الأحد، 4 أغسطس 2013

وجهة العالم الإسلامي في القرن الخامس عشر

د. عماد الدين خليل 


وجود إسرائيل يمثل تركيزاً خطيراً لتحدي الحضارة الغربية لنا..
الحس الوحدوي يجب أن يعود لنا من جديد قوياً متدفقاً..
في القرن القادم يجب أن يضع المسلمون جلّ همهم كي يكونوا أمة مسلحة..
فائض المال العربي يمكن أن يصنع المستحيل في مجال تقنية السلاح..
آن لنا أن نحقق تحولاً نوعياً في الإفادة من سلاح النفط الخطير..
            ونحن ندلف إلى قرن جديد، فإنه يتوجب على أمتنا، أن تتعلم من القرن الذي انقضى، فإن أمة (تعلّمها) تجربة قرن كامل أمة أحرى ألا تكون..
            إن علينا أن نراجع حساباتنا عبر ذلك القرن، المترع بالوقائع والأحداث، والذي تأجح فيه المسلمون، بين الهزائم والانتصارات.. وكان الخط الواضح.. النتيجة الأكثر ثقلاً في مجرى الصراع الطويل، هو كثرة الهزائم، بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخنا.. وحتى الانتصارات التي كانت تنتزع انتزاعاً من فكي الخصم بكثير من الدم والأشلاء، كانت تتميّع أحياناً بعد فترة تطول أو تقصر، وتفقد بريقها.. كانت تُمتص أو تُحتوى.. وأحياناً كانت تؤول إلى خسران جديد.. وقليلة جداً هي الانتصارات التي ظلت متألقة تحمل ديمومتها وقدرتها على الفعل عبر السنين..
            إن الصراع لم يكن متكافئاً.. كان الخصم يحقق قفزاته المذهلة في مجالات (المدنية) كافة، وفي (التقنية) والسلاح على وجه الخصوص.. وكنا نحن نستيقظ ونفرك أعيننا في ذيول ليل طويل، لم يكن الإسلام وقيمه الفاعلة قد أضاءت جنباته إلى قليلاً.. وقد جاءت الضربات، في معظمها، سريعة، مفاجئة، متلاحقة، من ملاكم عنيد ذي دربة ومران يضع قفازاً جيداً في قبضته ويلبس قناعاً سميكاً في وجهه.. وكنا نحن أشبه بالملاكم الذي يقاتل على المكشوف.. لا دربة ولا مراناً.. ولا أدوات يتقي بها سيل اللكمات..
لقد شهد القرن الماضي أنماطاً مختلفة من الهجوم الاستعماري والضغوط الحضارية كما شهد ردوداً مختلفة عجز كثير منها –رغم إخلاصه واندفاعه- عن تحقيق الاستجابة الناجعة إزاء التحديات..
            والاستجابة ليست مجرد تضحية واندفاع، واستماتة في الذود عن الحياض والشرف والذات.. إنها –فضلاً عن هذا- فكر نيّر بصير، وإيمان واعٍ عميق، واعتماد مبرمج للقدرات، وتخطيط شامل للمجابهة على كافة المستويات..
            ولم نكن نملك من هذا كله سوى الشيء القليل.. ومن تم كان ما كان مما نعرفه جميعاً.
الأبعاد الحقيقية لصراعنا مع اليهود
            وثمة إرهاصات في العودة كرة أخرى إلى أنماط من الهجوم الاستعماري، فضلاً عن استمرار معارك الغزو الاستراتيجي والاقتصادي والثقافي، وتطور أسلحتها وازديادهاخطورة.. وها هنا يتوجب اعتماد صيغ أكثر فاعلية في المجابهة التي يبدو أنها ستكون مصيرية..
            والصهيونية –على وجه الخصوص- ستتحرك لتأكيد انتصاراتها السابقة وتوسيعها باتجاه حلمها التاريخي.. وهي بعد أن ربحث المعركة باستخدامها آله الحرب أكثر من مرة، تريد أن تربح أكثر باستخدام أداة السلام.. بالدخول من الثغرة الكبيرة والخطيرة التي أحدثتها المحاولة السلمية في جدار الرفض المهترئ..
            إننا إذا أردنا أن نلقي نظرة مسبقة على مصيرنا إذا ما حدث أن تم الاعتراف النهائي بإسرائيل، فإن لنا أن نسأل أنفسنا وقادتنا وزعماءنا بوضوح: هل للعربي المعاصر قدرة على مجابهة رأسمال اليهود ونسائهم وتنظيمهم وماكيافيلليتهم؟ وإذا ان الجواب بلا.. وهي يقيناً سيكون كذلك، فلماذا –إذن- نسلّم أنفسنا إلى الهزيمة الحقيقية الأخيرة في تاريخ صراعنا مع اليهود؟ ولماذا –إذن- نقطع على أنفسنا الطريق ونسعى بملء إرادتنا إلى الزاوية التي ستفقدنا وجودنا كأمة لها حضارتها وعقيدتها وتاريخها ومستقبلها؟
            إننا يجب أن ندرك الأبعاد الحقيقية لصراعنا مع بني إسرائيل.. إنها أبعاد حضارية لا تقتصر على السياسة والحرب والاقتصاد فحسب، بل تتعداها إلى كل الآفاق العقائدية والثقافية والنفسية والأخلاقية والسلوكية.. إن حركة التاريخ لا ترحم، وهي عندنا تصعّد صراعاً بين أمتين إلى المستوى الحضاري، فإن نتيجة واحدة يمكن أن تنجم عن هذا الصراع، لا بديل لها وهي أن إحدى الحضارتين ستنتصر والأخرى ستنهار وتموت..
            إن وجود إسرائيل في قلب عالمنا الإسلامي يمثل تركيزاً خطيراً لتحدي الحضارة الغربية (الأوربية-الأمريكية) لنا، مضافاً إلها كل ما يملكه اليهود من قيم ومعتقدات وقدرات ماكيافيللية في عالم الصراع. لذا فهو تحد مركب صليبي-يهودي يسعى لتوجيه الضربة القاصمة للأمة التي طالما انتصرت على هجمات الصليبيين واليهود، وكالما خرجب عبر تحدياتهم وهي أصلب عوداً وأقدر على الاستمرار والتطور.. ومن هنا نجد أن هذا التجاوب العميق بين جماهير الغرب وبين تطلعات اليهود وأهدافهم.. هذا التجاوب الذي يسود القواعد البشرية وجد تعبيره على مستوى القيادات بالإعلان الذي أصدرته البابوية في الستينات بتبرئة اليهود من دم المسيح عليه السلام، الذي شُبه لهم فيه، وبالمنشور الذي أعقب ذلك معلناً حق اليهود في أرض الميعاد!
            وهكذا يبدو أن صراعنا مع إسرائيل قد حشدت له من جهة العدو كل قوى التعارض وطاقات الصراع التاريخي الطويل بين الإسلام وأعدائه.. ومن ثم –كذلك- كان علينا أن نمدّ مقاومتنا للعدوان إلى كل مساحاته الحقيقية، وأن نعمل على مستوى التاريخ والحضارة، وليس على مستوى الحرب والسياسة والاقتصاد والإعلام فحسب.. وأول ما يفرضه موقف صحيح شامل كهذا هو ألا ندع للصهاينة فرصة التسلل إلى مواقعنا الحضارية: ديناً وثقافة واجتماعاً وأخلاقاً وسلوكاً وتميزاً روحياً.. بعد أن سمحنا لهم بالتسلل إلى مواقعنا السياسية والعسكرية والاستراتيجية، لأن تسللهم التالي سيكون أخطر بكثير، وسيعطي لانتصارهم السياسي والعسكري بُعده الحقيقي الحاسم، لأنهم سوف يعتمدون هذا العنصر لضربنا في الصميم، وافقادنا قيمنا وتراثنا وحضارتنا، وتفكيك علاقاتنا وأواصرنا، وتمييع أخلاقنا وسلوكنا، وسحق إيماننا وصمودنا.. ضربات متلاحقة في الصميم.. ستنتهي بأن نغدو كأمة متميزة خبراً من الأخبار، وسنضيع في غمار التحدي الحضاري الغربي بكافة أجنحته والذي تمثله إسرائيل مضيفة إليه كل طاقات اليهود وميزاتهم التاريخية ورغباتهم العاتية في سحق وتدمير كل من يقف في طريقهم بأي أسلوب..
            ولن تجيء هذه الضربة المميتة ما دمنا قد سددنا على إسرائيل منافذ التسلل إلى مقاتلنا وحصرنا نشاطها المعادي وحركتهاالتاريخية المضادة في نطاق استراتيجية السياسة والحرب.. ولكنا سنمنحها هذه الفرصة يوم أن نسمح لأنفسنا وقياداتنا بأن تعترف بها، وتسالمها، وتفتح أمامها الدرب العريض للوصول إلى أهدافها الحقيقية الحاسمة.. حيث لا مناص!
الحس الوجودي يجب أن يعود
            والحديث عن القرن القادم يتضمن تحليل ما هو كائن وما يجب أن يكون.. فعلى المستوى الأول يصعب –إذا أردنا الحق- تخمين المتغيرات التي سيشهدنا القرن على امتداده الفسيح.. أن بعض ما هو واقع سيستمر ولاريب، وبعضه الآخر سيطويه الزمن سريعاً، أو على مكث.. ومن خلال معارك البقاء والفناء يتوجب أن تحقق بالتعلم من التجربة، وألا نسمح للتاريخ بأن يتحكم فينا بل أن نتحكم نحن في حركته وصيرورته..
            أما على المستوى الثاني، فإن الإنسان قد يحلم أحياناً! ولكن أمة تعيش تاريخها وتدور عجلة زمنها دون أحلام، أمة لن يكون لها وزن في مجرى الفعل والتحقق التاريخيين.
            إن الإنسان ليحلم في اليوم الذي يشهد فيه القرن القادم بتقارب أعمق بين دول الأمة الإسلامية وشعوبها وكياناتها.. وزوال أسرع للحدود التي رسمتها مؤتمرات (الكبار)، ولا تزال، على الموائد المستديرة التي تعقد بليل، وظلت، ولا تزال تلهب ظهر أمتنا بسياطها عبر قرن كامل.. وقد آن الأوان لاتخاذ موقف صارم قبل أن تصبح الحدود مسلّمة تاريخياً لا تقبل نقضاً ولا جدلاً..
            إن الحس الوحودي يجب أن يعود من جديد قوياً متدفقاً هادراً، يلهب الأفكار والأرواح والعواطف، وتشتعل فتيلته في الأعماق، تماماً كما بدأ أول مرة.. كما أنه يتوجب أن نستعيد على مستوى وعينا اليومي هذا الشعار القرآني المؤثر: (وإنّ أمتكم أمة واحدة وأنا ربّكم فاعبدون).. يجب أن يغدو التوجه الوحدوي خبزنا اليومي وقوتنا الذي إن لم نتناوله في الوقت المناسب هلكنا مسغبةً وجوعاً..
علينا أن نكون أمة مسلحة
            وتمة (التسلح) الذي يتوجب أن يكون على مستوى العصر لتحقيق نوع من التوازن في القوى مع الخصوم المحيطين بنا من كل مكان..
            إن فائض المال العربي وما أكثره.. وما أكثر ما ينصب في مظان لا تستحق أن يُرمى فيها بفلس واحد.. وما أكثر ما يذهب لأيد تحوّله إلى سلاح فتاك تقتلنا به.. هذا الفائض من المال يمكن أن يصنع المستحيل في مجال تقنية السلاح، بدءاً من الرصاصة وانتهاء بالقنبلة النووية.. إن دولاً أهون منا مكانة وأقل عدداً تصنع اليوم سلاحاً بأيديها، وأنجزت، أو ستنجز، القنبلة الذرية.. فما لنا نحن نظل نتسول السلاح من الشرق والغرب، رغم المقادير الباهظة من الأموال التي يشتري بها لا نحظى من ساسة السلاح إلا بالقليل القليل، بعد كدية وتملق ان السلاح يرتبط في تسويقه –كما هو بديهي- باستراتيجيات الصراع الدولي والموقف السياسي!
            إن القرن القادم يتوجب أن يبدأ هذه البداية الجادة فيضع المسلمون جل همهم في أن يكونوا أمة مسلحة كما أراد لها الله سبحانه أن تكون، وهو ينادي المسلمين، بل يأمرهم بإعداد السلاح (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدوّ الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم اللهُ يعلمهم..).. وتمة في سورة الحديد –والتسمية ذات دلالة ولا ريب فيما نحن بصدده حول ضرورة التحقق بالقوة العسكرية (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناسُ بالقسط، وأنزلنا الحديدَ فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم اللهُ من ينصره ورسلَه بالغيب إن الله قوي عزيز)..
            إن هذه الآية تلفتنا إلى ذلك التداخل العميق والارتباط الصميم بين إرسال الرسل وإنزال الكتب معهم، وإقامة الموازين الدقيقة لنشر العدل بين الناس، وبين إنزال الحديد الذي يحمل في طياته (البأس)، ثم التاكيد على أن هذا اكله إنما يجيء لكي يعلم اللهُ (من ينصره ورسلَه بالغيب) و(أن الله قوي عزيز). إن هذه الموقف المترابط يؤكد لنا كيف أن الإسلام جاء لكي يشد الإنسان إلى أعماق الأرض، ويدفعه إلى التنقيب فيها من أجل إعمارها وحمايتها، وأن المسلم لن تحميه وتنصره إلا يده المؤمنةن التي تعرف كيف تبحث عن الحديد وتصوغه من أجل الحماية والتقدم والنصر.. وإنه –بمجرد أن يتخلى عن موقفه الفعال هذا، الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحركة الجهاد الدائمة، ويختار بدلاً من ذلك مواقع الفرار والاتكال والانتظار السالب لمعونة الله، فإن يتناقض مع نفسه وعقيدته وإنه سيُهزم لا محال، مادام قد أشاح عن هذه المواقف القرآنية التي تكاد تصرخ بأعلى نبرة أنه بدون الاعتماد الواعي، المسؤول، الذكي، الخبير، على مصادر القوة والبأس فلن يكون هناك نصر ولا تقدم ولا حماية للموازين والقيم العادلة التي جاء الأنبياءُ، بكتبهم السماوية، لتنفيذها في الأرض، حتى ولو حبس المؤمنون أنفسهم في المساجد السنين الطوال يبكون ويتضرعون!
سلاح النفط واستراتيجية ذكية
            وقد جعلنا الله أمة (وسطاً)، ومنحنا جغرافية ليست كالجغرافيات، وثروات هائلة ليست كالثروات.. وليس النفط فارسها الوحيد.. وإذا كنا في القرن المنصرم نعتمدها –حيناً- لمجرد حصار اقتصادي موقوت، أو تخويف سياسي مهزوز، ونستخدمها –أحياناً- لترميم أو إسناد اقتصاديات الدول الكبرى التي جلدتنا وتجلدنا ليل نهار، فقد آن لنا أن نحقق تحولاً نوعياً في الإفادة من هذا السلاح الخطير، وأن نسعى جادين مخلصين لكي نقصم به ظهر الصهيونية والاستعمار.. ولنتذكر –والذكرى تنفع المؤمنين- أن لو كان النفط، أو جزء منه، بأيدي يهود ماذا كانوا فاعلين بنا وبغيرنا ممن تسميهم بروتوكولاتهم بالأمميين؟
            لقد غدا النفط عصب المدنية المعاصرة وشريانها الذي يمنحها الدم فتواصل الحياة، أو يحرمها إياه فتتيبّس وتصفر وتكون حطاماً.. هو الأداة الفاعلة التي ترفع وتضع وتقيم وتقعد.. وإن الميل التاريخي التقليدي للعالم المتقدم صوب الصهيونية في كل مجابهة بينها وبين عالم الإسلام يجب أن يوقف بسلاح النفط!
            هم أنا لا يعرفون قيماً ولا مبادئ، وقيادات لا ترى غير مصالحها.. وسياسات تنحني وتدور مع الدينار والدولار.. وزعامات تركع وتسجد لمقتضيات التكاثر الذي لا يعرف شبعاً.. فلنأتهم من مكامن جحورهم، من نقاط الضعف في تكوينهم، لكي نريهم الحق حقاً، والباطل باطلاً، بعدما عجز حوار العقائد والقيم، وبداهات المطالب الإنسانية عن إقناعهم بالخطيئة التي مارسوها طويلاً ولا يزالون..
            إن ضمّ القدس هو كأس الختام المرير للقرن المنصرم، تريد الصهيونية وظهيرها الاستعمار، بصيغه المختلفة، أن تجرعنا إياه احتفالاً بمقدم القرن الجديدّ فلنجرب مرة واحدة ألا نشرب الكؤوس التي يقدمها لنا أولاد الأفاعي وأذنابهم في دول العالم شرقاً وغرباً.. لنجرب مرة واحدة ما دمنا نمتلك ناصية هذا السلاح الخطير: النفط، وما أدرانا؟ فقد يأتي يوم نُجَرَّد فيه من هذا السلاح.. ولاتَ حين مندم..
            قد تجف المنابع والآبار.. قد تتحول المدنية المتمخضة إلى مصادر أخرى للطاقة.. وقد تتفق زعامات العالم المتقدم، عبر جلسة سرية حول مائدة مستديرة أخرى، على اقتحام بلادنا لوضع اليد بقوة السلاح، وضمانات الوفاق الدولي ومصالحه العليا، على مصادر النفط... قد!
            والسلاح والثروة لا يصنعان شيئاً إن لم توجههما استراتيجية عمل ذكي واعٍ بصير يعرف هدفه جيداً، وبطانة روحية إيمانية تمنحهما القوة الضاربة التي تحقق المستحيلات وتصنع التاريخ..
            فعبر التاريخ كله.. ما كان لغير الإيمان الحار الذي يكوي بجمراته القلوب والعقول والأرواح، ويحرق بناره الدنس والصغائر، ويفرز بلهيبه الذهب من التراب.. أن يجتاز بالأمم والشعوب الحواجز والعوائق وأن يقودها إلى الأهداف الكبيرة والآمال العريضة.. وإن في تجارب تاريخنا  نحن، وهو على مرأى منا ومسمع، مصداق هذه المقولة، أو البديهية إذا أردنا التعبير الدقيق..
            لقد ألغينا إمبراطوريات بكاملها من الحساب، وأسقطنا عروشاً وتيجاناً في الوحل، ومرّغنا أنوفاً استعلتْ على الله والجماهير طويلاً، في الطين والتراب، وغيّرنا خرائط العالم في مشارق الأرض ومغاربها لصالح الإنسان، واختزلنا حيثيات الزمن والمكان.. وقد كان ذلك كله بالإيمان الذي يكوي.. وبالرؤية الواضحة التي لا غبش فيها.. وباستراتيجية عمل ذكي واعٍ بصير يرفع بمواجهة العالم كله شعاره الأبدي (جئنا لنخرج الناس من ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن عبادة العباد إلى عبادة الله وحده)!
            فبدون الفكر الواعي والإيمان العميق، لا يُرتجى من السلاح والثروة خير كثير.. وقد جرّبنا في القرن المنصرم أن نستخدم سلاحاً لا إيمان معه، وأن ننفق ثروات طائلة لا تستهدي بفكر.. وكلنا يعرف ماذا كانت النتيجة.

مجلة الأمة، العدد الأول، 1401هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق