الجمعة، 2 أغسطس 2013

عبّاس ومنظمة التحرير، إصلاح أم تدمير (3/3)

في هذا الجزء الثالث والأخير من تناول منظمة التحرير الفلسطينية، يتم التركيز على أهم مؤسستين وهما المجلس الوطني الفلسطيني واللجنة التنفيذية، وتجدر الاشارة إلى أن التحركات في الأيام الأخيرة لعقد المجلس الوطني بأعضائه الحاليين وضم نواب التشريعي إليه كأقلية غير فاعلة ، وأيضاً محاولة تفعيل اللجنة التنفيذية من خلال تعيين المجلس المركزي لأعضاء جدد حسب الرغبة والمقاس، ما هو إلا  تحجيماً لفوز حماس وتأكيداً لهيمنة فتح على صناعة القرار، وتلاعب تمارسه الفئة المتنفذة بالمؤسسات الوطنية لتمرير مخططاتها المشبوهة، بعد أن تذكرت فجأة أن هناك منظمة تحرير!
المجلس الوطني الفلسطيني:
يقول عبد الله الحوراني عضو المجلس الوطني تحت عنوان: "منظمة التحرير الفلسطينية..أين صارت وكيف تعود"، المجلس الوطني الفلسطيني أصبح عدده يتجاوز الـ750 عضواً لكثرة ما أضيف إليه من أشخاص دون أي اعتبار لموضوع الكفاءَة أو الاختصاص، فبات أقرب إلى صيغة المهرجانات الجماهيرية الخطابية، ولم يعقد أي اجتماع له من إبريل (نيسان) 1996، مع أن النظام الأساسي ينص على ضرورة انعقاده سنوياً، كما ينص على ضرورة تجديد العضوية (إعادة النظر في الأعضاء) كل ثلاث سنوات. والمجلس المركزي أيضاً، الذي ينص النظام على تجديده مع تجديد المجلس الوطني مضت عليه المدة نفسها دون تغيير، كما أنه لم يجتمع خلال السنوات التسع الماضية أكثر من أربع أو خمس مرات، مع أن نظامه ينص على ضرورة انعقاده كل ثلاثة أشهر، هذا فضلاً عن أن كثيرا من قراراته، إن لم نقل كلها، لم ينفذ، خاصة تلك التي تتعلق بإصلاح واقع المنظمة وتأكيد مرجعيتها، وتعزيز الوحدة الوطنية.
لم توفر السلطة الفلسطينية جهداً أو طريقة لتعطيل انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني إلا وسلكتها، وتحت مسميات ومبررات عديدة، ورغم عقد ورش عمل ولقاءات وندوات إلا أن المجلس لم ينعقد، وحول هذا الموضوع تحديداً يقول سليم الزعنون رئيس المجلس في ندوة عقد عام 2000 في رام الله ونظمها منتدى الفكر والحوار الوطني :
·                 ان القيادة اتخذت قرارا بتشكيل لجنة رئاسية ولجان اخرى منها، لاتخاذ الاستعدادات، ولكن هذه اللجان لم تجتمع ولم تتعامل بجدية مع ما اوكل لها من مهمات
·                 اللجان التي شكلت في اعقاب اجتماع المركزي، قال ابو الاديب ان هناك تعقيدا اخر في هذا المجال، اذ كان من المفترض ان تشكل هذه اللجان خلال 10 ايام من انتهاء الاجتماع، ولكننا مكثنا شهراً، وبعد ذلك بدأنا التشكيل، وبعدها لم تبدأ هذه اللجان بالعمل اذ ان غالبيتها لم يستكمل، وهذا نقد نوجهه إلى انفسنا، لانه لا يجوز باي شكل من الاشكال ان يسجل على انفسنا اننا كنا نريد عقد المجلس المركزي لنصل به إلى غرض معين، فاذا لم نحصل عليه ننسى استعدادات المستقبل.
·                 لجنة الوحدة الوطنية التي اوكلت اليه مهمة رئاستها لم تجتمع بسبب سفره في مهمتين للمشاركة في اتحاد البرلمانات الاسلامية في طهران والمشاركة في اتحاد البرلمان العربي في دمشق!
·                 وحول تساؤلات عن فاعلية المجلس الوطني قال ابو الاديب ان اسرائيل، اصرت على ان يقوم هذا الاطار الذي يمثل مختلف فئات الشعب في الداخل والخارج بتعديل الميثاق في عام 1996، نظرا لاهميته، مقابل ان تعترف به وبمنظمة التحرير، وان توجهنا كان ان يقوم هذا الاطار بدوره الحقيقي في تقديم القيادة والسلطة، ولكن وصول اعضائه إلى 750 منهم 650 يشغلون وظائف مدنية وعسكرية في السلطة لا يجعله يقوم بدور المحاسبة والمساءلة، وهذا شكل ازمة لنا.
·                 ان المجلس الوطني حرص على ان لا يحصل هذا الامر، واعتبر ان اعضاء التشريعي هم شريحة يمثلون الداخل وطبقا للمادة السادسة من نظام منظمة التحرير، اصبحوا بالانتخابات اعضاء في المجلس الوطني.
·                 ومن المعلوم أن آخر جلسة عقدها المجلس الوطني الفلسطيني كانت في شهر أبريل/نيسان من عام 1996 لإلغاء بنود وتعديل بنود أخرى من الميثاق الوطني الفلسطيني، وهو ما يرفضه أغلبية الشعب الفلسطيني.
اللجنة التنفيذية:
سيطر عبّاس على رئاسة اللجنة بعد ساعات من وفاة عرفات، وأصر على عقدها كلما كان ذلك لمصلحته ولتمرير مشاريع واتفاقات مشبوهة.
يضيف عبد الله الحوراني في مقاله السابق: حال اللجنة التنفيذية للمنظمة، وهي أعلى هيئة قيادية سياسية للشعب الفلسطيني، هو انعكاس لحال المجلسين، الوطني والمركزي. فهي لم يجر تجديد انتخابها منذ تسع سنوات، رغم ما جرى لها وعليها من أحداث. فمن بين أعضائها الثمانية عشر، هناك أربعة استشهدوا، وأحد الأخوة الأعضاء معتقل في سجون الاحتلال، وبعض الأعضاء ترك أو جمّد عضويته، وبعضهم غير متفرغ لعمله في اللجنة التنفيذية حيث يمارس مهمات وظيفية خارجها، رغم ما في ذلك من مخالفة صريحة للنظام الأساسي للمنظمة. وآخرون لا يتولون أية مهمات، ولا يقومون بأية أعمال غير حضور اجتماعات اللجنة التنفيذية. وبدلاً من معالجة هذا الوضع، وفق ما ينص عليه النظام الأساسي، بما يعيد لها دورها وأهليتها ومكانتها القيادية، وشمولية تمثيلها لكل التيارات السياسية، بما يضفي مصداقية أكبر على وحدة ووحدانية تمثيلها للشعب الفلسطيني... جرى تعويمها أكثر، بفتح أبواب اجتماعاتها لكل من رغب، أو تواجد في مبنى الاجتماع من ممثلي فصائل، أو وزراء في السلطة، أو أعضاء في المجلس التشريعي أو حتى بعض موظفي المقر. لدرجة أن اجتماعاتها باتت أقل انضباطاً ونظاماً من اجتماع أي مكتب سياسي أو أي هيئة قيادية لأي فصيل من فصائلها. وهكذا تهلهل وضعها أكثر، ولم تعد بياناتها أو قراراتها تحمل معنى أو موقفاً محدداً، أو تحظى باهتمام واحترام الرأي العام.
ومن الناحية القانونية فإن اللجنة التنفيذية تعتبر بحكم المنتهية واللاغية لفقدان النصاب القانوني بغياب ثلث أعضائها (اللجنة مكونة من 18 عضو) كالتالي:
1- ياسر عرفات– متوفي .
2- فاروق القدومي تعذر الحضور/ممتنع.
3- فيصل الحسيني – متوفي
4- ياسر عمرو – متوفي
5- سليمان النجاب – متوفي
6- اسعد عبد الرحمن – مستقيل
7- عبد الرحيم ملوح – أسير
و تنص المادة 14 (معدلة) من النظام الأساسي على ما يلي:
"إذا شغرت العضوية في اللجنة التنفيذية بين فترات انعقاد المجلس الوطني لأي سبب من الأسباب، تملأ الحالات الشاغرة كما يلي:
‌أ.        إذا كانت الحالات الشاغرة تقل عن الثلث، يؤجل ملؤها إلى أول انعقاد للمجلس الوطني.
‌ب.     إذا كانت الحالات الشاغرة تساوي ثلث أعضاء اللجنة التنفيذية أو أكثر، يتم ملؤها من قبل المجلس الوطني، في جلسة خاصة يدعى لها خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما.
‌ج.     في حالة القوة القاهرة التي يتعذر معها دعوة المجلس الوطني إلى اجتماع غير عادي، يتم ملء الشواغر، لأي من الحالتين السابقتين من قبل اللجنة التنفيذية، ومكتب المجلس، ومن يستطيع الحضور من أعضاء المجلس، وذلك في اجتماع مشترك يتم لهذا الغرض، ويكون اختيار الأعضاء الجدد بأغلبية أصوات الحاضرين".
وفي الحالة الراهنة التي تعيشها اللجنة التنفيذية فإن أكثر من ثلث أعضائها، البالغ عددهم ثمانية عشر عضواً ، يعتبر شاغراً - بالوفاة، أو الاعتقال، أو تجميد العضوية، أو التغيب-. وهذا يقتضي، كما ينص النظام، على ضرورة الدعوة الفورية للمجلس الوطني لاجتماع غير عادي لملء هذه الشواغر.
وإذا ما قيل بتعذر انعقاد المجلس نظراً لظروف الاحتلال القاهرة، ونظراً لكثرة عدد أعضاء المجلس (أكثر من 750)، ووجود أعداد غير قليلة منهم خارج الوطن ولا يسمح لهم بالدخول، ونظراً لانقطاع دورات المجلس عن الانعقاد لمدة تجاوزت التسع سنوات (مع أن النظام ينص على انعقاده سنوياً، ويتم تجديد المجلس أو تأكيد العضوية أو إعادة النظر فيها كل ثلاث سنوات)، ونظراً لتراكم العديد من القضايا التي تتطلب البحث، بما في ذلك الأنظمة والقوانين، وطريقة تركيب المجلس، واستيعاب القوى السياسية الموجودة خارج المنظمة.... فإنه قد يكون من الصعب عقد المجلس في وقت قريب، أو عقد دورة استثنائية لملء شواغر اللجنة التنفيذية فقط، وتأجيل بقية القضايا.
الإصلاح المزعوم:
بعد هذا السرد الموثق لمراحل قبر وقتل منظمة التحرير الفلسطينية من قبل القيادة المتنفذة وعلى رأسها محمود عبّاس، تأتي دعوات الإصلاح من هؤلاء لذر الرماد في العيون، وفي سياق البحث عن الدعم المطلوب في مراحل حساسة تتطلب كسب الجماهير وتخديرها بشعارات برّاقة، ولنراجع دعوات عبّاس الشخصية للإصلاح:
·                                 برنامج عبّاس الإنتخابي لرئاسة السلطة فقد استهله بالتالي:
انطلاقا من الثوابت الوطنية، واستنادا لخطاب الرئيس الخالد أبو عمار أمام المجلس التشريعي في 18 آب الماضي، والتزاما بمبدأ المصارحة مع شعبنا في طرح مهماتنا وتحدياتنا، أطرح برنامج العمل الوطني التالي، إذا نال ثقة جماهيرنا، دليل العمل الملزم لنا في المرحلة القادمة:
 أولا-  التمسك بالثوابت الوطنية:
نضالنا مستمر وسيتواصل لنيل حقوقنا الوطنية الثابتة كما أقرتها أطرنا ومؤسساتنا لإنهاء الاحتلال عن جميع الأراضي الفلسطينية العام 67 وإقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف عليها، وتحقيق حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وفق القرار 194 وعلى أساس قرارات قمة بيروت عام 2002.
 ثانيا-  تعزيز الوحدة الوطنية وتفعيل مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية:
إن تمتين أواصر الوحدة الوطنية لشعبنا وقواه وفصائله وتياراته هو الضمانة الأكيدة لمواجهة التحديات، لذلك سنستمر بعزم وتصميم بالعمل على التواصل إلى قواسم مشتركة لبرنامج عمل وطني يجند كل الطاقات خدمة لأهداف نضالنا.
ويرتبط بهذه المهمة تطوير الدور القائد لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في جميع أماكن تواجده، في العملية السياسية وفي رعاية مصالح وحقوق أبناء شعبنا اللاجئين في المنافي والشتات. وسنعمل بلا كلل من اجل مشاركة جميع القوى والفصائل والتيارات في صياغة قرارنا الوطني، ضمن اطر منظمة التحرير والسلطة الوطنية.
وسنقوم بتفعيل مؤسسات ودوائر المنظمة، وتطوير عمل البعثات الدبلوماسية الفلسطينية وهيئات الجاليات الفلسطينية في دول العالم.
·                 في حوار شامل أدلى به عباس بتاريخ 20/01/2005، لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفـا"، والصحف المحلية الثلاث: "القدس" و"الأيام" و"الحياة الجديدة" أجاب على الأسئلة المتعلقة بالإصلاح وتفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية وكما ورد في لقائه:
"وحول تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها ودوائرها، أعلن الرئيس عباس عن تشكيل لجنة برئاسة السيد سليم الزعنون "ابوالاديب"، رئيس المجلس الوطني، لوضع خطة لتفعيل دور م.ت.ف، المسؤولة عن شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج، وتفعيل مؤسسات المنظمة والمجلس المركزي ودوائرها.
وأكد السيد الرئيس اهتمام المنظمة المستمر بشؤون الفلسطينيين في الخارج، وأن هذه القضية كانت في عقل وذهن الاخ ابوعمار، واننا سوف نتابع هذا النهج.
والدليل على ذلك أننا، عندما ذهبنا الى لبنان، طالبنا بإعادة فتح سفارتنا وتحسين أوضاع أهلنا هناك، وقمنا بزيارة المخيمات وتحدثنا اليهم، وسوف يتكرر هذا الأمر.
وحول مشاركة "حماس" في مؤسسسات م.ت.ف، قال السيد الرئيس: لقد طرحنا اكثر من مرة امكانية مشاركة "حماس" في المؤسسات الوطنية، وان تدخل في هذا الاطار، وانه لابد من ايجاد صيغة ما لذلك، شريطة ان نحافظ على قانونية اللجنة التنفيذية، ومنظمة التحرير الفلسطينية، موضحاً أنه لا يمكن أن نهدم ما لدينا، بل يجب أن نبني عليه.
وحول فكرة انتخاب أعضاء المجلس الوطني، قال الرئيس عباس: إن هناك ظروفاً موضوعية تحول دون انتخاب أعضاء المجلس الوطني. فهو يختلف عن المجلس التشريعي، الذي يمثل شعبنا في الداخل، ويمكن اجراء انتخابات لاختيار أعضائه.
وأضاف سيادته: ليست عملية انتخاب المجلس الوطني عملية سهلة، ولكن اعادة تشكيله مطلب مشروع، وبامكان اللجنة التنفيذية وأعضاء المجلس الوطني أن يحددوا أعضاء المجلس، وبالتالي إعادة تشكيله على الأسس السليمة السابقة من خلال الفعاليات، أو الشخصيات، أو ممثلي المؤسسات والنقابات، وغير ذلك.
وتابع الرئيس عباس: إننا لا نستطيع أن نعد الناس بإجراء انتخابات للمجلس الوطني في الخارج. أما في الداخل، فإن أعضاء المجلس التشريعي المنتخب هم أعضاء في المجلس الوطني.
وقال سيادته: إن من صلاحيات المجلس الوطني، في حال انعقاده، إعادة تشكيل اللجنة التنفيذية للمنظمة".
·                                 في حوار مع صحيفة الحياة اللندنية بتاريخ 26/01/2005 أجاب عبّاس على عدة أسئلة منها:
ماذا بشان الشق الاخر من الحوار في ما يتعلق بالشراكة السياسية والانتخابات ودخول التنظيمات غير المنضوية في اطار منظمة التحرير الى البيت الفلسطيني الرسمي؟
شكلنا لجنة من اللجنة التنفيذية برئاسة رئيس المجلس الوطني لاعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، بمعنى اعادة النظر في مؤسسات المنظمة لتفعيلها اكثر فأكثر ولتقوم بواجباتها داخل الوطن وخارجه. هذه اللجنة اتمنى ان يشارك فيها جميع المنظمات الموجودة داخل المنظمة وخارجها. نعم وجهنا دعوة الى الجميع، الى حماس والجهاد. واي تنظيم يريد ان يشارك في عملية اعادة تقويم منظمة التحرير الفلسطينية فليتفضل، ونحن مستعدون للمشاركة، وهذا نوع من المبادرة من قبلنا حتى يكون الكل في البيت الفلسطيني.
هل صحيح انه سيتم تقليص اعضاء المجلس الوطني بحيث تتساوى نسبة التمثيل بين فلسطينيين الشتات والداخل؟
أولا، المسألة ليست بهذه الميكانيكية الحادة: تقليص من اجل ان يحصل تمثيل. لكن لا بد ان يكون تمثيل الداخل متساو مع تمثيل الخارج. الان تغيير المجلس زيادة او نقصانا, هذا يعود الى الهيئة المختصة وهي اللجنة التنفيذية ورئاسة المجلس الوطني التي تستطيع ان تقرر عدد اعضاء المجلس الوطني والنسب المختلفة هنا وهناك. الامر يعود لهذه الهيئة، لكن المنطق يقضي بان يتوازن الداخل مع الخارج. وكما قلت جميع اعضاء المجلس التشريعي هم اعضاء في المجلس الوطني. لا اعتقد انه سيرتفع لان عدد اعضاء المجلس الوطني الان 740. ولا بد من تقليص هذا العدد.
·                 في الذكرى الأولى لوفاة عرفات في 11/11/2—5 وأمام قبره أكد عباس "عزمه مواصلة ما بدأه من تفعيل وإصلاح لمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية لكي تنهض بدورها في قيادة نضال الشعب الفلسطيني وأن يبقى واحدا موحدا خلف ممثله الشرعي والوحيد وهي المنظمة"!
السؤال هنا: هل تطابقت دعوات الإصلاح بالكلام المعسول مع حقائق التدمير على أرض الواقع؟ الإجابة الواضحة الناصعة هي أن النهج الحالي لعبّاس ومن معه هو تدمير منظمة التحرير الفلسطينية وإحلال السلطة مكانها.
يقول عامر راشد تحت عنوان "هل أصبحت منظمة التحرير الفلسطينية لزوم ما لا يلزم" بتاريخ 21/07/2005 تعليقاً على عملية الإحلال تلك: " وما كان من الممكن تمرير خطة إحلال السلطة الفلسطينية مكان منظمة التحرير الفلسطينية إلا بخلق تداخل واسع في الهياكل القيادية لكل من السلطة الوليدة ومنظمة التحرير الفلسطينية، لتبدأ بعد ذلك عملية إزاحة تدريجية لصالح السلطة الفلسطينية. فرئيس السلطة الفلسطينية هو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، ومعظم وزرائها هم من أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أو من أعضاء المجلس المركزي الفلسطيني، بذلك نجحت التغطية على عملية سحب البساط من تحت منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها الائتلافية".
" مما سبق يتضح لنا بأن إعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية يتطلب أولاً وقبل كل شيء إزالة التداخل، الذي يصل إلى حد التطابق، بين مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية وبين مؤسسات السلطة الفلسطينية، وسحب الصلاحيات القيادية والتمثيلية التي أعطيت لمؤسسات السلطة على حساب صلاحيات مؤسسات منظمة التحرير، وهذا جوهر ما نادى به إعلان القاهرة. لكن ما يجري عملياً وعلى أرض الواقع هو المزيد من تكريس دور مؤسسات السلطة الفلسطينية على حساب دور مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية شبه المتلاشي".
هذا التداخل سبق وأن أوجده عرفات حيث كان يعمل انطلاقا من تسلمه لثلاثة مناصب أساسية: فهو رئيس السلطة الفلسطينية، وهو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، وهو رئيس الدولة الفلسطينية. وبقي عرفات محافظا على كون منظمة التحرير هي المرجعية للسلطة الفلسطينية إنما انطلاقا من الداخل، وسهل عليه الأمر أنه هو المناصب الثلاثة، فكان يجمع (السلطة) حين يريد قرارا داخليا، وكان يجمع أعضاء اللجنة التنفيذية الموجودين في الداخل حين يريد قرارا مرجعيا، وكان يشارك وزير خارجيته في قضايا السفارات في الخارج من حيث التعيين ومن حيث صرف الميزانيات، مع أرجحية لصالحه بصفته الرئيس، وبصفته صاحب القرار المالي، واستمر الأمر على هذا الحال أكثر من عشر سنوات.
عبّاس يحاول من خلال هذا التداخل السيطرة المطلقة على كل شيء وفي هذا الإطار يقول الكاتب نضال حمد تحت عنوان "مات الملك عاش الملك": عباس يحاول التصرف وكأنه رئيس الشعب الفلسطيني كله وهذا هراء، فلا هو ولا لجنة فتح المركزية ولا ما يسمى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وهذه اللجنة لم تعد شرعية وفقدت شرعيتها القانونية منذ رحيل عرفات ووفق دستور منظمة التحرير الفلسطينية، يقررون من هو رئيس الشعب الفلسطيني فالذين يقررون ذلك هم أبناء هذا الشعب في صناديق الاقتراع.وهم الذين ينتخبون رئيس الشعب الفلسطيني، هؤلاء الذين قدموا الغالي والنفيس وحملوا منظمة التحرير الفلسطينية على عظامهم وجماجم أهاليهم في المخيمات المبادة والأخرى الصامدة والصابرة على خطوط المواجهة الكثيرة. هؤلاء هم أبناء هذا الشعب الفلسطيني المتمسكون بجمر القضية رغم انه يحرق اياديهم يوميا..
الكلام عن الانتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني ومن اجل إعادة ترميم المنظمة وتصحيح مسارها واستردادها من الأيدي التي تعبث بها، أخذ يتردد في الأوساط الفلسطينية وفي المخيمات والتجعمات في دول الطوق والدول العربية الأخرى،وكذلك بدأت الجاليات الفلسطينية في أوروبا والأمريكيتين واستراليا تتداوله بشكل عملي في مؤتمرات ولقاءات شهدتها وتشهدها أوروبا.لذلك على رئيس السلطة عدم الخلط والتصرف وكأنه يمثل الشعب الفلسطيني كله، وعدم الحديث عن توطين الفلسطينيين.وكذلك عن نزع السلاح الفلسطيني في لبنان دون التوصل لانتزاع موقف وقرار دستوري من البرلمان البرلماني اللبناني يلزم لبنان برلمانا وحكومة وشعبا وطوائف بإعطاء الفلسطينيين حقوقهم كافة ويحميهم من الجزارين والقتلة والمتربصين بهم في البلد. فالخوض في تلك الأمور والسباحة عكس التيار والدخول في المنطقة المحرمة لا يرتد على أصحابه سوى بالوبال.
الخلاصة:
مخطط القضاء على منظمة التحرير الفلسطينية أو ما بقي منها بدأ منذ سنوات طويلة، وقد فُصّلت تلك المراحل بشكل دقيق في كتاب أصدره بروفيسور عبد الستار قاسم تحت عنوان "الطريق إلى الهزيمة"، ودخل الآن الفصل الأخير لإسقاط ما تبقى من حقوق وثوابت تحت مسميات عدة وتبريرات لا حصر لها من قبيل إنتقال الثقل إلى الداخل الفلسطيني، ووجود قوى فاعلة خارج إطار منظمة التحرير، ومرحلة بناء الدولة، ووحدانية المؤسسات.
أما إصلاح المنظمة فلا يمكن أن يمر هكذا دون المرور على موضوع الميثاق و البنود الملغاة والمجلس الوطني وعدد أعضاءه في الداخل و الخارج و التنفيذية وعدد أعضاءها و الرواتب و المزايا المالية.
إن عملية الإصلاح والتفعيل تلك تحتاج إضافة لما سبق إلى مرحلتين تناولهما عبد الله الحوراني بالتفصيل في مقالته السابقة الذكر وهما: إعادة إحياء مؤسسات المنظمة وخاصة المجلس الوطن والمركزي واللجنة التنفيذية، ومن ثم إعادة بناء المنظمة بضم كل القوى إليها بما فيها فلسطينيو الشتات.
هذه هي أقوال متنفذو أوسلو ودعواتهم للإصلاح، وهذه هي أفعالهم على الأرض لتدمير منظمة التحرير الفلسطينية، والمطلوب وإن كان معقداً ومتشابكاً كما سبق ذكره، إلا أنه يتلخص في رفض الهيمنة والسيطرة الأوسلوية على مستقبل الشعب الفلسطيني ومؤسساته التي التف حولها، والتمسك بالثوابت والحقوق الوطنية، وبالميثاق الوطني الفلسطيني كما هو دون تعديل أو حذف، أما إن تحولت منظمة التحرير الفلسطينية لأداة في يد عبّاس- دحلان وبشكل ممسوخ مقيت، وبقيت حكراً على فتح المُسيطرة عليها دون باقي الفصائل والقوى الفلسطينية، وبتهميش متعمد لثلثي الشعب الفلسطيني في الشتات،  فهي وبكل تأكيد لن تكون لا ممثلاً شرعياً ولا وحيداً للشعب الفلسطيني. 
د.إبراهيم حمّامي
05/03/2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق