الخميس، 1 أغسطس 2013

القدس : مفتاح السلام


إسرائيل تقسِّم ما أعلنته مدينة ’موحدة‘ عام 1967



« خطط إسرائيل الحالية لمدينة القدس تقوم على إيجاد مدينة يهودية كبيرة مما سيكون له مضاعفات قاسية للغاية على الفسلطينيين في جانبي ’الجدار الأمني‘ الإسرائيلي . هذا ما ذكرته مجلة «الإيكونوميست» البريطانية في تقرير خاص لها حول القدس ، نشرته في عددها المؤرخ 15 نيسان / أبريل 2006 (ص 13) تحت عنوان « القدس مفتاح السلام » . وقالت المجلة في هذا التقرير (جزئياً) أن إسرائيل تقوم بتقسيم القدس التي أعلنتها عاصمة موحدة لها في عام 1967.

            ومنذ حرب 1948 حتى حرب 1967 كان خط الهدنة بين إسرائيل والأردن يمرّ عبر القدس ويقسمها إلى قدس غربية ، تحت السيطرة الإسرائيلية ، وقدس شرقية عربية . والآن ، فإن الإسمنت المسلح والأسلاك الشائكة تعود من جديد إلى تقسيم المدينة ، وخلال فترة غير طويلة فإن « الجدار الأمني » الذي تقوم إسرائيل ببنائه في الضفة الغربية المحتلة وحولها سيقسم المدينة إلى قسمين . وهذا الجدار الجديد لا يسير على الحدود القديمة ؛ إنه يبتلع ضمن إسرائيل الضواحي اليهودية الجديدة التي أقامتها  إسرائيل قي القدس الشرقية بعد عام 1967 ، كما يتبلع معظم المدينة العربية . وعندما يستكمل الجدار وتغلق بواباته فإن القدس العربية ستُعزَل عن بقية أراضي الضفة الغربية ، ولن يكون هناك سلام ما لم تحل قضية القدس . وإلى جانب مصير اللاجئين من عام 1948 ، فإنها توصف بحق بقلب الصراع .

            وأضاف التقرير أن أي انفصال كامل بين إسرائيل وفلسطين غير وارد . ففي القدس على الأقل ينبغي أن تكون إسرائيل وفلسطين مرتبطتين ومتداخلتين .

            وكانت سياسة إسرائيل في القدس ككل – ولا تزال – تقوم على ترسيخ سيطرتها وإيجاد حقائق لا يمكن الرجوع عنها . وقد استتبع ذلك إعادة تشكيل جغرافية المدينة شكلياً وسكانياً بوضع يهود علىالجانب العربي من حدود 1967 وإيجاد مناطق واسعة قريبة يقطنها يهود في الشمال والشرق والجنوب . وقد أدت هذه السياسة على الصعيد السياسي إلى تحقيق أهدافها . فالتغيرات الضخمة التي أوجدتها إسرائيل جعلت من المستحيل إعادة تقسيم المدينة وفق حدود ما قبل عام 1967.

            ولكن هذه السياسة قد فشلت بالنسبة للكثير من المستويات الأخرى ، فبقية العالم – بما في ذلك الأمم المتحدة والولايات المتحدة – لا يزال يقول إن ضم إسرائيل للمدينة وزرع اليهود عبر الحدود القديمة هما عملان غير شرعيين . وعلاوة على ذلك ، فإنه على الرغم من الأعمال الإسرائيلية الفظيعة ، مثل طرد العرب من بيوتهم ، فإن الديمغرافية تجاهلت التوقعات . فالمدينة لم تكن موحدة رغم كل الإعلانات الإسرائيلية ، فسكانها الفلسطينيون يرفضون التصويت في الانتخابات البلدية ويصرون علىمستقبلهم كجزء من فلسطين مستقلة .

ويضيف التقرير أن القدس صورة عن عالم مصغر ، فقد وطنت إسرائيل يهوداً في الكثير من أنحاء الضفة الغربية ، ولكن هذه المستوطنات التي أوجدتها هي أيضاً غير شرعية . وكما هي الحال في القدس ، فإن الديمغرافية قد أفشلت الحلم بإسرائيل كبرى ، فالحكومة الإسرائيلية القادمة تعترف بأن عليها أن تتراجع إلى حدود أقصر ، وتسمح بإقامة دولة فلسطينية خلفها . ولكن ، وكما هو الحال في القدس ، فإن حدود ما قبل عام 1967 قد مُحيَت إلى حد بعيد ـ وإن فرص التفاوض بشأن حدود جديدة الآن بعد أن جاء إسلاميو حماس المتشددون أصبحت بعيدة .

ويقول التقرير : هناك إغراء بخطوة تالية يراها الإسرائيليون هي : الانسحاب من جانب واحد إلى حدود يختارونها . وفي جوهر الأمر ، فإن هذا يستتبع بناء جداء أمني لإبعاد الانتحاريين ، وإخلاء المستوطنات على الجانب البعيد عن الحاجز ، والانتظار لمجيء الأفضل . ويضيف التقرير أن التصرف من جانب واحد له فوائد ، فإسرائيل انسحبت من غزة من جانب واحد ، فإن أخْلَت الآن بعض المستوطنات في الضفة الغربية فإن ذلك يوفر فرصاً أفضل من أجل إقامة الدولة الفلسطينية في النهاية . ولكن حتى لو كان ذلك أفضل من لا شيء إلا أنه ليس بديلاً للسلام الذي يتحقق عن طريق التفاوض .

وقال تقرير «الإيكونوميست» : ومرة أخرى تظهر إسرائيل أن حاجزها الأمني ليس فقط من أجل الأمن بل هو أيضاً للاستيلاء على الأرض . إنه محاولة لرسم حدود مفضلة لها ، ولهذا ، فإنه فيما يتعلق بالقدس فإن الحاجز يتجاهل الديمغرافية ويبتلع القدس الشرقية . وهذا يسير مع حدود الضم ، ولكنه يعزل على الجانب الإسرائيلي مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين سيفصلون عن إخوانهم في الضفة الغربية . وهذا قد يكون دافعاً لانتفاضة جديدة تساعد الانتحاريين . ومهما يكن من شيء ، فإن من الواضح أن قيام إسرائيل بتقسيم القدس يجعل الأمور أكثر سوءاً . فما من سلام يمكن أن يتحقق إذا لم يظل الوصول إلى المدينة ممكناً من الشرق ومن الغرب ، على الأقل وخلال هذه الفترة من الهدوء النسبي . ويجب على إسرائيل أن تُبقي حاجزها الأمني مفتوحاً إلى الحد الممكن ، لأن عزل فلسطينيي القدس سيؤدي إلى احتمال حدوث مزيد من العنف .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق