"فرضت بروكسل وواشنطن نظامًا أخضع أهداف الألبان طويلة المدى للخطط الاقتصادية والسياسية للقوى الغربية."
السؤال الألباني يلوح في أفق البلقان مرة أخرى[1]
بقلم: عيسى بلومي
أستاذ مساعد للدراسات التركية والشرق الأوسطية في جامعة ستولكهوم
نقله إلى العربية عبد الرحمن كيلاني
شخصيات مذكورة في المقال:
إدي راما (Edi Rama): رئيس وزراء ألبانيا ووزير خارجيتها.
ألبين كورتي (Albin Kurti): زعيم حزب تقرير المصير المعارض في كوسوفو، ورئيس وزرائها المؤقت (من شباط/فبراير 2020 – حزيران/يونيو 2020)، خلفه عبد الله هوتي.
ألكسندر فوتشيتش (Aleksandar Vučić): رئيس وزراء صربيا. الحالي.
هاشم ثاتشي (Hashim Thaçi): رئيس كوسوفو السابق، ورئيس حزب رابطة كوسوفو الديمقراطية.
راموش هاراديناي (Ramush Haradinaj): رئيس وزراء كوسوفو السابق.
شارك مئات الآلاف من مواطني البلدان التي يسكنها الألبان - كوسوفو ومقدونيا الشمالية وألبانيا والجبل الأسود - في مظاهرات استمرت طوال عام 2010، حيث عبروا باحتجاجاتهم عن إحباطهم العميق من حقبة جديدة من التقشف الاقتصادي المؤلم، وعن عدم إحراز أي تقدم نحو الانضمام للاتحاد الأوروبي، وكذلك احتجت تلك الجموع على الأوليغارشية السياسية المترسخة التي تسعها جاهدة بإحباط أي محاولة لكبح جماحها. لقد أسفرت الانتخابات في ألبانيا وكوسوفو عن نتائج متباينة، حيث كان متأملاً أن تساعد هذه الانتخابات في إحداث تغيير خلال الصيف. ففي ألبانيا قاطعت المعارضة الضعيفة الانتخابات المحلية، مما سمح لرئيس الوزراء إدي راما أن يعزز موقف، فهو لم يكن يحظى بشعبية بين الألبان، وقد كان شغل منصب رئيس الوزراء منذ عام 2013، وهو يشغل الآن منصب وزير الخارجية أيضاً.
في المقابل ، عكست نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة في كوسوفو في أكتوبر/ تشرين الأول شعور الإحباط عند الناخبين وبدقة. لقد فاز رائد الأحزاب المعارضة حزب تقرير المصير (Lëvizja Vetëvendosja) وزعيمه البين كورتي ذو الشخصية الكاريزمية ليتحدى وبشكل مباشر سادة كوسوفو في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ومع ذلك ، فإن جهود الحزب ورئيسه لتشكيل حكومة جديدة تصطدم بتكتيكات المماطلة لثاني أكبر حزب معارض وهو حزب الرابطة الديمقراطية لكوسوفو (Democratic League of Kosovo/LDK)). إن هذا الحزب الموالي لواشنطن – بكل المقاييس- منذ التسعينيات تبنى موقف السفارة الأمريكية المعادي لاحتمال التعامل مع حكومة يقودها كورتي. لكن، وأخيراً، وفي 5 فبراير/شباط الماضي، تم تشكيل حكومة ائتلافية جديدة مما سمح لكورتي بتولي منصب رئيس الوزراء، لكن من المتوقع أن تكون الشراكة صعبة بين الطرفين، حيث يسعى حزب الرابطة الديمقراطية إلى منع حزب تقرير المصير من سن سياساته التصحيحية الجذرية، وهذا سيتسبب بمشكلة لعام 2020.
إن ما يحدث في كوسوفو سوف يقطع شوطًا طويلاً في تحديد مدى انتشار عدم الاستقرار مرة أخرى في البلقان. وبدعم من الراعين المتنافسين في بروكسل وواشنطن ، فإن النخب السياسية القديمة والمكروهة على نطاق واسع في كوسوفو وألبانيا تواجه دوائر انتخابية معزولة عنها بالكامل. ومما يثير القلق أن هذا الغضب موجه أيضاً إلى الدائرة الكبرى من القوى الخارجية التي تأمل في الحفاظ على استقرار البلقان. كانت العلاقات مع الاتحاد الأوروبي تتدهور بسرعة منذ أن تراجع الاتحاد فجأة عن وعوده السابقة بقبول أعضاء جدد من بلدان غرب البلقان. وقد أدى هذا الرفض الاستثنائي في أواخر أكتوبر الماضي من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إنهاء أي مناقشات أخرى، مما يشير إلى أن النظام السياسي الإقليمي الذي اعتمدت عليه الولايات المتحدة وشركاؤها في الناتو منذ فترة طويلة لحماية مصالحهم في عالم البحر الأبيض المتوسط الأكبر يمر بمرحلة انتقالية في أحسن الأحوال. ومن الأرحج أن تكون عواقب تراجع الاتحاد الأوروبي عن قبول أعضاء جدد من غرب البلقان مزعزعة للاستقرار محلياً وخارجياً. قد تتخذ معارضة النخبة السياسية الراسخة منعطفاً أكثر عنفاً إذا أدرك المواطنون أن التصويت في الانتخابات لن يؤدي إلى تغيير حقيقي. من شأن ذلك أن يفضح التباين الواضح في المصالح الاستراتيجية الذي نشأ بين شركاء الناتو خلال عهد ترامب. ومع احتمال عدم إجراء مفاوضات لعضوية الاتحاد الأوروبي فإن بروكسل تخاطر بفقدان نفوذها في ألبانيا وكوسوفو ومقدونيا الشمالية، وهذا من شأنه أن يمنح تركيا وروسيا نفوذاً أكبر في المنطقة، حيث تتسابق القوى الخارجية مرة أخرى لتشكيل سياساتها هناك.
مشكلة فقدان الثقة
إن الوضع المتدهور بسرعة في غرب البلقان هو نتاج التفكك العنيف للنظام الذي أنتجته الحرب الباردة، حيث أن التحولات التي حدثت في التسعينيات وضعت المنطقة في مركز الحسابات الإستراتيجية لمنظمة حلف شمال الأطلسي ، وبحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ظهر أن بروكسل وواشنطن قد فرضتا نظاماً أخضع أهداف الألبانيين طويلة الأمد لأجندات اقتصادية وسياسية لبلدان القوى الغربية. فبدلاً من ألبانيا الموحدة، وعضوية الاتحاد الأوروبي، والمشاركة الاقتصادية العادلة مع عالم أوسع، كان على الألبان أن يتحملوا بطالة هائلة يخضع فيها اقتصادهم لـ "تعديلات" ليبرالية جديدة، وأن يواجهوا عداءَ كره الأجانب من وسائل الإعلام الأوروبية، وفضائح متكررة ارتكبها القادة السياسيون.
كان مصدر إحباطات الألبان هو الثوار السابقون، أو قادة الحزب الاشتراكي/الشيوعي، الذين اختارهم تحالف شمال الأطلسي للمساعدة في الإشراف على التحول في المنطقة. لقد نجحت شراكة العمل بين بروكسل وواشنطن مع هذه النخب السياسية، الأقل تمثيلاً بين السكان، في إدارة التكامل الاقتصادي للمنطقة بالاقتصاد العالمي. ونظراً لأن كلاً من كوسوفو وألبانيا تتربعان على مخزون ضخم من المعادن الثمينة والكربون، فإن منْحَ المستثمرين الأجانب الحق المطلق في الوصول إلى هذه الثروات تطلّب خضوع وتبعية المصالح الاقتصادية الألبانية لأجل طويل. وتصادَف أن الأراضي التي يسكنها الألبان تمتد عبر نقاط العبورالاستراتيجية لشبكات توزيع الطاقة المستقبلية في أوروبا ، سواء من روسيا أو من الشرق الأوسط ، عبر تركيا وقبرص. (ولطالما كانت تركيا المستفيد الرئيسي من هيمنة الناتو في البلقان). ونظراً لهذه الديناميكية الجيوستراتيجية، احتاجت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى أن تظل حكومات المنطقة متعاونة معهم، إن لم تكن خاضعة لهم ظاهرياً.
في مقابل هذا الولاء، منحت بروكسل وواشنطن حصانة سياسية للوكلاء المحليين الراغبين والقادرين على خدمة أهدافهم الاستراتيجية ، حتى ولو أدى هذا إلى خيانة مصالح الألبان طويلة الأجل. كانت أكثر الأمثلة فظاعة لهذه الأمر -في ألبانيا وكوسوفو- هي تلك المفاوضات السرية التي أجريت لإعادة رسم المستقبل السياسي لهذين البلدين، ومع ذلك ، وفي ظل غياب الرقابة الديمقراطية المناسبة ، فإن إساءة استخدام السلطة من قبل القادة السياسيين ، وحضور الفساد ، واستمرار الظروف الاقتصادية التي لا تطاق ، كل هذا كلَّف الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قدرتهما على السيطرة على الأحداث في البلقان، لأن الناس هناك لا يثقون بحكوماتهم.
ففي ألبانيا ، قام راما بالاستيلاء على السلطة بشكل زعزع الاستقرار، وهو الذي كان يحتفل به رعاته الغربيون كمصلح تقدمي. وفي أواخر عام 2019، أعلن راما عن مراجعات لقوانين خدمات الاتصالات والمعلومات من أجل تنظيم سوق الإعلام عبر الإنترنت. وقد تمت إدانة هذه الإجراءات باعتبارها محاولة لفرض رقابة على حرية التعبير للنشطاء السياسيين المعتمِدين على منصات التواصل الاجتماعي. ومن المحتمل أن راما كان يدفع بهذه "الإصلاحات" (التي انتقدها الغربيون بخجل) ردًا على الجدل الناشئ عن الزلزال المدمر الذي ضرب شمال ألبانيا في أواخر نوفمبر 2019. وعلى الرغم من أن العمل السياسي تراجع خلال فترة الحداد الجماعي بعد الزلزال ، لكن سرعان ما عادت المشاكل الهيكلية العميقة في قلب أزمة ألبانيا إلى الظهور مرة أخرى وبحماس. لقد كشف انهيار مئات المباني ومقتل ما لا يقل عن 52 شخصاً عن مدى الفساد الحكومي خلال العشرين السنة الماضية ، وهي الفترة التي حولت فيها السياسات الاقتصادية الليبرالية الجديدة مدناً، مثل العاصمة تيرانا، إلى مناطق جذب للاستثمار العقاري المُضارب. ومع كل فضيحة جديدة ، تستمر المظاهرات التي بدأت في عام 2017 في التقدم حيث يقودها الطلاب حصراً مرددة صدى حركات الاحتجاج المتزامنة في فرنسا ولبنان وعالم البحر الأبيض المتوسط الأكبر.
شراكات غريبة
من بين الإصلاحات الأخرى المزعومة التي يسعى راما لفرضها على الألبان في هذه الأوقات المتوترة، تحالف اقتصادي وسياسي مع الدول المجاورة: صربيا والجبل الأسود ومقدونيا الشمالية. إن اتفاقهم المفاجئ لإقامة منطقة تجارية حرة من الناحية النظرية قد صمم للسماح لدول غرب البلقان الستة -التي ما زالت مستبعدة من دخول الاتحاد الأوروبي- بتشكيل كتلة اقتصادية خاصة بها، على الرغم من أن البوسنة وكوسوفو غير مشاركتين فيها. لقد دفع راما بهذه الأجندة، المسماة "شنغن المصغرة" لصرف الانتباه عن فشل حكومته في الانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي ، والذي تم الكشف عنه عندما منع الاتحاد الأوروبي رسميًا المزيد من المفاوضات في أكتوبر. ومع انعقاد الاجتماعات الأخيرة حول منطقة التجارة الجديدة في تيرانا في أواخر ديسمبر 2019 ، ألمحت صور راما وهو يصافح رئيس الوزراء الصربي ألكسندر فوتشيتش ، المعروف باسم القومي السامّ، إلى بداية ديناميكية جديدة في السياسة الألبانية .
ربما يكون العنصر الأكثر زعزعة للاستقرار في اتفاقية شنغن المصغرة هو أنها تبدو وكأنها تعزل كوسوفو (والبوسنة). وعلى الرغم من المخاوف بشأن جداول الأعمال القومية الصربية ، مضى راما قدماً ووقع الصفقة مع فوتشيتش ، تاركاً كوسوفو وحكومتها الجديدة بدون حليف يوثق به. وقد شهدت كوسوفو – وهي موطن لأكبر عدد من الألبانيين في غرب البلقان، انعكاساتٍ لنجاحات سياسة سابقة تم تسويقها لشبابها كمكافأة لهم على سلبيتهم السياسية. وبدلاً من الترحيب بكوسوفو كدولة حرة ومستقلة من قبل الاتحاد الأوروبي ، يراقب الألبان فوتشيتش ، الذي أقام راما معه بشغفٍ تحالفًا جديدًا ، حيث قام بتصميم سلسلة من المبادرات الدبلوماسية ليزيد عزلة كوسوفو. ومع الموافقة الصامتة من إدارة ترامب وصرف نظر الاتحاد الأوروبي إلى الاتجاه الآخر ، أقنعت بلغراد العديد من الدول بالتراجع عن اعترافها السابق باستقلال كوسوفو (الذي أعلنته في عام 2008) ، ومنعت دخولها إلى المنظمات الدولية مثل الإنتربول.
إن فوتشيتش، وهو الرئيس السابق للدعاية في عهد سلوبودان ميلوسيفيتش، استفاد بذكاء من موقع صربيا الجغرافي الاستراتيجي لزيادة الضغط على الألبان في كوسوفو. والآن بعد أن قوض راما، الذي لا يحظى بشعبية، الطموحات السياسية والاقتصادية لألبان كوسوفو من خلال إبرام اتفاقات مع بلغراد، فإن حقبة جديدة من العداء بين الطرفين باتت واضحة بالفعل. إلا أن الأمر الأكثر إثارة للقلق بالنسبة لأولئك الذين صوتوا لصالح حزب "تقرير المصير" هو الدليل الواضح على أن واشنطن بتسهيلها لهذه الاجتماعات السرية ، فقد تخلت عن كوسوفو مقابل تأمين تعاون بلغراد مع أهداف إقليمية أكبر.
وكما هو الحال في ألبانيا ، ففي كوسوفو اندلعت احتجاجات في العديد من المدن بسبب الإحباط المتزايد من الفقر المستشري والتجاهل الصارخ للضوابط الدستورية على السلطة التنفيذية وإدراك الخيانة الأمريكية. ولكن على عكس من ألبانيا التي تعاني من عدم وجود زعيم معارض معروف ، فإن الاستياء الملموس في كوسوفو قد تم التعبير عنه بشكل أكيد من خلال المهارات السياسية لألبين كورتي وحزبه. فلقد اعتمدت شعبية كورتي على دوره القيادي في الاحتجاجات ضد فرض الناتو – في العقد الأول من القرن 21 - "نظاماً" معيناً في كوسوفو عرقل تقدماً حقيقياً نحو الاستقلال. ولا يزال كورتي يتمتع بالدعم لتحدّيه النظامين السياسي والاقتصادي اللذين يفيدان الثوريين السياسيين الذين اختارهم الناتو.
إن هاشم ثاتشي Hashim Thaçi أصبح محل سخرية للكثير.هاشم هو الرئيس المنتهية ولايته، لكنه حالياً يرأس الحزب الديمقراطي لكوسوفو (PDK) وهو أيضاً زعيم سياسي سابق لجيش تحرير كوسوفو ، الذي حارب الحكومة الصربية في أواخر التسعينيات. في البداية، كان يمكن لقادة الأحزاب مثل ثاتشي الذي تبناه الناتو بقوة بعد حرب عام 1999، أن يتجاهلوا كورتي ، ويصفوه بأنه يهوى جذب الانتباه إليه، وأنه في أفضل الأحوال، يملك دعماً محلياً في العاصمة بريشتينا. كان ينبغي أن تدق أجراس التحذير عندما فاز حزب كورتي بمنصب رئاسة البلدية في انتخابات البلدية لعام 2013 ، ومع ذلك فإن معظم المراقبين لا يزالون يعتقدون أن معارضته لسياسات الولايات المتحدة أساءت إليه كزعيم وطني. لكن الأحوال أثبتت أنها مهيأة للتغيير على مدار العامين الماضيين، حيث كانت رسالة كورتي الثابتة يتردد صداها على نطاق أوسع وسط فضائح عجز الحكومة عن المساءلة. أثارت الصفقات السرية الموقعة مع حكومة الجبل الأسود، وبدعم من واشنطن في عام 2017 لإعادة ترسيم حدود كوسوفو، غضباً عارماً. وعندما بدأ المواطنون في التخلي عن الأحزاب "التقليدية" كردّ فعل، برز نجم كورتي الذي كان سجينًا سياسيًا في صربيا حتى إطلاق سراحه في عام 2001، على أنه من نوع الثوريين الألبان المستقلين أصحاب الشخصيات الرائعة. احتج كورتي، وبشكل ملفت للنظر، على نقل أراضي كوسوفو إلى الجبل الأسود من خلال تفجير عبوات الغاز المسيل للدموع داخل البرلمان بينما كان أعضاؤه يشرعون في الموافقة على تبادل الأراضي الذي أشرفت عليه واشنطن.
لكن هذه المقاومة الحماسية أدت إلى اعتقال كورتي ، وقتل أحد مؤيديه على يد الشرطة خلال احتجاجات الشوارع التي تلت اعتقاله، وقد ساهم هذا في بناء مصداقية كورتي خلال محاولته للحصول على قيادة وطنية في كوسوفو، إن لم تكن قيادة لجميع ألبان البلقان. وبحلول الانتخابات البرلمانية المبكرة في أكتوبر 2019، تبنت كوسوفو رسالة كورتي عن العدالة الاقتصادية والوطنية الجامحة (في تحدّ لمحاولات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لقمعها) ، مما دفع بحزبه إلى القمة. وتجدر الإشارة إلى أن تحدياته لثقافة التبعية للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي هي صرخة من أجل الاستقلال التي لا يتردد صداها فقط في كوسوفو ولكن أيضاً في ألبانيا، وربما في البلقان كله.
لقد استقطب نهج كورتي الجدلي أخيراً الدعم الشعبي الذي احتاجه للمطالبة بدور مهم في تشكيل مستقبل غرب البلقان، وإن كانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تعتبرانه قيادياً متطرفاً، إلا أن المحاولات المستمرة (خاصة من قبل السفارة الأمريكية) لتقويض محاولة حزبه تشكيل حكومة ائتلافية قد ساهمت في بناء قاعدة لدعمه. في هذه الأثناء، واصل فريق ثاتشي، حتى بعد خروجه من السلطة رسمياً، الانخراط في مفاوضات سرية ، لكن هذه المرة مع الحكومة الصربية المكروهة، تحت رعاية مباشرة من وزارة الخارجية الأمريكية. وقد كشف المطلعون على هذه المفاوضات عن حقيقتها، وأنها لمبادلة قطع كبيرة من الأراضي (وبالتالي السكان) في مقابل اتفاق دبلوماسي نهائي، وكانت هذه المفاوضات جارية حتى في الوقت الذي كان فيه كورتي يكافح لتشكيل حكومة ائتلافية. ورداً على ذلك ، أصرت وسائل الإعلام الألبانية عبر الطيف السياسي على أنه لا يمكن تكرار عقد صفقة أراضي مع الجبل الأسود دون التشاور مع حكومة جديدة بقيادة كورتي. لكن يبدو أن وزارة الخارجية الأمريكية لم يكن لديها نية للسماح لكورتي باستخدام حق النقض ضد ما أصبح هدفاً رئيسياً لإدارة الرئيس ترامب في المنطقة.
ونظراً لعدم الوثوق برابطة كوسوفو الديمقراطية كشريك في التحالف واستعدادها المحتمل لإسقاط الحكومة الجديدة إذا لم يخضع كورتي لضغوط الولايات المتحدة بشأن القضايا الهامة، فإن الذين صوتوا للتغيير قد يلجأون إلى مزيد من الإجراءات المباشرة في المستقبل القريب. وقد تكون الدعوات الصارخة للاهتمام بالمصالح القومية الألبانية إحدى نتائج المناورات الأمريكية لمكافأة بلغراد على إعادة النظر في دعمها لمشروع خط أنابيب الغاز الروسي "ساوث ستريم."
لطالما ادعى كورتي أن إجباره على منح تنازلات لصربيا دون الحصول على اعترافها باستقلال كوسوفو في المقابل هي إحدى عواقب عدم تحدي الغرب مطلقًا. ويعتقد أنصاره الأكثر ولاءً وغيرهم من النشطاء أن الذين يستحضرون تلقائياً شعار العلاقات الودية دون الاعتراف باستقلال كوسوفو لا يمكن الوثوق بهم في مستقبل الألبان. والآن بعد أن أصبح كورتي رئيساً للوزراء، فإن قدرته على حشد مثل هذا الاستياء، إذا لم تغير واشنطن وبلغراد طرقهما ، يهدد بتعطيل الوضع الراهن. وبينما واصلت واشنطن الضغط على ثاتشي لتوقيع الاتفاقيات التي يرفضها معظم سكان كوسوفو، فإن كل تنازل جديد منحته الحكومة المنتهية ولايتها إلى بلغراد سيدفع المزيد من الألبان للتخلي عن القادة الذين اختارهم الناتو لهم. من الواضح فعلاً أن اتفاقيات السفر المختلفة التي أبرمت بين ثاتشي وفوتشي في كانون الثاني / يناير 2020، والتي احتفل بها الأمريكيون ، سيستخدمها المعارضون، مثل كورتي وحلفائه، لحشد المقاومة على مستويات جديدة.
في غضون ذلك، في ألبانيا، كان ردّ راما على المعارضة المتزايدة هو فرض قوانين جديدة تهدد بفرض عقوبات اقتصادية شديدة على وسائل الإعلام في الإنترنت التي يتهمها بـ "الإضرار بسمعة أشخاص أو التعدي على خصوصياتهم." إن استخدام مثل هذه القوانين لقمع المعارضة يجعل المواجهة أكثر احتمالاً في وقت فَقَدَ فيه راما معظم مصداقيته مع الجمهور. ومع استمرار ثاتشي في توقيع الاتفاقيات على الرغم من أنه قد تم تصويته خارج السلطة، عزز راما دوره كحليف موثوق به من خلال دعم مبادرات واشنطن وبلغراد لاتحاد اقتصادي يهمش الاتحاد الأوروبي ويستبعد كوسوفو منه، مما يهدد استقراره على المدى الطويل.
من جانبه، فإن راموش هاراديناي رئيس وزراء كوسوفو السابق والذي كان قائداً ميدانياً خلال الحرب في التسعينيات، اتهم علناً كلاً من ثاتشي وراما بدعم أجندة صربية وأمريكية لتقسيم كوسوفو. إن هاراديناي ثوري وقومي يشبه كورتي في كثير من النواحي، لكن شعبيته كبطل حرب جعلته عرضة للخطر، ولطالما كان شوكة في خاصرة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ولقد اضطر في عدة مناسبات إلى التنازل عن منصبه كرئيس للوزراء لمواجهة أسئلة جديدة في لاهاي حول أعماله خلال الحرب، وكانت احتجاجاته ضد مساعي واشنطن لتقديم مزيد من التنازلات لبلغراد هي التي أدت إلى انتخابات مبكرة في أكتوبر 2019 والتي جلبت كورتي إلى السلطة وهو أكثر تحدياً منه للغرب. عندما ترك هاراديناي منصبه سلط الضوء على خطايا الذين يتمتعون بحماية واشنطن بين جيله من القادة.
تكاليف الخنوع
مع تعرض أمن كوسوفو للخطر ، فإن كثيرين مثل كورتي (إلا شركاؤه في التحالف من رابطة كوسوفو الديمقراطية) يؤيدون اتخاذ خطوات جذرية. قد يكون الألبان عرضة للتحريض القومي في الأشهر المقبلة حيث يفكرون في التخلي عن مؤسسات الوساطة والنخبة السياسية التي نصبها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في أواخر التسعينيات. لقد انطلقت حقبة جديدة من التنافس في العالم الألباني حيث تم استبدال الحلفاء القدامى الذين تثق بهم القوى الغربية؛ وليس من الواضح ما إذا كانت واشنطن وشركاؤها في شمال الأطلسي مستعدين لنتائج هذه الحقبة. لكن التطور الأكثر خطورة في المنطقة هو الاعتقاد المتزايد بأن لا بروكسل ولا واشنطن تهتمان بالمصالح الألبانية. ومنذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان من المتوقع من سكان كوسوفو أن يكونوا غير مبالين بوضعهم الدولي غير المستقر، وأن يمتصوا موجات إعادة التوجيه الاقتصادي، وأن يتحملوا آلام محاولة تلبية ما لا يقل عن 95 معياراً مختلفاً مقابل دخول أوروبا بلا تأشيرة، وهو أمر لم يعد متاحاً الآن. إن كل هذه الإهانات دمرت الأمل عند ألبان كوسوفو. وبينما يقوم السياسيون الألبان، والصرب أيضاً، بتأجيج المشاعر القومية لمحاولة خلق واقع جديد على الأرض، فقد تبنّت القوى المحلية التي كانت ذات يوم مرنة، مثل النخب السياسية القديمة، استراتيجيات مماثلة وتخلت عن دور حفظ السلام في المنطقة.
إن إعلان الاتحاد الأوروبي بأن جميع مفاوضات العضوية قد توقفت، واعتماد إدارة ترامب لسياسة مؤطرة بعبارات خطيرة للهوية العرقية، كل هذا لم يترك للألبان مساحة للحركة، وإن ترويع واشنطن العلني يؤدي إلى مزيد من العداء الانتهازي من القيادة الصربية. وعلى الرغم من أن ثاتشي وراما كانا قابلين للتكيف مع أجندتهما غير الشعبية، إلا أنه يتعين عليهما الآن التعامل مع كورتي، فمن المرجح أن تضحي واشنطن بحلفائها الألبان بدلاً من التخلي عن هدفها طويل الأجل المتمثل في إبعاد روسيا عن أسواق الطاقة الأوروبية.
إن نُذُر مثل هذه الاختصامات يمكن أن نجدها في الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها إدارة ترامب ، بما في ذلك تراجعها عن ضمانها القوي لعدم إعادة ترسيم حدود البلقان. لكن يبدو أن السياسة الجديدة التي وراءها جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي إلى عام 2019، تعزز فكرة تبادل الأراضي على أساس العرق. وعلى الرغم من أن الفترة التي قضاها بولتون في هذا المنصب كانت قصيرة ، إلا أن بصمته في السياسة الخارجية للولايات المتحدة - والتي تتجلى في تصعيد المواجهة مع إيران - تبدو واضحة ، حتى في البلقان. وقد أعاد بولتون – رغم معارضة الحلفاء الأوروبيين، إحياء الموقف الذي دافع عنه منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وهو: يجب أن تركز المفاوضات المستقبلية على إعادة رسم الحدود الوطنية للبوسنة وصربيا وكوسوفو على أسس عرقية.
يخشى العديد من الألبان والقوى الأوروبية، وخاصة الألمان، من أن مثل هذه "الحلول" لن تؤدي إلا إلى تعزيز العنف في المنطقة. وكما حدث سابقاً عندما حوصر الألبان في الماضي، فإن طرق حرص الألبان على بقائهم قد تشعل البلقان بمجرد إدراكهم أن واشنطن لا تضع مصالحهم طويلة الأجل في المركز وأنها على استعداد لترك سعي كوسوفو الطويل من أجل استقلاله الكامل ينزلق مع كل اتفاقية سرية. في عام 2018، تنازلت كوسوفو عن 2800 هكتار من أراضي خيرة غاباتها إلى الجبل الأسود استجابة لطلب الولايات المتحدة. إن استعداد ثاتشي لمتابعة هذه المفاوضات خلسة قد أضر بمصداقيته بشكل دائم، ونتج عنه غضب فُتِح بابه لمدة عام من احتجاجات الشوارع في كوسوفو ، ثم أتى انتصار كورتي غير المتوقع في الانتخابات. وكما هو متوقع ، فإن مثل هذه السرية قوضت أيضاً نفوذ واشنطن على السياسة الألبانية المحلية، فلم يعد بإمكانها مطالبة قادة كوسوفو بمواصلة الالتزام باتفاقية المبادئ التي تحكم تطبيع العلاقات بين كوسوفو وصربيا في عهد كلينتون، والتي طالما أدانها كورتي باعتبارها معادية لحقوق الألبان وحاجاتهم والقدرة على بقاء كوسوفو كدولة مستقلة.
إن دعوات إدارة ترامب لمبادلة الأراضي باعتبارها الطريقة الوحيدة لإنهاء التوترات - التي غالباً ما يثيرها أمثال فوتشيتش – تثبت أن إدارة ترمب فشلت في فهم وتعلم العبرة الدبلوماسية من التسعينيات، لأن المضي قدماً في مثل هذه المقايضات يعني تمزيق الترتيبات الحالية الهشة - بما في ذلك اتفاقية الاستقرار والالتحاق مع بروكسل، والتي تم استخدامها على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية لتبرير سوء معيشة أكثر من مليوني نسمة في كوسوفو. لقد قطع السياسيون الألبان الموالون للقوى الغربية في كوسوفو البرامج الاجتماعية، وباعوا الممتلكات العامة والمصانع والموارد الطبيعية وذلك للامتثال لمطالب الإصلاح الصادرة من واشنطن وبروكسل. لكن مطالب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة للإصلاحات القانونية التي تشجع آلية "التجارة الحرة" أعطت أيضاً كورتي منصة سياسية لنقض مثل هذه الإجراءات.
وهناك جانب آخر من جوانب الخضوع الألباني للمطالب الغربية وهو موافقة راما على إيواء مجاهدي منظمة خلق الإيرانية، والتي قد تم سابقاً تصنيفها عالمياً على أنها منظمة إرهابية. لكن منذ عام 2013 سُمح لها بتشغيل وحدات التدريب والدعاية التابعة لها بشكل علني داخل ألبانيا. إن وجود هذه الطائفة العنيفة، التي تسعى للإطاحة بجمهورية إيران الإسلامية، يزيد من تورط ألبانيا في المواجهة الأمريكية الكبرى مع إيران ، وقد يعرضها لعواقب ما قد يعتبر حرب استنزاف موسعة. من ناحية أخرى، انضم مئات الألبان إلى مجموعات مختلفة تلقت دعماً أمريكياً مباشراً في محاولة للإطاحة بالحكومة السورية.
خلال كل هذه الفترة، لم تتم استشارة أبداً الشعب الألباني، حيث كان من المتوقع أن يبقى الألبان خاضعين للأجندة الأمريكية. إن تداعيات الجانبية للأحداث قد تؤدي إلى العنف في ألبانيا نفسها أو قد لا يؤدي إليه، لكنها حتماً ستعرض تراث الألبان الطويل من العلاقات الودية مع عالم البحر الأبيض المتوسط بأسره للخطر ويمزق نسيجهم الديني (الديانات الرئيسية بين الألبان هي المسيحية الأرثوذكسية الشرقية والإسلام). والآن ، وقد أدانت القيادة الإيرانية ألبانيا بأنها "بلد صغير شرير"، وحتى لو لم تحاول إيران توجيه ضربات مباشرة إلى أصول منظمة مجاهدي خلق داخل البلاد ، فإن الألبان يدركون بشكل متزايد أنهم اضطروا إلى تبني مواقف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بإيران، والآن روسيا وتركيا أيضاً، ومواقفهم هذه ستكلفهم على المدى الطويل.
وكما حذر كورتي وآخرون ، فإن الطموحات السياسية للألبان تقوَّض، حيث تنتهج إدارة ترامب سياسات تهدف إلى إحباط قدرة أوروبا على تأمين إمدادات الوقود طويلة الأجل من روسيا عبر شبكة خطوط أنابيب مخطط لها منذ فترة طويلة، والتي يجب أن تمر عبر بلغاريا وصربيا. إن صراع الاهتمامات الاستراتيجية الأمريكية مع ألمانيا ودول أوروبا الشرقية هو بمثابة تأليب النخب السياسية الألبانية ضد الدول المجاورة ودوائرها الانتخابية. خذ بعين الاعتبار الاتفاقات الإقليمية التي تم إبرامها في مفاوضات سرية مع بلغراد ، مثل فتح خط سكة حديد وخط طيران مباشر من بلغراد إلى بريشتينا.
يمكن أن تتسبب هذه المبادرات في ضرر لا يمكن إصلاحه للعلاقات الألبانية مع الاتحاد الأوروبي وأن تعزز اعتماد البلقان على واشنطن. وبينما تهدد إدارة ترامب أوروبا بضرائب جمركية إذا لم تلتزم بالسياسات الأمريكية في منطقة أوراسيا الكبرى ، فإنها أيضاً تمهد الطريق لانهيار دائم للآمال السياسية الألبانية في الاندماج في الاتحاد الأوروبي واستقلال كوسوفو القطعي.
منطق خطير
عندما تدخّل الناتو في البلقان في تسعينيات القرن الماضي ، جادل المشككون (الذين كانوا أقلية في ذلك الوقت) بأن مثل هذه الإجراءات كشفت عن تجاهل للمبادئ الديمقراطية. بعد سنوات من الوعود الجوفاء، فإن تلك العبارات المبكرة عن عدم الثقة وجدت لها طريقاً بين حشود واسعة من الألبان. أدى هذا التنمر غير المعتاد على السياسيين الألبان، الذين يرفضون إخضاع جمهورهم بشكل علني لاحتياجات بروكسل وواشنطن، إلى تأجيج الخطاب السياسي في المجتمعات الألبانية. وقد أثار غضبُ الألبان المتزايد القوميين والإصلاحيين والقادة، أمثال كورتي، المستعدون لأن يتحدُّوا الغرب ويكونوا ضد الساسة الذين فقدوا التفويض الشعبي. وإذا حاولت النخب القديمة من الساسة أن تقوِّض هذا التحول في السلطة فقد يؤدي هذا إلى تهديد الاستقرار الإقليمي.
تُظهر تحركات واشنطن الأخيرة أنه لا يزال هناك دور يلعبه هؤلاء الساسة المكروهين الذين تسلموا السلطة دون انتخابات والراغبين في خدمة المصالح الأجنبية، وإلى حد ما، فإن هؤلاء مستمرون في تحدي إرادة شعوبهم وتجاهل مصالحهم، لكن جهودهم لتقويض أمثال كورتي ستؤدي إلى زيادة حدة التوترات، بينما هناك جيل جديد من الناشطين السياسيين ممن يدافعون عن الأجندات العرقية-القومية يكتسب شعبية في أنحاء أوراسيا. والأمر الذي قد يسرع مثل هذه المواجهة بين الطرفين هو الانهيار الاقتصادي الواضح والناتج عن نظام التهميش السياسي القسري الذي بالكاد يدعم المجتمعات الألبانية اليوم. ويتفق الكثيرون على أن إعادة إحياء الأنظمة السياسية الألبانية كجبهة موحدة ضد الأحزاب القومية المتنافسة في مقدونيا الشمالية واليونان وصربيا قد تأخرت كثيراً. والآن بعد أن اتُّهِم راما بخيانة زملائه الألبان من خلال توقيع اتفاقيات مع سكوبي وبلغراد ، فإن أولئك الذين يسعون إلى دور قيادي مؤقت يحتضنون قادة قوميين مثل كورتي.
يعتمد الكثير على النتائج ، التي لا تزال غير واضحة ، للاتفاقيات السرية التي تم توقيعها مؤخراً من قبل سياسيين ألبان غير منتخَبين تحت رعاية إدارة ترامب. والسؤال هنا: هل ستصمد حكومة كورتي إذا قام بإلغاء بعض تلك الصفقات التي أجبر مبعوثُ ترامب الخاص إلى البلقان ريتشارد جرينيل (سفير الولايات المتحدة في ألمانيا) ثاتشي وفوتشيتش على توقيعها؟ إن أي محاولة لتأديب كورتي بسبب تحديه، كما حدث في كثير من الأحيان مع هاراديناي، قد توفر منطقاً جديداً للصراع في البلقان، في حين تطلق الخصومات المتزايدة داخل المنطقة وخارجها العنان للتلاعب بما في أيدي وكلاء الغرب. ومن المرجح هنا أن الدور المنسي لتركيا سيكون حاسماً.
إن التوترات المتزايدة داخل حلف الناتو، كالتي حدثت في التسعينيات في البلقان ، قد تظهر على شكل مصالح متباينة تدعم الفصائل المتعارضة بين الألبان وغيرهم من السكان. ومن المرجح أن يؤدي العداء اليوناني لطموحات تركيا التوسعية في شرق البحر المتوسط ، والمعارضة الأمريكية المستمرة لخطوط الأنابيب الروسية ، إلى زيادة هذه التوترات، ونظراً لأن البلدان ذات الاهتمامات الاستراتيجية المميزة، مثل ألمانيا، تنتهج سياسات تجاه أوروبا الشرقية تخدم مصالحها الخاصة بدلاً من مصالح واشنطن ، فإن البلقان - والألبان على وجه الخصوص - قد يصبح مرة أخرى عاملاً حافزاً لعدم الاستقرار والتغير في المنطقة.
Blumi, Isa, The Albanian QuestionLooms Over the Balkans Again, Current History, March, 2020, University of California Press.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق