الخميس، 15 أكتوبر 2020

منطق ما وراء لوزان... مايكل تانشوم

 منطق ما وراء لوزان

منظور جيوسياسي حول التطابق بين القوة الصلبة الجديدة لتركيا وإعادة توجُّهها الاستراتيجي

للباحث مايكل تانشوم  - جامعة نافارا ، إسبانيا

Michaël Tanchum

 

إنّ تدخُّل تركيا العسكري الناجح في ليبيا للحفاظ على حكومة الوفاق الوطني يمثل نقطة تحوّل في الهيكل الأمني للشرق الأوسط وشمال إفريقيا. فقدرة تركيا الجديدة على إبراز قوتها العسكرية خارج حدودها الساحلية جعلت توجهها الاستراتيجي أحدَ أهمّ المحددات الجيوسياسية للمنطقة، فالطريقة التي تستخدمها تركيا لمعايرة التوافق بين أدوات قوتها الصلبة وتوجهها الاستراتيجي تشكل الآن عاملاً ذا أهمية قصوى للحساب الاستراتيجي لحوض البحر الأبيض المتوسط بأكمله.

لقد أشار كارل فون كلاوزفيتز، المنظر الاستراتيجي الشهير، إلى أن للحرب "قواعد خاصة بها ، لكن منطقها قد لا يكون كذلك") [1](. فالوسائل العسكرية التي توظفها دولة ما في الساحة الدولية لتحقيق أهداف سياستها، والطريقة التي تعمل بها هذه الوسائل، كلاهما تشكلان قواعد القدرة القتالية لديها. والتوجُّه الاستراتيجي لدولة ما فيما يتعلق بظروفها الجيوسياسية هو الذي يوفر منطق أهداف السياسة لقدرتها القتالية. وحسب كلاوزفيتز، فإن التحول في الصناعات الدفاعية التركية عزّز قواعد الحرب من خلال إنتاج أدوات القوة الصلبة الجديدة، وكذلك المنطلقات الاستراتيجية والأسباب المتعلقة بالجغرافيا السياسية ومنطقها الكلاوزفيتزي، هذا التحول سيحدد لتركيا استخدامها لأدوات القوة الصلبة وتأثيرها على هيكل الأمن الإقليمي.

نشأت القدرة الاستكشافية الجديدة لتركية كنتيجة منطقية لإعادة التوجه الاستراتيجي للدولة الذي نتج عقب انتهاء الحرب الباردة. هذه القدرة قائمة على التقدم المزدوج لزيادة القدرة البحرية وإنشاء القواعد الأمامية. وإذا تجاوزنا حدود الحرب الباردة، فإن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وُجِّهَ بالهدف الاستراتيجي المتمثل في تحويل تركيا إلى قوة أقاليمية من شأنها أن تضع شروط نمط جديد من التواصل بين أوروبا وإفريقيا وآسيا. ومن خلال ذلك، يسعى حزب العدالة والتنمية إلى أن تسترد الجمهورية التركية مكتسباتها التي مارستها الإمبراطورية العثمانية في السياسة الخارجية التي توقفت بعد تأسيس الجمهورية في أعقاب معاهدة لوزان عام 1923، حين كان نطاق السياسة الخارجية للجمهورية الوليدة محدوداً بمستلزمات الحفاظ على وحدة أراضيها في فترة ما بين الحربين. وبسبب تهديد القوة السوفييتية الصاعدة في منطقة البحر الأسود والشرق الأوسط في أعقاب الحرب العالمية الثانية ، أدى توجُّه لوزان إلى انضمام تركيا إلى الناتو عام 1952 حيث استمر طوال فترة الحرب الباردة.

ومن خلال صياغة منطق استراتيجي فعال لتركيا يتجاوز معاهدة لوزان ، فإن أنقرة تواجه تحديًا يتمثل في معايرة استخدام قوتها الاستكشافية لخدمة توجهها الاستراتيجي نحو إنشاء تواصل أقاليمي تكون تركيا محوره. لكن هذه المعايرة تستلزم التمييز بين المنافسين النظاميين والفاعلين المتمركزين محلياً وقياس استخدام القوة القسرية تجاه كل منهم وفقاً لذلك. بالإضافة إلى هذا، فإن جدوى فائدة القواعد الأمامية تحتاج إلى تقييم على أساس أن مساهمة هذه القواعد في الحفاظ على التواصل الأقاليمي أو توسيعه يضمن تكلفة الموقف الاستكشافي الممتد لتركيا بالمقارنة مع قدرتها الإنتاجية.

تحدث معايرة تركيا في السياق الجيوسياسي لقوسين متّحدي المركز: قوس داخلي في شرق البحر الأبيض المتوسط، وآخر خارجي يتوافق تقريباً مع خط العرض 19 شمالًا ، ويمتد على دول مجموعة الخمس في غرب منطقة الساحل والسودان. إن نجاح أنقرة في بناء تواصل محوره تركيا سيعتمد على الطريقة التي يدير منطقُ ما بعد لوزان حسابات أنقرة في تلك المنطقتين، وخصوصاً بعد نجاحها في ليبيا.

المنطق الجيوسياسي لإعادة التوجّه الاستراتيجي لتركيا

 تنبع القدرات الاستكشافية القوية لتركيا من بناء صناعاتها الدفاعية على مدار العقدين الماضيين ، وهو تحوُّل يمتد منطقه إلى إعادة التوجُّه الاستراتيجي لتركيا منذ انتهاء الحرب الباردة. وقد أدى انهيار الاتحاد السوفيتي في نهاية الحرب الباردة إلى إزالة الصراع النظامي الشامل الذي تسبب بوجود الناتو وأساس عضوية تركيا. إن دور تركيا المبهم لمستقبل تحالفها مع الناتو دفع المخططين الاستراتيجيين في أوائل التسعينيات إلى التفكير في تنويع علاقاتها الأمنية وتطوير أخرى جديدة مع جهات إقليمية خارج إطار الناتو ، بل وحتى خارج مظلة الأمن الأمريكية.

ومع اهتمام خاص بمصالح تركيا في الشرق الأوسط ، تم افتتاح عقد التسعينيات بإعادة تقييمٍ بسبب حرب الخليج عام 1991 التي قادت فيها الولايات المتحدة تحالفاً مؤلفاً من 35 دولة ضمن عملية "عاصفة الصحراء" ضد غزو العراق للكويت. أما بالنسبة لأنقرة، فإن شعور أمريكا بلحظة "أحادية القطب" في العراق قد حملت عواقب وخيمة على المصالح الوطينة لتركيا. ومع تزايد مخاوف تركيا من أنها قد تواجه طوفاناً من اللاجئين الأكراد العراقيين، أو أن يستغل الإرهابيون الأكراد الفراغ السياسي في العراق، فإن تأثير أنقرة الضئيل على الأحداث بالقرب من حدودها سلط الضوءَ على الاحتمال القريب بأنها ربما ستُترك لتدافع بمفردها عن نفسها في الشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط.

وضمن هذا السياق الجيوسياسي المتغير ، قامت تركيا بتطوير مفهومها الاستراتيجي العسكري الوطني خلال فترة رئاسة الجنرال حسين كيفريك أوغلي عندما كان رئيساً للأركان (1998-2002)، حيث  دعت نظرة تركيا الإستراتيجية الجديدة إلى "ردع فعال" يتم من خلاله نشر القوة العسكرية لتحييد التهديدات في مصدرها ([2]). وقد وضع المفهوم الاستراتيجي العسكري الوطني هذا الأمر ضمن إطار الجهزوية العسكرية للدخول في "حربين ونصف": نزاعين تقليديين بين الدول على الجبهتين الجنوبية والغربية لتركيا، والملاحقة المتزامنة لحملة مكافحة الإرهاب واسعة النطاق (وهي نصفُ حربٍ) ضد منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية ([3]). وهكذا كان الدافع وراء التحول الصناعي العسكري في تركيا ناشئاً ضمن منطقها الاستراتيجي.

إن الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003 أكد لتركيا دورها في إعادة تقييمها الإستراتيجي في بداية حكم حزب العدالة. والحقيقة الصارخة المتمثلة في وجود قوة صلبة للولايات المتحدة تعمل مباشرة عبر الحدود الجنوبية لتركيا - والتي من المحتمل أن تتعارض مع المصالح الوطنية الحيوية لتركيا -، دفع توجه أنقرة الراسخ بالفعل لتنويع شركائها الأمنيين؛ لكن منطق هذا التوجه الآن يشمل الحاجة إلى القدرة على مواجهة العواقب السلبية لقوة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط من خلال تنمية علاقات استراتيجية أعمق مع خصوم واشنطن. وبالتالي، تم تطوير برنامج بناء القدرات التصنيعية للصناعات الدفاعية ليكون بمثابة ارتباط وثيق بحتمية تركيا الاستراتيجية للعمل من الناحية الجيوسياسية كجهة مؤثرة ومستقلة. وفي غياب إطار عمل متماسك لحلف شمال الأطلسي الذي كان يعامل تركيا كشريك متساوٍ في الشرق الأوسط ، كانت هذه النتيجة تطوراً طبيعياً للمنطق الاستراتيجي الذي انبثق من نهاية الحرب الباردة.

بدأت المرحلة الحالية لإعادة التوجه الاستراتيجي لتركيا بسلسلة حاسمة من الأحداث التي وقعت خلال فترة 15 شهراً ، من ربيع 2015 إلى صيف 2016. أما في آذار / مارس 2015 ، فقد بدأت الولايات المتحدة في توفير غطاء جوي وأسلحة لوحدات حماية الشعب (YPG) ، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني ، متجاهلة احتجاجات أنقرة. وبتشجيع ودعم الولايات المتحدة وغيرها من القوى، استطاعت قوات حماية الشعب الكردية الاستيلاء على مدينة تل أبيض ذات الأغلبية العربية في 15 حزيران / يونيو 2015 . ومن هناك أقامت حملة وحدات حماية الشعب ممراً متاخماً على طول الحدود التركية شرقي الفرات. ولمواجهة احتمال قيام وحدات حماية الشعب بتوسيع هذا الممر غرباً عبر نهر الفرات ، وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 26 حزيران / يونيو 2016 إشعاراً للمجتمع الدولي قائلاً: "إنني أخاطب العالم بأسره، لن نسمح أبداً بدولة في شمال سوريا ، جنوبي حدودنا" ([4]). ومع تجاهل الولايات المتحدة وشركاء تركيا الآخرين في الناتو لهذا التحذير ، أطلقت تركيا عملية درع الفرات في 26 آب / أغسطس 2016، فاستولت على مدينة جرابلس ومساحات من الأراضي المحيطة بها، وقد حالت هذه العملية دون تشكيل منطقة متجاورة تسيطر عليها وحدات حماية الشعب غربي الفرات.

تمثل عملية درع الفرات - وهي الأولى من بين أربع عمليات تركية منفصلة في نهاية المطاف في شمال سوريا - أول مظهر من مظاهر وضع القوات التركية الجديد الناتج عن إعادة التوجيه الاستراتيجي. وقد كانت ذروة إعادة هذا التوجيه قد حدثت بالفعل قبل شهر في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو 2016 ضد حكومة الرئيس أردوغان. كان الافتقار إلى رد قوي من الولايات المتحدة وحلفاء تركيا الرئيسيين في الناتو لدعم الرئيس أردوغان وحكومته ضد الانقلاب يُنظر إليه في أنقرة على أنه خرق جائر للثقة بين الطرفين، وهذا بدوره عزّز عزم تركيا على تأكيد نفسها كقوة إقليمية مستقلة. وبالإضافة إلى تنمية علاقات أعمق مع روسيا والصين ، سارعت تركيا في تطوير قدراتها على الإنتاج الدفاعي المحلي من خلال التعاون مع الشركات الخاصة لتحقيق التحول السريع الذي تتطلبه التوقعات الاستراتيجية الحالية لتركيا.

إن قوة "المياه الزرقاء" ([5]) والقواعد الأمامية لتركيا هي النتيجة المنطقية لتقدم إعادة التوجيه الاستراتيجي للبلد. وعلى الرغم من ارتباطها الآن بمفهوم Mavi Vatan أو Blue Homeland الذي شاع في وسائل الإعلام التركية منذ عام 2016 من قبل الأدميرال السابق جم غوردنيزCem Gürdeniz ، فإن جهود تركيا لتوسيع قدراتها في المياه الزرقاء تعكس توجهاً استراتيجياً متماسكاً كان قد بدأ في التسعينيات واستمر مع تولي حزب العدالة والتنمية السلطة عام 2002. وقد موَّلت أنقرة خلال العامين الأولين لحزب العدالة والتنمية برنامج "سفينة حربية وطنية" بقيمة 3 مليارات دولار ، والمعروفة باسمها التركي المختصر MİLGEM ، وذلك لتوسيع قدرة تركيا على نشر القوات البحرية بعيداً عن مياهها الساحلية. وفي حفل التدشين الذي أقيم في سبتمبر 2011 لأول سفينة حربية من فئة Ada ، حدد أردوغان، رئيس الوزراء آنذاك، بوضوح تطلعات تركيا في المياه الزرقاء، وحدد المصالح الوطنية لها على أنها "الإقامة في قناة السويس والبحار المجاورة ومن هناك تمتد إلى المحيط الهندي ([6]) . علاوة على ذلك ، فإن هذا يوضح أن تطوير تركيا لقدرات المياه الزرقاء لم يكن مجرد استجابة لأحداث شرق البحر الأبيض المتوسط، ​​مثل اكتشافات الغاز الطبيعي في عامي 2010 و 2011 قبالة سواحل إسرائيل وقبرص، أو توقّف تركيا تعاونها الأمني ​​البحري مع إسرائيل في أعقاب حادثة مافي مرمرة عام 2010. وفي إشارة إلى جدول أعمال أنقرة الأوسع نطاقاً حول المياه الزرقاء ، فتحت تركيا 26 سفارة لها في إفريقيا بين عامي 2010 و 2016 ([7]) ،كما بذلت جهوداً موازية في منطقة المحيط الهندي-الهادئ من خلال مبادرات تجارية ودفاعية مع باكستان وماليزيا.

في آذار / مارس 2012 ، أعلن قائد البحرية التركية الأدميرال مراد بيلغل Murat Bilgel أن الهدف البحري التركي هو "ليس العمل فقط في السواحل ولكن أيضاً في أعالي البحار"، محدداً أهداف البحرية التركية للعقد القادم على أنها "الوجود الأمامي ، ورفْض الحرمان البحري، والقدرة على استعراض القوة." ([8]) وتماشياً مع هذه الأهداف، سرعان ما تبع ذلك برنامج تركيا لتطوير القواعد الأمامية ، مما أدى إلى اتفاقية كانون الأول / ديسمبر 2014 بين أنقرة والدوحة لنشر القوات التركية في قطر، وفتح تركيا لقاعدة طارق بن زياد في أبريل 2016 بمبلغ 39 مليون دولار. وتهدف اتفاقية أيلول / سبتمبر 2019 إلى توسيع قيادة القوة المشتركة بين قطر وتركيا في الدوحة، وإلى إيواء 3000 من القوات البرية التركية، بالإضافة إلى وحدات من القوات البحرية والجوية والعمليات الخاصة التركية ، ومن المرجح أن تشهد تمركز 5000 عسكري تركي ([9]).

بعد عام ونصف من افتتاح تركيا لقاعدتها في قطر ، افتتح رئيس أركان الجيش التركي ووزير الدفاع التركي الحالي خلوصي أكار رسمياً منشأة عسكرية تركية في مقديشو بالصومال في 30 أيلول/سبتمبر 2017 ([10]) ، وهي أكبر منشأة للتدريب العسكري خارج الأناضول، ومن المتوقع لهذه القاعدة أن تدرب عشرة آلاف جندي من القوات الصومالية ([11])، وتخزن ما يحتاجه الجيش التركي هناك لقواته البحرية والجوية والبرية. وهذه القاعدة توفر لأنقرة موقعاً قريباً ومعقولاً من خليج عدن ، وهو المدخل الشرقي للبحر الأحمر، وهذا أمر بالغ الأهمية لتشغيل الشراكة التركية القطرية.

وبالإضافة إلى قاعدة مقديشو، فقد أنشأت تركيا خطوط اتصالات بحرية (SLOCs) تمتد من ساحلها المتوسطي عبر ممر البحر الأحمر - خليج عدن إلى القرن الأفريقي، ومنه إلى قطر في الخليج العربي. وتوفر السفينة الحربية TCG Heybeliada وثلاث طرادات أخرى من فئة Ada من إنتاج MİLGEM إمكانات بالغة الأهمية لخدمة شركات النقل البحري الجديدة من البحر الأبيض المتوسط ​​إلى مقديشو، ومن مقديشو إلى قطر. وتتمتع كل "حرَّاقة" من فئة Ada بقدرة تحمُّل 10 أيام تعمل بشكل مستقل، و 21 يوماً مع دعم لوجستي، مع مسافة تبلغ 3500 ميل بحري (نانومتر) بـ 15 عقدة بحرية ([12]). ستكون إحدى عشر سفينة من هذه الحراقات قادرة على السفر لمسافة بحرية تبلغ 3134 نانومتر بين ميناء مرسين في تركيا ومقديشو في 8.6 يوم ([13])، وتغطي مسافة بحرية تبلغ 2356 نانومتر بين مقديشو وقطر في 6.1 يوم. وبحلول عام 2023 ستزيد مرحلة المتابعة الخاصة بـ MİLGEM من هذه السعة وذلك بإنتاج أربع فرقاطات أكبر من فئة (İ) اعتماداً على تصميم فئة  Ada، حيث ستكون مجهزة ATMACA الهجومية ([14]). 

أما في البحر الأبيض المتوسط، فتركيا على وشك تحقيق اختراق استراتيجي مماثل يإنشاء قواعد أمامية في ليبيا – وهو انتشار للقوة الجوية في قاعدة الوطية الجوية التي أعيد السيطرة عليها ، وتقع على بعد 27 كم من الحدود التونسية، وأنباء عن قاعدة بحرية في مدينة مصراتة الساحلية الخاضعة لسيطرة حكومة الوفاق الوطني ([15]). وهذه أول قاعدة أمامية تركية في البحر الأبيض المتوسط ​​خارج شمال قبرص، وهي نتيجة لتدخل تركيا العسكري الناجح نيابة عن حكومة الوفاق الوطني، وفقاً لاتفاقية "التعاون الأمني ​​والعسكري" التي وقعتها أنقرة وطرابلس في 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 مع اتفاقية "تحديد مناطق الاختصاص البحري في البحر المتوسط​". لقد تم وضع إطار العمل بالاتفاقيتين التركية-الليبية قبل عام خلال مباحثات 5 تشرين الثاني / نوفمبر 2018 التي أجراها خلوصي أكار ([16]) في طرابلس ، بعد 15 شهرًا من افتتاح وزير الدفاع للقاعدة العسكرية التركية في مقديشو.

كان هدف تركيا في إعلان حدودها البحرية مع ليبيا ، ووفقاً للبيان العلني الصادر في 1 أيلول / ديسمبر 2019 عن وزارة الخارجية التركية ([17])، هو الضغط على المجتمع الدولي ودول شرق البحر الأبيض المتوسط ​​للتوصل إلى تسوية عادلة للحدود البحرية في المنطقة، والتي على أساسها يُعتمد تطوير الطاقة البحرية لشرق المتوسط. وبغض النظر عن هذه القضايا ، فإن تركيا تواجه أيضاً احتمال إغلاق البحر المتوسط أمامها في حالة قيام عمل مشترك للبحرية اليونانية والمصرية إن حدثت مناوشات بين الطرفين، وذلك من خلال تشكيل طوق بحري من الجزر الدوديقانية الخارجية (رودس، كارباثوس، كاسوس) إلى جزيرة كريت ثم إلى ساحل شمال إفريقيا في المنطقة الحدودية شرق ليبيا / غرب مصر. وبالتالي ، فإن إنشاء قاعدة بحرية على الساحل الليبي يشكل رغبة استراتيجية لتركيا لمواجهة مثل هذه الطوارئ.

ستساهم كذلك حاملة الطائرات الخفيفة TCG Anadolu التي سيتم تشغيلها قريباً، في الحفاظ على حرية الملاحة التركية في البحر الأبيض المتوسط، وحاملة الطائرات هذه هي منصة هبوط للطائرات العمودية تعتمد على تصميمI-class  للإسباني خوان كارلوس. وبصفتها سفينة هجومية برمائية ، فإنها ستكون قادرة على نقل كتيبة فيها 1000 جندي إلى جانب 150 مركبة، بما في ذلك دبابات القتال للهبوط البحري ([18]). إن السفينة TCG Anadolu – والتي تبحر بسرعة 10 عقد بحرية – لديها القدرة على قطع المسافة من إزمير إلى طرابلس الغرب بأقل من خمسة أيام ([19]). إن هذه السفينة – والتي تمثل قوة مهيمنة تجوب وتعمل في المياه الزرقاء بامتياز – ستعمل على زيادة جهود تركيا بشكل كبير لكسر عزلتها الاستراتيجية في شرق البحر المتوسط.

القوة الصلبة الجديدة لتركيا والبحث عن منطق خارج لوزان

في عام 2001 نشر الأكاديمي ورئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق أحمد داود أوغلي كتاباً بعنوان: العمق الاستراتيجي (Stratijik Derinlik)، شرح فيه بوضوح كامل عن دور تركيا كمُوازِن للتواصل الجديد بين الأقاليم. وخلال فترة تولي منصبه كوزير للخارجية، عززت تركيا إعادة توجُّهها الاستراتيجي نحو التواصل بين الأقاليم بسياسة أطلق عليها اسم "صفر مشاكل مع الجيران"، معبرة عن تطلع تركيا إلى "إنشاء منطقة سلام واستقرار ، بدءاً من جيرانها" ([20]). وبوضع تركيا موارد قوتها الناعمة في صدارة نهجها فقد أكدت سياستها أن "الأمن للجميع ، وأن الحوار السياسي ، والاعتماد الاقتصادي المتبادل، والوئام الثقافي هي اللبنات الأساسية لهذه الرؤية."

كانت هذه السياسة واعدة في البداية، إلا أنها تعثرت لعدم جدوى تنفيذها ولتعنُّت العديد من جيران تركية ، مما ترك أنقرة معزولة في المنطقة بحلول عام 2014. في ذلك العام ، راقبت تركيا حكومة معادية ترسخ قوتها في مصر، وكذلك التدخل العسكري لحزب الله التابع لإيران في سوريا المجاورة (يليه تدخل روسيا عام 2015) ، وإطلاق الحملة العسكرية المدعومة من مصر والإمارات للجنرال خليفة حفتر في ليبيا ، واندلاع حرب غزة بين إسرائيل وحماس. ومع أدوات قوتها الناعمة التي تبدو أنها غير فعالة للتأثير على نتائج هذه الأحداث وغيرها ، قررت تركيا تغيير مسارها مختارة استخدام أدوات القوة الصلبة في الشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط​​، حيث رسمت لنفسها مساراً استراتيجياً جديداً بعد أحداث 15 تموز / يوليو 2016.

إن التوازن الدقيق بين أدوات القوة الصلبة الجديدة لتركيا وتوجهها الاستراتيجي بعد لوزان يدفعها لمنع تمكُّن قوس الحصار في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​من خلال تمييز المنافسين الشموليين لها ، مثل فرنسا والإمارات العربية المتحدة ، عن جيرانها ، مثل اليونان وإسرائيل ، اللتين لا تزال خصوماتهما مع تركيا محلية بشكل أساسي. وينظر خصوم تركيا الشموليون إلى التواصل التركي باعتباره تهديدًا لمصالحهم الوطنية ، في حين أن جيران تركيا لا يفعلون ذلك. ويكشف اندماج هؤلاء المنافسين لتركيا مع جيرانها لتشكيل قوس لحصارها في شرق البحر الأبيض المتوسط ([21]) عن تناقض بين استخدام تركيا لأدوات القوة الصلبة ومنطق ما بعد لوزان للتواصل بين الأقاليم.

وفي محاولة للدفاع عن المصالح الوطنية لتركيا في شرق البحر المتوسط ​​وحقوق القبارصة الأتراك بصفتهم المالكين القانونيين للغاز الطبيعي القبرصي، انخرطت أنقرة في سلسلة من إجراءات القوة الصلبة خلال عامي 2018 و 2019 حيث أدى هذا إلى تدهور موقف تركيا من خلال دفع فرنسا إلى مركز نزاع شرق البحر الأبيض المتوسط، مما أدى إلى زيادة ملحوظة في الموقف العدائي لها من جهة الاتحاد الأوروبي. ونتيجة للعمل البحري التركي في فبراير 2018 لمنع سفينة الحفر "إيني" من الوصول إلى وجهتها في المياه القبرصية، دخلت شركة الطاقة الإيطالية ([22]) في شراكة مع عملاق الطاقة الفرنسي "توتال" في جميع كتل تراخيص إيني السبع التي أصدرتها حكومة جنوب قبرص. واستمراراً للنهج نفسه طوال عام 2019 ، أرسلت تركيا أربع سفن استكشاف وسفن حفر مع مرافقة بحرية للعمل في المياه المتنازع عليها في شرق البحر الأبيض المتوسط.

لكن فرنسا نظرت إلى دبلوماسية الزوارق الحربية التركية على أنها تصعيد، فوقعت اتفاقية لخدمة سفنها الحربية في قاعدة ماري البحرية في جنوب قبرص ([23]) وأجْرت تدريبات بحرية لمدة أربعة أيام قبالة الساحل الجنوبي للجزيرة بمشاركة القبارصة والإيطاليين ([24]). لقد اعتبرت حكومة جنوب قبرص التواجد الفرنسي في مياهها الإقليمية إنجازاً سياسياً تسعى من خلالها إلى ترجمة حصص فرنسا الاقتصادية في طاقة شرق البحر المتوسط ​​والتنافس المنهجي مع تركيا إلى شكل من أشكال الضمان الأمني لها.

تحتفظ فرنسا بقاعدة بحرية في الإمارات العربية المتحدة، وهي قد دخلت في شراكة مع الإمارات العربية المتحدة لدعم قوات الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال حفتر ضد حكومة الوفاق الوطني.  لكن تصرفات تركيا أدت إلى انفتاح أكبر لدولة الإمارات العربية المتحدة للدخول في نزاع شرق البحر الأبيض المتوسط ([25])، كما يتضح من دعوة اليونان للإمارات للانضمام إلى تدريبات القوات الجوية السنوي المشترك Iniohos لعام 2019 ، وهو تدريب يبدو أنه يركز على شرق البحر المتوسط مع إسرائيل وإيطاليا والولايات المتحدة ([26]). وبعيداً عن منع الطوق البحري بين جزيرة كريت وليبيا ، فإن استراتيجية اختراق تركيا في ليبيا ساهمت قليلاً في تعزيز قدرتها على استخدام القوة الصلبة في شرق البحر المتوسط، ومن المرجح أن الانخراط المتكرر في المواجهة المتصاعدة لتركيا مع جيرانها، دون اتباع مسار دبلوماسي نحو حل موفَّق،  سينتج عنه عدم تحقيق أي فائدة ملموسة لها.

أما في السياق الجيوسياسي للمغرب العربي ومنطقة الساحل ، فإن القواعد الأمامية لتركيا تشكل في ليبيا تقدماً استراتيجياً يخدم هدف أنقرة المتمثل في إنشاء التواصل بين الأقاليم ، وتعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في شمال إفريقيا ووصولها إلى ما وراءه. إن نفوذ تركيا المتصاعد في الجارتين تونس والجزائر ، مع موانئ البحر الأبيض المتوسط ​​الحيوية والطريق السريع العابر للصحراء ، يجعلها في موضع تلعب من خلاله دوراً رئيسياً في الرابطة الناشئة للطرق التجارية التي تربط غرب إفريقيا بأوروبا والشرق الأوسط. ويتطلب التوازن الدقيق بين أدوات القوة الصلبة الجديدة لتركيا وتوجهها الاستراتيجي لما بعد لوزان أن تتجنب أنقرة إرهاق نفسها عند مواجهة قوس الحصار الخارجي على طول خط العرض التاسع عشر من العاصمة الموريتانية نواكشوط على الساحل الأطلسي إلى ميناء سواكن في السودان على البحر الأحمر.

في الجزائر، احتلت تركيا موقعاً مهماً باستثمارات تبلغ 3.5 مليار دولار ، مما جعلها من بين أكبر المستثمرين الأجانب في الجزائر ([27]). وقد صرح أردوغان أن الجزائر "أحد شركائنا الاستراتيجيين في شمال إفريقيا" ، موضحاً أن "الجزائر هي واحدة من أهم بوابات تركيا إلى المغرب وأفريقيا ([28]). ومع ذلك ، فإن توطيد أنقرة لممر تجاري بتوجيه تركي يمثل العديد من التحديات الرهيبة. وعلى عكس حجم استثماراتها الجزائرية، فقد بلغ إجمالي صادرات تركيا إلى الجزائر لعام 2019 ما مجموعه 5.1 مليون دولار ([29])، لتحتل تركيا المرتبة 76 بين أسواق الاستيراد الجزائرية. في المقابل ، تعد فرنسا أكبر مصدر للجزائر بعد الصين ، حيث حققت باريس إيرادات بقيمة 3.85 مليار دولار في عام 2019 ([30]).

وفي حالة زيادة استخدام تركيا لأدوات القوة الصلبة في إفريقيا ، فإن فرنسا يمكنها أن تقاومها من خلال استخدام مواردها الهائلة جنوب المغرب العربي. وعلى عكس الوجود العسكري الفرنسي السطحي إلى حد ما في ليبيا ، فإن باريس تحتفظ بحلقة من القوة العسكرية حول ليبيا والجزائر، مع مرافق عملياتية في موريتانيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد، والتي تجلب القوة الخشنة الفرنسية إلى الحدود الجنوبية للجزائر وليبيا وبدعم من قواعد دائمة في السنغال وساحل العاج والغابون ([31]).

لقد إزداد إجمالي الإنفاق العسكري لفرنسا أكثر من ضعف الإنفاق العسكري لتركيا، حيث بلغت ميزانية الدفاع لعام  2019 ما قدره 52.2 مليار دولار مقارنة بـ 20.8 مليار دولار لتركيا. وفي حين أن ميزانية الدفاع التركية تعادل 2.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي ، فإن الإنفاق الفرنسي الأكبر بكثير يشكل 1.9 في المائة فقط ([32]) من إجمالي إنتاجها المحلي. إن فرنسا تنفق 800 مليون دولار سنويًا على عملية برخان في غرب الساحل وحدها ، وما يزيد عن مليار دولار على العمليات العسكرية في قارة إفريقيا ([33]). وبينما لا تحتاج تركيا إلى مضاهاة النفقات الدفاعية لفرنسا، فإن توسع قوتها الصلبة في إفريقيا سيتطلب إنفاقاً أكبر مما أنفقته حتى الآن على قدرتها الاستكشافية.

أيضاً، ولأن عملية برخان هي مهمة لمكافحة الإرهاب، فقد تتمكن فرنسا من الحصول على دعم أكبر من الاتحاد الأوروبي، وهذا بدوره قد يحرض دولاً أوروبية أخرى ضد تركيا. إذا اختار شركاء فرنسا في الاتحاد الأوروبي عدم تحمل المزيد من تقاسم الأعباء في إفريقيا ، فسوف تلجأ فرنسا إلى شركائها في الخليج العربي، وتحديداً الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، للحصول على الدعم المالي منهما، مما يرسخ التنافس الفرنسي-الخليجي مع تركيا باعتبارها أحد المنافسين الرئيسيين الذين يقودون الجغرافيا السياسية الأفريقية. وبالفعل، فقد تعرقلت جهود تركيا لتأمين ميناء سواكن في السودان كمرفق مزدوج الاستخدام بسبب تغيير الحكومة السودانية لعام 2019 والمدعوم مالياً من الإمارات العربية المتحدة، وسيشكل التنسيق الفرنسي-الإماراتي تحدياً هائلاً عبر خط العرض التاسع عشر من نواكشوط إلى سواكن.

الاستنتاجات

كما تشير الدراسة الاستراتيجية للبحرية التركية لعام 2015، فإن 87 في المائة من تجارة تركيا تأتي عبر موانئها البحرية ([34]). ومع عبور معظم تجارة تركيا شرق البحر الأبيض المتوسط ​​، فإن زعزعة استقرار المجال البحري لشرق البحر الأبيض المتوسط لا تخدم المصالح التركية. وإن تطوير أي ممرات تجارية مستقبلية بين إفريقيا وتركيا أو بين المحيط الهندي وتركيا يحتاج لمناطق بحرية سلمية في شرق البحر الأبيض المتوسط.

إن التطابق الدقيق بين استخدام تركيا لأدوات القوة الصلبة ومنطقها في ما بعد لوزان للتواصل بين الأقاليم ، يشير إلى أن تركيا لا غنى عنها في حلّ خصوماتها مع الفاعلين المؤثرين المحليين في شرق البحر المتوسط. ومن خلال فك ارتباط شرق البحر الأبيض المتوسط ​​عن فرنسا والإمارات العربية المتحدة كمنافسين شاملين لتركيا، فإن لدى أنقرة الفرصة لتزويد تركيا وجيرانها بمخرج من التصعيد المتزايد ومسار لتسوية عادلة للحدود البحرية. إن مصر التي تُظهِر خصائص خصم إقليمي ومنافس منهجي تشكّل تحديًا أكبر لموازنة السياسة التركية. أما  في منطقة الساحل، فلا يمكن لانبساط وضع تركيا الاستكشافي أن يتجاوز تطور علاقاتها التجارية في إفريقيا، فقد يؤدي الفشل في موازنة هذا التطابق الكمي إلى إرهاق لموقف تركيا بشكل كبير.

إن عملية إعادة التوجيه الاستراتيجي لتركيا استغرقت جيلاً، وسوف تتطلب الجهود المبذولة لإنشاء اتصال بين الأقاليم يكون مركزه تركيا أفقاً زمنياً مماثلاً. لقد أصبحت محاولة أنقرة لتطوير قواعد أمامية لدعم هذا الجهد سمةً دائمة في الجغرافيا السياسية لتركيا. إن كيفية ظهور التطابق بين الارتباط التجاري لتركيا وموقفها الاستكشافي الموسع سيحدد شكل مسار علاقاتها الخارجية وسيؤثر بشكل كبير على المعالم المستقبلية للهندسة الأمنية للشرق الأوسط وحوض البحر الأبيض المتوسط.

 

 ترجمة: عبد الرحمن كيلاني

 

Insight Turkey, Summer 2020 / Volume 22, Number 3

https://www.insightturkey.com/commentary/the-logic-beyond-lausanne-a-geopolitical-perspective-on-the-congruence-between-turkeys-new-hard-power-and-its-strategic-reorientation


Endnotes


[1] Carl von Clausewitz, On War, translated and edited by Michael Howard and Peter Paret, (Princeton: Princeton University Press, 1976), p. 605.

[2] Can Kasapoğlu, “Turkey’s Growing Military Expeditionary Posture,” Jamestown Foundation Terrorism Monitor, Vol. 18, No. 10 (March 15, 2020), retrieved from https://jamestown.org/program/turkeys-growing-military-expeditionary-posture/.

[3] Şükrü Elekdağ, “2 1/2 Wars,” Republic of Turkey Ministry of Foreign Affairs Center for Strategic Research (SAM), (March-May 1996), retrieved from http://sam.gov.tr/wp-content/uploads/2012/02/SukruElekdag.pdf.

[4] Sevil Erkuş, “Erdoğan Vows to Prevent Kurdish State in Northern Syria, as Iran Warns Turkey,” Hürriyet Daily News, (June 27, 2015), retrieved from https://www.hurriyetdailynews.com/erdogan-vows-to-prevent-kurdish-state-in-northern-syria-as-iran-warns-turkey-84630.

[5] عرّف جهاز الأمن الدفاعي في الولايات المتحدة البحرية المياه الزرقاء بأنها "قوة بحرية قادرة على التشغيل المستمر عبر المياه العميقة للمحيطات المفتوحة. تسمح بحرية المياه الزرقاء للبلد بإظهار القوة خارج حدودها البحرية وعادةً ما تشمل هذه القوة واحدة أو أكثر من حاملات الطائرات، حيث تستطيع سفن بحرية أصغر حجمًا إرسال سفن أقل إلى الخارج لفترات زمنية قصيرة. (المصدر: ويكيبيديا) المترجم.

[6] Michaël Tanchum, “Sino-Saudi Red Sea Alignment Presents Opportunity for Turkey-China Cooperation,” Turkish Policy Quarterly, (April 7, 2017), retrieved from http://turkishpolicy.com/blog/20/sino-saudi-red-sea-alignment-presents-opportunity-for-turkey-china-cooperation.

[7] Leaders, “The New Scramble for Africa,” The Economist, (March 7, 2019), retrieved from https://www.economist.com/leaders/2019/03/07/the-new-scramble-for-africa.

[8] Michaël Tanchum, “A New Equilibrium: The Republic of Cyprus, Israel, and Turkey in the Eastern Mediterranean Strategic Architecture,” Peace Research Institute of Oslo (PRIO), Occasional Paper Series 1, (2015), p. 10.

[9] Stasa Salacanin, “Turkey Expands Its Military Base and Influence in Qatar,” The New Arab, (September 10, 2019), retrieved from https://english.alaraby.co.uk/english/indepth/2019/9/10/turkey-expands-its-military-base-and-influence-in-qatar.

[10] “Turkey Opens Biggest Overseas Military Base in Somalia,” Daily Sabah, (September 30, 2017), retrieved from https://www.dailysabah.com/politics/2017/09/30/turkey-opens-biggest-overseas-military-base-in-somalia.

[11] Harun Maruf, “Turkey Gives Weapons to Somali Soldiers,” Voice of America, (January 5, 2018), retrieved from https://www.voanews.com/a/turkey-gives-weapons-to-somali-soldiers-/4193724.html.

[12] “National Ship TCG Heybeliada Introduced to the Press,” Defence Turkey, Vol. 6, No. 31, (2012), retrieved from https://www.defenceturkey.com/en/content/national-ship-tcg-heybeliada-introduced-to-the-press-659.

[13] Calculations performed using “Sea Route & Distance” [Calculator], com, retrieved from http://ports.com/sea-route/port-of-mogadishu,somalia/port-of-ras-laffan,qatar/.

[14] “Frigate Projects,” Turkish Naval Forces, (February 20, 2019), retrieved from https://www.dzkk.tsk.tr/icerik.php?dil=0&icerik_id=76.

[15] “Turkey in Talks to Use Two Libya Military Bases,” Yeni Şafak, (June 15, 2020), retrieved from https://www.yenisafak.com/en/world/turkey-in-talks-to-use-two-libya-military-bases-3532124.

[16] Meryem Göktaş, “Turkish Defense Minister Holds Official Visits in Libya,” Hürriyet Daily News, (November 6, 2018), retrieved from https://www.hurriyetdailynews.com/turkish-defense-minister-holds-official-visits-in-libya-138612.

[17] Hami Aksoy, “Statement of the Spokesperson of the Ministry of Foreign Affairs, Mr. Hami Aksoy, in Response to a Question Regarding the Statements Made by Greece and Egypt on the Agreements Signed With Libya on the Maritime Jurisdiction Areas,” Republic of Turkey Ministry of Foreign Affairs, (December 1, 2019), retrieved from http://www.mfa.gov.tr/sc_-73_-yunanistan-ve-misir-aciklamalari-hk-sc.en.mfa.

[18] Michaël Tanchum, “Turkey’s New Carrier Alters Eastern Mediterranean Energy and Security Calculus,” The Turkey Analyst, (January 29, 2014), retrieved from https://www.turkeyanalyst.org/publications/turkey-analyst-articles/item/84-turkey%E2%80%99s-new-carrier-alters-eastern-mediterranean-energy-and-security-calculus.html.

[19] Calculations performed using “Sea Route & Distance” [Calculator], com.

[20] “Policy of Zero Problems with our Neighbors,” Republic of Turkey Ministry of Foreign Affairs, retrieved from http://www.mfa.gov.tr/policy-of-zero-problems-with-our-neighbors.en.mfa#:~:text=In%20this%20context%2C%20the%20discourse,them%20as%20much%20as%20possible.

[21] Michaël Tanchum, “Europe: One Side of the Eastern Mediterranean Fault Lines,” European Council for Foreign Relations (ECFR), (May 2020), retrieved from https://www.ecfr.eu/specials/eastern_med/europe.

[22] “ENI Ship Blocked off Cyprus Leaves,” ANSA, (February 23, 2018), retrieved from https://www.ansa.it/english/news/business/2018/02/23/eni-ship-blocked-off-cyprus-leaves-3_3c4d2077-f068-4847-b5ed-d77f9ac4fad4.html.

[23] “Cyprus, France Reportedly Agree on Use of Naval Base,” Ekatherimin, (May 16, 2019), retrieved from https://www.ekathimerini.com/240536/article/ekathimerini/news/cyprus-france-reportedly-agree-on-use-of-naval-base.

[24] . Annette Chrysostomou, “Cyprus, France, Italy in Joint Naval Exercise,” Cyprus Mail, (December 11, 2019), retrieved from https://cyprus-mail.com/2019/12/11/cyprus-france-italy-in-joint-naval-exercise/.

[25] On the UAE’s prior efforts, see Michaël Tanchum, “UAE Moves Closer to Israel, Greece and Cyprus, Bolstering Egypt’s Regional Role,” Hürriyet Daily News, (April 1, 2017), retrieved from https://www.hurriyetdailynews.com/uae-moves-closer-to-israel-greece-and-cyprus-bolstering-egypts-regional-role--111489.

[26] Anna Ahronheim, “Israel Air Force in Greece as part of Iniohos 2019,” The Jerusalem Post, (April 8, 2019), retrieved from https://www.jpost.com/Israel-News/Israel-Air-Force-in-Greece-as-part-of-Iniohos-2019-585993.

[27] “Relations between Turkey-Algeria,” Republic of Turkey Ministry of Foreign Affairs, retrieved from http://www.mfa.gov.tr/relations-between-turkey%E2%80%93algeria.en.mfa.

[28] “Turkey, Algeria Aim for $5 Billion Trade,” Hürriyet Daily News, (January 27, 2020), retrieved from https://www.hurriyetdailynews.com/turkey-algeria-aim-for-5-billion-trade-151454.

[29] Access to macroeconomic and financial data, “Algeria, Exports,” International Monetary Fund,
retrieved from https://data.imf.org/?sk=9D6028D4-F14A-464C-A2F2-59B2CD424B85&sId=151449
8277103; “Algeria, Imports,” International Monetary Fund, retrieved fromhttps://data.imf.org/?sk
=9D6028D4-F14A-464C-A2F2-59B2CD424B85&sId=1515619375491.

[30] “Algeria, Exports,” International Monetary Fund; “Algeria, Imports,” International Monetary Fund.

[31] État-major des armées, “Carte des Opérations et Missions Militaires,” Republic of France Ministry of Defense, (July 2, 2020), retrieved from https://www.defense.gouv.fr/operations/rubriques_complementaires/carte-des-operations-et-missions-militaires.

[32] “Military Expenditure by Country, in Constant (2018) US$ m., 1988–2019,” Stockholm International Peace Research Institute, retrieved from https://www.sipri.org/sites/default/files/Data%20for%20all%20countries%20from%201988%
E2%80%932019%20as%20a%20share%20of%20GDP.pdf.

[33] “A Review of Major Regional Security Efforts in the Sahel,” United States Department of Defense Africa Center for Strategic Studies, (March 4, 2019), retrieved from https://africacenter.org/spotlight/review-regional-security-efforts-sahel/.

[34] “Türk Deniz Kuvvetleri Stratejisi,” Republic of Turkey Turkish Naval Forces, (2015), retrieved from https://www.dzkk.tsk.tr/data/icerik/392/DZKK_STRATEJI.pdf, p. 21.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق