الجمعة، 2 أغسطس 2013

عبّاس ومنظمة التحرير، إصلاح أم تدمير (3/2)

 في الجزء الأول تناولنا إرهاصات تدمير منظمة التحرير الفلسطينية، والخروج عن ثوابتها، وانتهاج خط يقضي على مؤسساتها ولكن بشكل خفي غير واضح ... في هذا الجزء يأخذ هذا النهج الشكل العلني الطاعن في كل شيء والمشكك بإنجازات الشعب الفلسطيني، وكذلك التصادم المباشر مع المؤسسات القائمة وصولاً للسيطرة على مفاتيح القرار لتنفيذ الفصل الأخير من تدمير منظمة التحرير الفلسطينية.
عبّاس كبديل لعرفات
مثلت الإنتفاضة بانطلاقتها في شهر 09 من عام 2000 صدمة وضربة لطموحات محمود عباس في تمرير إتفاقات مشبوهة لا تخدم إلا الإحتلال ومفاجأة غير سارة له ولزمرة أوسلو فانبرى منذ أيامها الأولى للتشكيك بجدواها فبعد أيام فقط من إنطلاقتها قال: الإنتفاضة الفلسطينية لن تحقق نصرا بل هي رسالة للإسرائيليين بأنهم لا يجب أن يفكروا بهذه الصورة في رفض تطبييق الشرعية الدولية.
لم يترك بعدها أبو مازن فرصة للتشكيك في الإنتفاضة إلا وانتهزها فبإيعاز مفضوح من شارون عقد أبو مازن أو بالأحرى سمح له بعقد إجتماع في بيته برام الله مع "قادة" حركة فتح يوم 24-09-2002 أثناء فترة حصار عرفات في مبنى المقاطعة كان أهم ما صدر عنه: وقف "العنف" والإمتناع عن كل مظاهره بما فيها المظاهرات الضخمة. بعد أيام من هذا الإجتماع نشر إستطلاع للرأي (مؤسسة الشقاقي) أظهر أن أبو مازن يحظى بتأييد 3% فقط ممن شاركوا في الإستطلاع، مما يفسر الأنباء التي شاعت حينها ونشرت في عدة صحف من بينها الوطن وهآرتز يوم 27-10-2002 بأن أبو مازن يفكر ويخطط للإنتقال إلى عمان ليقود معارضة ضد عرفات!! 
كان عباس يأمل في نهاية سريعة للإنتفاضة حتى يتسنى له الإستمرار في مخططه ولكن بعد مرور عامين على إنطلاقتها كشر أبو مازن عن أنيابه وقرر إسقاط القناع الأخير فشن هجومه الشهير على الإنتفاضة مبتدعا تعبير "عسكرة الإنتفاضة" لتبرير هجومه القبيح على شعبه، ففي محاضرة بدعوة من اللجان الشعبية بقطاع غزة نشرت تفاصيلها يوم 02-12-2002 لم يترك محمود عباس في قاموسه وصفا يدين الإنتفاضة إلا واستخدمه وكانت هذه المحاضرة بمثابة حجر الأساس في طريق توليه المنصب التالي كما جرت العادة بمكافأته كلما أظهر العداء لشعبه. أهم النقاط التي وردت في تلك المحاضرة كانت ) نشرت التفاصيل في أكثر من صحيفة وموقع - راجع الحياة والقدس العربي وهآرتس 02-12-2002)
- تربيت على هذه الأمور (يقصد الصراحة) ولا أحب اللف والدوران ورغم أنني إشتغلت في السياسة طويلا وكان علي أن أتعلم شيئا من الدبلوماسية ولكن في وضعنا الدبلوماسية لا تنفع ولابد من قدر كبير من الصراحة والوضوح مع النفس والآخرين
- الإنتفاضة دمرت كل ما بنيناه في أوسلو وكل ما بني قبل ذلك
- علينا أن نقول كفى للإنتفاضة-أن نسأل ماذا حققنا في هذين العامين
- حصلنا في هذه الإنتفاضة فقط على الدمار المطلق
- الإنتفاضة سببت هروب رأس المال والإستثمارات من مناطق السلطة
- الشعب الفلسطيني بات على خط الفقر بسبب الإنتفاضة
- ظاهرة الفلسطيني التائه إنتهت بعد أوسلو
- لم يفت أبو مازن أن يثني على شارون واصفا إياه بـ" الزعيم الصهيوني الأهم منذ هرتزل"
- لم يسلم فلسطينيو الداخل (عرب 1948 كما يحلو له تسميتهم) من هجوم محمود عباس حيث قال: " لقد أضروا بحق العودة على وجه الخصوص فالإسرائيلييون سيقولون مثل هؤلاء العرب لا نريد المزيد عندنا" 
رغم ردة الفعل العنيفة على ما ورد في تلك المحاضرة من جميع مؤسسات وفئات الشعب الفلسطيني والإنتقاد الرهيب الذي وصل إلى حد اتهامه بخيانة الشعب الفلسطيني وقضيته إلا أن ذلك لم يثن عرفات وزمرته من تشجيع أبو مازن ودعمه حيث ترأس في الأشهر الأخيرة وفد حركة فتح في المفاوضات التي رعتها المخابرات المصرية بين الفصائل الفلسطينية في القاهرة، والتي دعا فيها حركتي حماس والجهاد الى الموافقة على هدنة لمدة عام.
بمجرّد أن أصرّ  جورج بوش، في سنة 2002، على "تغيير قواعد اللعبة" في السلطة الفلسطينية. أراد بوش، بما يشبه تعبيرات عباس إبان السبعينيات؛ "اختراق" الساحة الفلسطينية، و"توسيع الهوة الداخلية" داخل السلطة، لصالح "رئيس وزراء معتدل" بدلاً من الرئيس عرفات، الذي تحوّل بين عشية وضحاها في نظر الإدارة في واشنطن العاصمة إلى زعيم "مثير للمتاعب"، و"غير جدير بالثقة" الأمريكية.
خلال أشهر معدودة؛ نجح سيد البيت الأبيض في الإلحاح على "الإصلاحات" التي أكثر من المطالبة بها في خطابات ممزوجة بالتصفيق، وعلى ضوء جهوده تم استحداث وزارات للداخلية والأمن والمالية، والبحث عن رؤساء وزارة "معتدلين" أيضاً في السلطة الفلسطينية.
تم تعديل "الدستور" وإستحداث منصب تم تفصيله على مقاس أبو مازن وتسميته كمرشح "القيادة" لمنصب رئيس الوزراء في سلطة أوسلو يوم 07-03-2003 وقبوله الترشيح يوم 19-03-2003 ومن ثم إعلان تشكيلته الوزارية في 23-04-2003، وهكذا حصل محمود عباس على الجائزة الكبرى بعد مشوار طويل من خرق المحرمات وخلخلة منظمة التحرير الفلسطينية، وعين رسميا "رئيسا للوزراء" يوم 29-04-2003 وسط ترحيب وتهليل أمريكي أوروبي وعربي.
من هنا؛ تقلد محمود عباس منصب أول رئيس وزراء في السلطة الفلسطينية. وسرعان ما بدأ تحركاته آنذاك، ففي قمتي شرم الشيخ والعقبة المتعاقبتين في سنة 2003؛ ظهر محمود عباس على المنصة بدلاً من الرئيس عرفات الذي اعتاد اعتلاءها. كان المشهد، غير المألوف فلسطينياً وإقليمياً ودولياً حتى ذلك الحين؛ يحمل في طياته الكثير من التداعيات، طالما أنّ الرئيس عرفات ذاته كان محاصراً في مقرِّه المتداعي في رام الله المحتلة، بينما يعرب رئيس وزرائه بثقة بالغة عن عزمه على مكافحة "الإرهاب"، في إشارة إلى المقاومة الفلسطينية.
أما عندما تحدث أبو مازن عن ضرورة إنهاء معاناة اليهود عبر العصور، في خطاب العقبة المثير لامتعاض الشارع الفلسطيني؛ فلم يكن يقوم سوى بالتكفير عن "خطيئة" إصدار كتاب له في الثمانينيات، خصّصه لرواية أفران الغاز في معسكرات الاعتقال النازية، وأكد فيه تعاون الحركة الصهيونية مع النازيين آنذاك، وهو الكتاب الذي هو في الأصل رسالته للدكتوراه من موسكو. فالإشارة المحشورة عنوة إلى معاناة اليهود، وليس الفلسطينيين، كانت عملياً مسعى للهرولة إلى الأمام تملّصاً من مطالب الاعتذار عن إنكار المحرقة والإقرار بالهولوكوست التي أخذت تتداعى آنذاك في الجانب الصهيوني.
عندما تولى محمود عباس "أبو مازن" منصب رئاسة الوزراء في السلطة الفلسطينية، في نيسان  2003؛ كان يدشن عهد حكومة مأزومة منذ أيامها الأولى، نجحت بصعوبة في إكمال مائة يوم قبل أن يستقيل. فالرجل الثاني في حركة "فتح" ومهندس اتفاقات أوسلو من الجانب الفلسطيني؛ تولى منصب أول رئيس وزراء في السلطة، بعد إلحاح أمريكي باستحداث هذا المنصب، وفي ظل انزعاج واضح من الرئيس الراحل ياسر عرفات.
وفي باكورة الاتصالات الأولى من نوعها آنذاك؛ عقد رئيس الحكومة الصهيونية آرائيل شارون ونظيره من جانب السلطة الفلسطينية محمود عباس قمة لبحث "خارطة الطريق" في السابع عشر من أيار 2003، وتجدّد اللقاء بينهما في مكتب شارون في التاسع والعشرين من ذلك الشهر.
وأظهرت الإدارة الأمريكية ترحيبها المبالغ فيه بعباس، الذي جاء إلى المنصب بضغوط أمريكية على السلطة. وقد تحدث الرئيس جورج بوش إليه لأول مرة في العشرين من أيار 2003، بينما رفض بوش لقاء عرفات ولو لمرة واحدة.
وسرعان ما أخذ محمود عباس آنذاك بالبروز دولياً وعربياً على حساب الوجه التاريخي ياسر عرفات. فبينما بقي "أبو عمار" الراحل محاصراً في مقر المقاطعة في رام الله، كان يجري استقبال عباس بحفاوة بالغة من جانب الأمريكيين والصهاينة في شرم الشيخ والعقبة.
فبُعيْد قمة شرم الشيخ "العربية الأمريكية" التي شارك فيها عباس عن السلطة الفلسطينية؛ إذا ببوش وشارون وعباس يجتمعون في العقبة بالأردن في الرابع من حزيران 2003، لإطلاق خارطة الطريق. وبينما تحدث بوش عن دولة يهودية؛ فقد هاجم عباس ما يسميه "الإرهاب" و"عسكرة الانتفاضة"؛ ليثير حفيظة الفلسطينيين، خاصة وأنه تحدث عن "مظالم اليهود عبر التاريخ" دون أن يشير إلى معاناة شعبه الرازح تحت الاحتلال.
مرحلة ما بعد عرفات
رغم معارضة عبّاس القوية لعرفات بشأن الجمع بين منصبي رئيس السلطة ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلا أنه تناسى تلك المعارضة وأصر على الجمع بين المنصبين لتحقيق وتطبيق باقي المشروع التصفوي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وهكذا كان، فقد عُيّن عباس رئيساً للجنة التنفيذية للمنظمة بعد ساعات من إعلان وفاة عرفات، وأصبح رئيساً للسلطة في التاسع من شهر يناير/كانون الثاني 2005 بعد انتخابات كان فيها المرشح الأوحد لفتح، والفائز المضمون، والذي تصرف على هذا الأساس حتى قبل موعد الانتخابات، ليبدأ الفصل الأكثر خطورة في تصفية منظمة التحرير الفلسطينية.
يعرف الجميع أنه بعد ولادة السلطة الفلسطينية أُبقي في الخارج "للمحافظة على المنظمة خشية أن تفشل التسوية" على 6مؤسسات هي: الدائرة السياسية، ودائرة العائدين، وهيئة أركان الجيش الفلسطيني التي يرأسها أبو المعتصم (في تونس)، ورئاسة المجلس الوطني وسكرتاريته (في عمان)، وفرعان للصندوق القومي في كل من تونس والأردن، ومكتب التعبئة والتنظيم لحركة "فتح" الذي يقوده محمود غنيم (أبو ماهر)، إضافة للمجلس الوطني الفلسطيني، وكان لابد من القضاء على هذه المؤسسات الواحدة تلو الأخرى، وتجاوز صلاحياتها وأعمالها وأيضاً ثوابتها إن دعت الضرورة، إضافة لباقي مؤسسات المنظمة، لإنهاء دورها تماماً وإحلال السلطة الفلسطينية مكانها، وهي رغبة غير خفية للإحتلال والولايات المتحدة، ولنستعرض سوياً الخطوات التي اتخذها عبّاس وفريقه المتنفذ وعلى رأسه دحلان وخلال أقل من عام لتنفيذ ذلك:
الصندوق القومي الفلسطيني:
لعب الصندوق دوراً مركزياً في حياة المنظمة، وكان يديره مطلع التسعينات عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة جويد الغصين الذي اختلف مع عرفات قبل وفاته، وحل محله نزار أبو غزالة الذي توفي بدوره، ثم أحيلت إدارته لاحقاً على مدير مكتب عرفات رمزي خوري الذي انتدب للإشراف على الصندوق من عمان رغم اتهامه بالإسم بقضايا فساد مالي، وقد أصدر خوري قراراً بإغلاق مكتب الصندوق في تونس في خطوة إضافية نحو إنهاء دور المنظمة في الخارج بناءاً على أوامر مباشرة من عبّاس، وهو ما أكده مدير مكتبه رفيق الحسيني في إطارتبريره لاجراء عبّاس باغلاق فرع الصندق في تونس في لقاء مع صحيفة الحياة الجديدة بتاريخ 02/11/2005، حيث قال "ان القرار باغلاق الفرع مرده عدم الحاجة لوجوده هناك بعد انتقال كافة القيادات والمسؤولين من تونس الى الاراضي الفلسطينية وبالتالي لم يعد هناك وجود للثورة الفلسطينية يبرر استمرار عمل فرع الصندوق"
ففي حين اعتبــر البعض  أن القرار إجرائي يهدف إلى تكريس آلية جديدة لصرف الرواتب في إطار التخفيف من الأعباء وترشيد النفقات، رأى آخرون أنه خطوة إضافية نحو إنهاء دور منظمة التحرير الفلسطينية في الخارج بما يتيح للرئيس محمود عباس، إحكام قبضته على المؤسسات الفلسطينية في الداخل والخارج. واعتبــر مراقبون أن الخطوة تهدف إلى جعل مؤسسات السلطة في رام الله "المرجع الوحيد للفلسطينيين أينما كانوا".
الدائرة السياسية:
لا يخفى على أحد الصراع الدائر بين تيار عبّاس والقدومي حول الصلاحيات، فيما يختص بمكاتب و"سفارات" و"ممثليات" فلسطين في الخارج، وهو الصراع الذي أخذ شكلاً جديداً بتحييد القدومي وبالتالي الدائرة السياسية لصالح ناصر القدوة وزير خارجية السلطة، رغم أن اتفاقات أوسلو نفسها تنص أنه ليس من صلاحيات السلطة ممارسة العمل الدبلوماسي، وذلك في إطار تفريغ منظمة التحرير الفلسطينية وإنهاء دورها، وهو ما عبّر عنه السفير في منظمة التحرير جمعة ناجي في مقابلة مع صحيفة الحياة بدايات هذا الشهر بقوله: إن الدائرة "باتت اليوم هيكلاً فارغاً بلا دورة دموية"، وكان القدومي نفسه انتقد في تصريحات أدلى بها أخيراً انفس الصحيفة التدخلات التي قال إن السلطة "تقوم بها من دون وجه حق، والتي زادت من إضعاف منظمة التحرير، بعدما غيبتها في الداخل، خصوصاً إثر تشكيل مؤسسات شبيهة بها في الأراضي الفلسطينية".
دائرة اللاجئين:
هي أيضاً تراجع دورها في الفترة الأخيرة، بسبب وجود رئيسها زكريا الآغا (وهو عضو في قيادة فتح أيضاً) في رام الله على الرغم أن مقرها الرسمي في تونس، وهي تهتم أساساً بشؤون اللاجئين الذين هجروا من فلسطين خلال النكبة (1948) وبعدها، والذين يرفض الإحتلال السماح لهم بالعودة إلى مناطقهم.
الجدير بالذكر أن عبّاس وشخصياً أخذ على عاتقه تصفية قضية اللاجئين في الشتات، حيث يشكل هؤلاء الرافعة الرئيسية لمنظمة التحرير الفلسطينية، والعقبة الكأداء في وجه تصفيتها لمصلحة تمرير المخطط المرسوم، وهذه أهم مواقفه في هذا الشأن والتي تناولتها بالتفصيل في موضوعي "سموم محمود عبّاس" ورسالتي الموجهة له رداً على كلمته أمام التشريعي والتي تعرض لي شخصياً بها في شهر تموز/يوليو الماضي:
·                                 كان من أوائل من إجتمع معهم عباس بعد تعيينه رئيساً للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2004، "مبادرو" وثيقة جنيف التي يجمع الشعب بأكمله تقريبا على إنحطاط مستوى الموقعين عليها وعلى حجم التنازلات الهائلة فيها عن الثوابت والمباديء خاصة النتعلقة بحق العودة، وقام بتقريب ياسر عبد ربه عرّاب الوثيقة.
·                                 في لقاء مع صحيفة المصور المصرية بتاريخ 03/12/2004 قال عبّاس: "انني لا اريد ان اغير ديموغرافيا الدولة “الاسرائيلية” ولكننا نطلب التوصل الى "حل" لمشكلة اللاجئين"، وتحقيق حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وفق القرار 194 وعلى أساس قرارات قمة بيروت عام 2002."
·                                 في شهر يناير/كانون الثاني 2005 أعلن عبّاس أنه على استعداد لتقديم "تنازلات مؤلمة" بالنسبة لموضوع اللاجئين! ليضيف في حديث مع البي بي سي البريطانية بتاريخ 02/01/2005 أن الحل العادل لمشكلة اللاجئين هو بالتفاوض حول القرار 194.
·                                 في حديث نشرته صحيفة دير شبيغل الألمانية يوم الإثنين 21/02/2005 قال عبّاس فيما قال: "أنه مستعد للتفاوض بشأن المكان الذي سيعود إليه اللاجئون، مضيفاً: هناك 5 ملايين لاجئ نعرف أنهم لن يعودوا جميعاً، مشيرًا إلى أن كثيرين منهم لا يريدون العودة لأنهم يعيشون حياة كريمة في الولايات المتحدة أو سعداء في الأردن ولكن يجب تعويضهم ، على حد وصفه"، وأضاف "اننا واقعيون وقد تعلمنا من تجربة قمة كامب ديفيد الفاشلة بأنه لا يمكن حل مشكلة كهذه ، عمرها قرن خلال 16 يوما ، فقد يحتاج الأمر سبعة إلى ثمانية أشهر وربما سنة كاملة للوصول إلى حل شامل".
·                                 واستمر عبّاس في نفس النهج التفريطي ليعلن وبإصرار وعناد غريبين رداً على الإعتراضات التي انهالت عليه من كل حدب وصوب، وبتاريخ 23/07/2005 في رسالة سرية لشارون نشرت تفاصيلها عدة صحف، ليعلن: "نحن مقتنعون انه لا يمكن تحقيق عودة اللاجئين"، وليكرر نفس طروحاته المشبوهة في كلمة التشريعي المذكورة بتاريخ 09/08/2005.
·                                 في زيارته الأخيرة للبنان وفي تصريح نشر في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 09/07/2005 قال عبّاس "انا امثل الشعب الفلسطيني وأنا منتخب في الداخل من الشعب الفلسطيني، لكنني رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ايضاً. وعندما اتكلم، فإن ذلك يكون باسم جميع الفلسطينيين"، مطالباً بفتح سفارة تكون مرجعية للفلسطينيين في لبنان، وهو ما سيتم الرد عليه بالتفصيل في جزء لاحق، ليبرر قوله لاحقاً بأن اللاجئين الفلسطينيين"ضيوف مؤقتون والقانون يطبق عليهم"، ليضيف انه "في حال قررت الدولة (اللبنانية) سحب سلاح المخيمات فان حركة فتح وكل الفصائل الفلسطينية ستلتزم"، متجاهلاً حقيقة أن سلاح المخيمات هو جزء من معادلة اقليمية أكبر تشمل تطبيقات وتداعيات القرار 1559، ليقدم تنازلاً مجانياً آخر دون مقابل، وفي اطار محاولات التوطين الحثيثة التي تجري الآن.
·                                 نسي، أو بالأحرى تناسى، محمود عبّاس تصريحه السابق بأن اللاجئين في لبنان ضيوف مؤقتون ليطالب الدول العربية بتجنيس الفلسطينيين المقيمين على أراضيها قائلاً انه يوافق على منح الدول العربية جنسيات للاجئين الفلسطينيين "اذا احبت"، معتبرا ان ذلك "لا يعني التوطين"، كما جاء في حديث لقناة دبي الفضائية بثته الأحد10/07/2005 وقال عباس "ارجو اي دولة عربية تريد ان تعطي الجنسية (للفلسطينيين) ان تعطيهم، فما الذي يمنع؟" واضاف "هذا لا يعني التوطين. وعندما تتاح للفلسطيني العودة الى وطنه، سيعود سواء اكان يحمل جنسية عربية او اجنبية". وقال "ان فلسطينيا من الجيل الخامس يعيش في تشيلي يحب ان يعود عندما يسمح له (…) انها مسألة عاطفية لا علاقة لها بالجنسية"، محولاً الحق المقدس المشروع  إلى موضوع عاطفي عندما يسمح له!!!!
إن موقف (م. ت. ف.) من حق العودة وتقرير المصير كما عبرت عنه في الممارسة العملية منذ أوسلو وحتى الآن خاصة بعد استلام عبّاس زمام الأمور، لم يؤد سوى إلى التلاعب بالإطار القانوني للحقوق الفلسطينية التي ضمنها القانون الدولي وأكدتها قرارات الأمم المتحدة، فضلاً عن أنه قد انتهك "الميثاق الوطني" الضامن لوحدة الشعب الفلسطيني، ووحدة أهدافه الوطنية التاريخية على أرض آبائه وأجداده. وتعكس بعض المواقف والتصريحات "الإسرائيلية" والأمريكية فداحة الضرر الذي أصاب النضال الوطني الفلسطيني جرّاء تلك الممارسة، فقد وصف شمعون بيريز تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني بأنه "التغيير الأيديولوجي الأهم خلال القرن  الحالي". كما اعتبرت مادلين أولبرايت (سبتمبر/ أيلول 1994) قرارات الأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية "مثيرة للنزاع وقد عفا عليها الزمن".
د.إبراهيم حمّامي
04/03/2006

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق