر شركة دورنييه للاستشارات الألمانية (Dornier Consulting) بوضع استراتيجية إصلاح شاملة لتحويل حركة الشحن في مصر من الطرق البرية إلى السكك الحديدية. ومن المتوقع أن يتم تسليم الخطة في أوائل منتصف عام 2021 [66]. من شأنها أن تؤدي عملية بناء خط سكة حديد عالي السرعة من ميناء السخنة المصري على البحر الأحمر إلى ميناء البحر الأبيض المتوسط في الإسكندرية إلى تسريع تطوير النقل بالسكك الحديدية باعتباره العنصر البري الرئيسي لممر شرق أفريقيا شرق البحر الأبيض المتوسط. وقد تم منح المناقصة التي تبلغ قيمتها 9 مليارات دولار في سبتمبر 2020 إلى كونسورتيوم صيني-مصري بقيادة الشركة الصينية للإنشاءات الهندسية المدنية [67].

وعلى الرغم من أن شركات أوروبية مثل «تاليس» [68] و«سيمنز» [69] شاركت في تطوير شبكة السكك الحديدية في مصر، فإن الصين تلعب الدور الأكثر استراتيجية في توصيلية النقل في مصر. ومع ذلك، لم تقم الصين بتطوير قاعدة إنتاج في مصر ترتكز على سلاسل القيمة الصناعية للسيطرة على المشهد التجاري فيها على الرغم من مشاركتها في المنطقة الاقتصادية الخاصة التي تم إنشاؤها في إطار استراتيجية التنمية المستدامة في القاهرة: رؤية 2030. لا تزال هناك فرصة كبيرة لأوروبا لتولي دور قيادي استراتيجي في تطوير ممر شرق أفريقيا إلى شرق البحر الأبيض المتوسط من خلال تحفيز الاتحاد الأوروبي للشركات الأوروبية لفتح مصانع في القطاعات الرئيسية في مصر. وعلى الرغم من وباء كوفيد-19 فإن وزارة المالية المصرية تتوقع أن ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 3.3٪ في السنة المالية 2020-2021[70]. وبسبب الإمدادات الكبيرة من العمالة وسوق الاستهلاك في مصر، إلى جانب مواردها الوفيرة من الطاقة، كل هذا قد يجعل الممر الشرقي أكثر الاستثمارات جذباً بين الممرات الثلاثة العابرة للبحر الأبيض المتوسط.

الاستنتاجات

في 9 آذار/مارس 2020، أصدرت المفوضية الأوروبية والممثل السامي للاتحاد الأوروبي اقتراحاً مشتركاً بشأن «استراتيجية جديدة شاملة للاتحاد الأوروبي مع أفريقيا»، استناداً إلى برنامج «خمس شراكات» من أجل:

1)    الانتقال الأخضر والحصول على الطاقة؛

2) التحول الرقمي؛

3) النمو المستدام وفرص العمل؛

4) السلام والحكم؛

5) الهجرة والتنقل [1] .

الشركاء الأجانب الرئيسيون لأفريقيا هي البلدان التي تستثمر في البنية التحتية التي ترتبط مباشرة بسلاسل القيمة الصناعية من أفريقيا إلى أوروبا. ولكي يحقق الاتحاد الأوروبي طموحه في الشراكة مع أفريقيا على أساس إطار الشراكات الخمس، يجب على نظام الاتحاد الأوروبي أن يتجسد نهجه القائم على القيم من خلال الاستثمارات الأوروبية في الربط عبر المتوسط التي تخلق تصنيعاً محلياً يشارك في سلاسل القيمة الأوروبية.

وفي غياب سياسة متماسكة لنظام الاتحاد الأوروبي لتحفيز الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والشركات الأوروبية على التعاون في الشراكة الفعالة مع دول شمال أفريقيا، فإن الدول الأعضاء الرائدة في الاتحاد الأوروبي سوف تتشارك مع جهات فاعلة خارج الاتحاد لإنشاء ممرات من أفريقيا إلى أوروبا. وسوف تملأ الصين وروسيا وتركيا ودول مجلس التعاون الخليجي أي مساحة يتركها الاتحاد الأوروبي في تطوير الاتصال عبر المتوسط. ومن المرجح أن يؤدي غياب شراكات الاتحاد الأوروبي مع دول شمال أفريقيا على نطاق استراتيجي ذي أهمية إلى الربط عبر المتوسط الذي لا يمثل القيم الأوروبية ولا يخدم مصالح أوروبا والفرصة متاحة أمام الاتحاد الأوروبي الآن. سيفضي تنفيذ شراكة قوية بين الاتحاد الأوروبي وشمال أفريقيا، التي تنتج سلاسل القيمة من أفريقيا إلى أوروبا، إلى إنشاء هياكل عبر إقليمية للربط التجاري استناداً إلى قيم إطار الشراكات الخمسة الذي سيعمل على مدى أجيال، وسيحسن نوعية الحياة لشعوب القارتين.

التوصيات

·        التركيز على سلاسل القيمة الصناعية

لا تظهر الممرات إلا عندما تقترن الاستثمارات الكبيرة المطلوبة في الموانئ والسكك الحديدية والبنية التحتية للطرق بقاعدة صناعية ترتكز على سلاسل قيمة للتصنيع. ويعتمد التأثير الأوروبي في الربط عبر المتوسط على الاستثمار في مرافق الإنتاج في شمال أفريقيا المرتبطة بسلاسل القيمة الصناعية الأوروبية.

·        توثيق التنسيق بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والشركات الأوروبية

ينبغي لنظام الاتحاد الأوروبي أن يحفز على زيادة التنسيق بين الدول الأعضاء والشركات الأوروبية للقيام باستثمارات على نطاق ذي أهمية استراتيجية في مجال الربط بالمواصلات وفي مرافق التصنيع التي سوف تستخدم هذا الربط التجاري في سلاسل القيمة الصناعية الأوروبية.

·        تجسيد قيم الاتحاد الأوروبي (وأنظمة التنظيم) في سلاسل القيمة التصنيعية

في حين أن الاتحاد ينظر إلى قيم الاتحاد الأوروبي، التي كثيراً ما تتجلى من خلال النظم المنتظمة، باعتبارها أحد مساهماته الأولية، فإن هذه القيم ستكون مقبولة بسهولة أكبر عندما تعتمدها الشركات الأوروبية التي تشغل مرافق إنتاج التصنيع في شمال أفريقيا.

·        تحفيز تصنيع السيارات الكهربائية الأوروبية في أفريقيا

التصنيع الآلي هو أحد القطاعات الرئيسية للنمو في شمال أفريقيا والربط عبر المتوسط. وتشجيع التحول الأخضر من خلال تحفيز مصنعي السيارات الكهربائية الأوروبية على فتح مرافق الإنتاج في المغرب أو الجزائر أو مصر لتوظيف عمال شمال أفريقيا.

·        تحفيز إنتاج الهيدروجين ومرافق النقل في أفريقيا

تعمل بلدان شمال أفريقيا على توسيع قدرتها على إنتاج الطاقة من الموارد المتجددة فضلاً عن الهياكل الأساسية  لتخزين ونقل الغاز الطبيعي المسال. تعزيز التحول الأخضر من خلال تحفيز المشاريع الأوروبية الأفريقية المشتركة في إنتاج الهيدروجين من موارد الطاقة المتجددة والبنية التحتية لتخزين الهيدروجين ونقله.

***

نبذة عن الكاتب:

البروفسور مايكل تنشوم يدّرس العلاقات الدولية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في جامعة نافارا، إسبانيا، وهو زميل في المعهد النمساوي للدراسات الأوروبية والأمنية (AIES). يشغل أيضاً منصب زميل في معهد ترومان للبحوث من أجل النهوض بالسلام، في الجامعة العبرية، القدس، وفي مركز تنفيذ السياسات الاستراتيجية في جامعة باشكنت في أنقرة، تركيا.

رابط المقال بالإنكليزية، بي دي إف

المقال بصيغة بي دي إف-عربي

خدمة الفسطاط للترجمة


[1] European Commission and High Representative of the Union for Foreign Affairs and Security Policy " Towards a comprehensive Strategy with Africa," Joint Communication to the European Parliament and the Council JOIN (2020) 4 final, 9 March 2020 

الحواشي:


[1] Robert Muggah and Katie Hill, " African cities will double in population by 2050. Here are 4 ways to make sure they thrive," World Economic Forum, 27 June 2018, https://www.weforum.org/agenda/2018/06/Africaurbanization-cities-double-population-2050-4%20ways-thrive/

[2] From 2006 to 2018, Russia's trade with Africa grew by more than 300% and Turkey's by more than 200%,

while the European Union's trade with Africa grew by 41%; N.A. "The new scramble for Africa," The Economist,

7 March 2019, https://www.economist.com/leaders/2019/03/07/the-new-scramble-for-africa

[3] N.A. "The new scramble for Africa," The Economist, 7 March 2019, https://www.economist.com/leaders/2019/03/07/the-new-scramble-for-africa

[4] N.A.,“Morocco launches Africa’s first high-speed train”, The Independent, 3 December 2018,

https://www.independent.co.ug/morocco-launches-africas-first-high-speed-train/

[5] David Burroughs, "Tangier – Kénitra line meets expectations", International Railway Journal,30 November 2019

https://www.railjournal.com/in_depth/tangier-kenitra-line

[6] Tanger Med Special Agency, Tanger Med, https://www.tangermed.ma/en/tanger-med-2-poursuite-dedynamique-engagee/

[7] Max Schwerdtfeger, “PTI Insight: Morocco’s maritime master plan”, Port Technology, 8 April 2020,

https://www.porttechnology.org/news/pti-insight-moroccos-maritime-master-plan/

[8] China Merchants Group is a 40% shareholder in Tanger Med 2; N.A., " Chairman Li Jianhong Visits TANGER",

China Merchants Group, 5 August 2017, https://www.cmhk.com/home/a/2017/h07/a34075_34173.shtml?1

[9] Tanger Med Special Agency, Tanger Med.

[10] Kawtar Ennaji, “PSA Kenitra Plant Officially Opens”, Morocco World News, 20 June2019,

https://www.moroccoworldnews.com/2019/06/276284/psa-kenitra-plant-officially/

[11] El Mehdi Berrada, “Morocco now has the largest capacity for shipping containers in the Mediterranean”,

The Africa Report, 7 August 2019, https://www.theafricareport.com/16021/tanger-meds-rachid-houari-saysmorocco-

offers-the-largest-capacity-for-shipping-containers-in-the-mediterranean/

[12] Lahcen Mokena, “Morocco’s King Places Railway Project at Top of Priorities”, Asharq Al-Awsat, 8 November

2019, https://english.aawsat.com//home/article/1982166/morocco’s-king-places-railway-project-top-priorities

[13] N.A.“Morocco’s 2040 Rail Strategy”, ONCF, n.d., https://www.oncf.ma/en/Development/Strategy/Morroco-s-

2040-rail-strategy

[14] Lahssen Moqana, “Moroccan King, French President Inaugurate Al Boraq High Speed Train”, Asharq Al-

Awsat, 16 November 2018, https://english.aawsat.com//home/article/1465551/moroccan-king-frenchpresident-

inaugurate-al-boraq-high-speed-train

[15] An analysis of GCC investments in Morocco is the topic of a separate forthcoming report by the author.

16N.A., "European Union, Trade with Morocco", European Commission: Directorate General for Trade.

[16] N.A., "European Union, Trade with Morocco", European Commission: Directorate General for Trade.

https://webgate.ec.europa.eu/isdb_results/factsheets/country/details_morocco_en.pdf

[17] N.A., " COUNTRY RISK OF MOROCCO: INTERNATIONAL TRADE", Societe Generale, June 2020,

https://import-export.societegenerale.fr/en/country/morocco/trade-countryrisk#:~:

text=Morocco's%20main%20trade%20partners%20are,the%20United%20States%20and%20Italy.

[18] N.A., "Morocco attracts automotive manufacturers and suppliers," Oxford Business Group,

https://oxfordbusinessgroup.com/analysis/driver%E2%80%99s-seat-automotive-manufacturers-andsuppliers-flock-kingdom

[19] Companies include: (Germany) Kromberg and Schubert (Germany) Valeo (France) Faurecia (France), Inergy Automotive System (France), Magnetti Marelli (Italy) COMSA EMTE (Spain) Clarton Horn (Spain) Processos industriales Del Sur (Spain) Deltrian (Belgium)

[20] Douglas A. Bolduc, " China's BYD plans EV plant in Morocco", Automotive News Europe, 9 December 2017

https://europe.autonews.com/article/20171209/ANE/171209787/china-s-byd-plans-ev-plant-in-morocco

[21] N.A., “Morocco, China agree on financing for $10 billion tech city”, The Arab Weekly, 26/03/2017

https://thearabweekly.com/morocco-china-agree-financing-10-billion-tech-city

[22] Linus Kemboi, "Morocco begins construction of new tech city in Tangier", Construction Review Online, 9 July

2019, https://constructionreviewonline.com/2019/07/morocco-begins-construction-of-new-tech-city-intangier/

[23] Ahmed Eljechtimi and Ulf Lessing , “Morocco hopes to attract $10 billion in investment to new tech city”,

Reuters, 2 July, 2019, https://www.reuters.com/article/us-morocco-china/morocco-hopes-to-attract-10-billionin-investment-to-new-tech-city-idUSKCN1TW3UF

[24] Ali Abjiou, "BYD, le dossier du 3e constructeur tra מne" [BYD, the third manufacturer’s file is lagging behind], L‘Economiste, 26 September 2019, https://www.leconomiste.com/article/1050794-byd-le-dossier-du-

3e-constructeur-traine

[25] Nador West Med SA, Nador West Med, http://www.nadorwestmed.ma/fr/accueil

[26] Kasraoui, Safaa, “Morocco Secures Deal with Russian Development Bank to Build Oil Refinery”, Morocco

World News, 24 October, 2019, https://www.moroccoworldnews.com/2019/10/285222/morocco-deal-russiaveb-mya-energy-oil-refinery/

[27] Domenico Palmiotti, Da luglio tornano i container di Yilport dopo cinque anni, Il Sole 24 Ore, 3 June 2020,

https://www.ilsole24ore.com/art/da-luglio-tornano-container-yilport-cinque-anni-ADaU2AV

[28] N.A., "CEF support to Scandinavian-Mediterranean corridor," European Commission, February 2018,

https://ec.europa.eu/inea/sites/inea/files/cefpub/201803_corridor_report_scanmed_withcover_1_0.pdf

[29] N.A., "Investment in Italian Port Resumes," PortStrategy, 29 May 2020,

https://www.portstrategy.com/news101/world/europe/investment-in-italian-terminal-resumes

[30] Julia Louppova, Yilport on the way to Italy, port.today, 6 August 2018, https://port.today/yilport-developtaranto-container-terminal/

[31] Janet Porter, "The Interview: Robert Yildirim," Lloyd's List, n.d.,

https://lloydslist.maritimeintelligence.informa.com/LL1127615/The-Interview-Robert-Yildirim

[32] Mimmo Mazza, Da luglio a Taranto riparte il porto. Tornano le portacontainer con 2 approdi settimanali, La Gazzetta del Mezzogiorno, 29 June 2020, https://www.lagazzettadelmezzogiorno.it/news/taranto/1230842/daluglio-a-taranto-riparte-il-porto-tornano-le-portacontainer-con-2-approdi-settimanali.html

[33] N.A., "Marsaxlokk-Malta," Yilport Holding Inc., 2017, https://www.yilport.com/en/ports/default/Marsaxlokk-Malta/121/0/0

[34] N.A., Direction of Trade Statistics, International Monetary Fund, 2019

[35] Following Eni’s successful development of the Berkine basin, Eni and Sonatrach's agreement for expanded

cooperation is based the fast track development model applied at Berkine.

N.A., “Our Work in Algeria,” Eni, n.d., https://www.eni.com/en-IT/global-presence/africa/algeria.html

[36] N.A. Italian-Tunisian Elmed Interconnector Given Go-Ahead, Industry Europe,9.05.2019,

https://industryeurope.com/italian-tunisian-elmed-interconnector-given-go-ahead/

[37] N.A., Marché n. 5 - Lotto Est Autostrada Est-Ovest, Anas international enterprise, n.d.,

https://www.anasinternational.com/it/algeria?layout=edit&id=29; N.A., Algeria East West Highway, Lot East, ITALCONSULT, n.d., http://www.italconsult.com/en/projects/algeria-east-west-highway-lot-east

[38] Until Libya's security environment sufficiently stabilizes and the Tripoli-Ndjamena segment of the Trans-

African Highway system's TAH-3 route is completed, the only option for creating a Europe-to-Africa commercial corridor through the Central Maghreb is via Algeria's segment of the Trans-Saharan Highway.

[39] N.A., “Defence Minister denies foreign military presence in Tunisia”, Agence Tunis Afrique Presse, 11 June

2020, https://www.tap.info.tn/en/Portal-Politics/12769501-defence-minister

[40] Daily Sabah, “Tunisia signs deal to purchase armored vehicles by Turkey’s BMC”, Daily Sabah, 5 January

2020, https://www.dailysabah.com/defense/2020/01/05/tunisia-signs-deal-to-purchase-armored-vehicles-byturkeys-bmc; Burak Ege Bekdil, “Turkey’s TAI sells six Anka-S drones to Tunisia”, Defense News, 16 March 2020,

https://www.defensenews.com/unmanned/2020/03/16/turkeys-tai-sells-six-anka-s-drones-to-tunisia/

[41] N.A., Direction of Trade Statistics, International Monetary Fund, 2019

[42] Michaël Tanchum, "Turkey‘s String of Pearls: Turkey‘s Overseas Naval Installations Reconfigure the Security Architecture of Mediterranean-Red Sea Corridor,"AIES Fokus 4/2019, Austrian Institute for European and Security Policy (AIES), 21 May 2019, https://www.aies.at/publikationen/2019/fokus-19-04.php

[43] N.A., "Amir's visit vonfirms Tunisia's distinguished ties with Qatar," Gulf Times, 25 February 2020,

https://m.gulf-times.com/story/656843/Amir-s-visit-confirms-Tunisia-s-distinguished-ties-with-Qatar

[44] N.A., "Country Profile Tunisia," Nordea, July 2020, https://www.nordeatrade.com/en/explore-newmarket/

tunisia/investment

[45] Hichem Bezarti, " ECONOMIE Port en eaux profondes d’Enfidha : Début des travaux en septembre 2020," La Presse, 20 February2020https://lapresse.tn/49232/port-en-eaux-profondes-denfidha-debut-des-travauxen-septembre-2020/

[46] Yilport already enjoys a relationship with Chinese shipping giant COSCO, see "COSCO and Yildirim in talks,"Ports Europe, 20 September 2019, https://www.portseurope.com/cosco-and-yildirim-in-talks/. For media reports about China's possibile acquisition of stakes in the the Taranto and Bizerte ports, see, among others,Antonello Cassano, Taranto, la santa alleanza Turchia-Cina per il porto, La Repubblica, 29 September 2019, https://bari.repubblica.it/cronaca/2019/09/29/news/taranto_la_santa_alleanza_turchia-cina_per_il_porto-237228823/ ; PK Semler, "Great Game for control of strategic port," Asia Times, 13 March 2018, https://asiatimes.com/2018/03/great-game-struggle-control-strategic-tunisian-port/

[47] N.A. "Algerian East-West Expressway Project, CITIC Construction, n.d., http://construction.citic/en/content/details_47_2362.html

[48] Bonface, "China to construct mega sea port in Algeria," Construction Review, 5 April 2016,

https://constructionreviewonline.com/2016/01/china-construct-mega-sea-portalgeria/#:~:

text=Algeria's%20Transport%20Ministry%2C%20China%20State,center%20transshipment%20port%20of%20Cherchell.

[49] N.A.,"Algeria ratifies BRI agreement with China," Xinhua, 10 July 2019, http://www.xinhuanet.com/english/2019-07/10/c_138212879.htm

[50] N.A., "Algeria, China ink economic and technical cooperation agreement," APS, 11 October 2020

http://www.aps.dz/en/economy/36083-algeria-china-inks-economic-and-technical-cooperation-agreement

[51] N.A., " Infrastrutture: Tanchum (Aies) a “Nova”, porto di Hamdania progetto win-win per Algeria e Cina,"

Agenzia Nova, 7 October 2020, https://www.agenzianova.com/a/5f7d82ada87644.05066204/3131170/2020-

10-07/infrastrutture-tanchum-aies-a-nova-porto-di-hamdania-progetto-win-win-per-algeria-e-cina/linked

[52] Michaël Tanchum, "Egypt’s Prospects as an Energy Export Hub Across Three Continents," Istituto per gli

Studi di Politica Internazionale (ISPI), 24 September 2020, https://www.ispionline.it/en/pubblicazione/egyptsprospects-energy-export-hub-across-three-continents-27408

[53] N.A., "COSCO SHIPPING Lines Transportation Rail," COSCO SHIPPING, n.d.,

https://www.coscoshipping.gr/rail/

[54] N.A., “Alexandria Port Authority”, Alexandria Port Authority, n.d., http://apa.gov.eg/en/

[55] Turloch Mooney, “Hutchison buys stake in Egypt terminal operator”, JOC, 9 March 2016,

https://www.joc.com/port-news/terminal-operators/hutchison-port-holdings/hph-buys-stake-egypt-terminaloperator_20160309.html

[56] N.A., " Sisi witnesses signing of MoU in Abu Qir Port," Egypt Today, 7 August 2019,

https://www.egypttoday.com/Article/1/73665/Sisi-witnesses-signing-of-MoU-in-Abu-Qir-Port;

N.A. " Hutchison Ports and Egyptian navy in $730m box terminal development," The Loadstar, 28 August

2020, https://theloadstar.com/hutchison-ports-announces-us730-million-investment-in-collaboration-withegyptian-navy-to-develop-new-container-terminal/

[57] N.A., "Public and private initiatives boost efficiency of Egypt's transport network," Oxford Business Group,

n.d., https://oxfordbusinessgroup.com/overview/priority-works-public-and-private-initiatives-are-setenhance-infrastructure-and-boost-efficiency; N.A., "General Information," Suez Canal Container Terminal, n.d., https://scct.com.eg/general-information/

[58] N.A., " Spotlight: China, Egypt join hands to write new chapter of Suez Canal development

," Xinhua, 18 November 2019, http://www.xinhuanet.com/english/2019-11/18/c_138563688.htm

[59] Noha El Tawil, " Putin ratifies ‘Comprehensive Strategic Partnership’ with Egypt," Egypt Today, 3 August

2019, https://www.egypttoday.com/Article/2/73479/Putin-ratifies-%E2%80%98Comprehensive-Strategic-Partnership%E2%80%99-with-Egypt

[60] Youssef Hamza, " Russia and Egypt grow closer as Kremlin asserts regional influence," The National, 21

October 2018, https://www.thenational.ae/world/mena/russia-and-egypt-grow-closer-as-kremlin-assertsregional-influence-1.782848

[61] Mohamed Maher, " How Russia Challenges the United States’ Investment in Egypt," Fikra Forum – The Washington Institute for Near East Policy, 11 December 2018,

https://www.washingtoninstitute.org/fikraforum/view/how-russia-increasingly-challenges-the-united-statesinvestment-in-egypt

[62] Mohamed Abdel Meguid "Ain Sokhna Port to open 2nd basin within few months: SCZone Chair," Daily

Egypt, 2 September 2020, https://dailynewsegypt.com/2020/09/02/ain-sokhna-port-to-open-2nd-basin-withinfew-months-sczone-chair/

[63] N.A., "CMA CGM JEDDEX service update," AJOT, 23 June 2020, https://ajot.com/news/cma-cgm-jeddexservice-update

[64] Khalid Abdelaziz, "Saudi Arabia, UAE to send $3 billion in aid to Sudan," Reuters, 21 April 2019,

https://www.reuters.com/article/us-sudan-protests/saudi-arabia-uae-to-send-3-billion-in-aid-to-sudanidUSKCN1RX0DG

[65] N.A., “Egypt, Sudan sign railway cooperation document”, Egypt Today, 25 October, 2020,

https://www.egypttoday.com/Article/3/93495/Egypt-Sudan-sign-railway-cooperation-document

[66] N.A., “Business Line Mobility advising Egyptian National Railways”, Dornier Consulting, 3 December, 2019, https://www.dornier-consulting.com/en/business-line-mobility-advising-egyptian-national-railways/

[67] N.A. "Egyptian-Chinese consortium wins bid to construct Egypt’s first electric high-speed rail," Egypt

Independent, 5 September 2020, https://egyptindependent.com/egyptian-chinese-consortium-wins-bid-toconstruct-egypts-first-electric-high-speed-rail/

[68] N.A., “Egypt National Railways Relies on Thales to Modernise and Cybersecure Railway Network”, Thales

Group, 16 November, 2017, https://www.thalesgroup.com/en/worldwide/press-release/egypt-nationalrailways-relies-thales-modernise-and-cybersecure-railway

[69] Barrow, Keith, “ENR awards Cairo-Benha resignalling contract”, International Rail Journal, 19 April, 2018,

https://www.railjournal.com/signalling/enr-awards-cairo-benha-resignalling-contract/

[70] N.A." UPDATE 2-Egypt expects 3.3% economic growth in 2020/21 fiscal year," Reuters, 9 November 2020, https://uk.reuters.com/article/egypt-economy/update-2-egypt-expects-3-3-economic-growth-in-2020-21-fiscal-year-idUKL8N2HV7I0