إعداد:
عبد الرحمن
كيلاني
ذكرنا في الحلقة السابقة عن بيري
رئيس (رحمه الله): حياته وأعماله، وفي
هذه الحلقة سنتعرض ما كتبه على طرف
خريطته للعالم.
رسم بيري رئيس خريطة العالم عام 1513م
بما فيها القارة الأمريكية المكتشفة في
وقته، ولكن للأسف الشديد لم يبق من تلك
الخريطة سوى الجزء الذي يحوي المحيط
الأطلسي وطرفيه الشرقي والغربي. لكن هذا
الجزء المتبقى من الخريطة أثار ضجة بين
العلماء، فقد ذكر بيري معلومات لم
يذكرها أحد ممن زار تلك المناطق الجديدة
في ذلك الوقت.
وقد ترجمتُ هنا (عن الإنجليزية) ما
قد كتبه بيري على طرف خريطة أمريكا
الجنوبية وقد أشرت إلى النص على الخريطة
وحصرته في مربع أحمر، مع العلم أن النص
العثماني غير متوفر لدي الآن. وما كان
بين معقوفتين فهو من وضعي زيادة للتوضيح.
ونتمنى من بعض العلماء العرب
المتخصصين في تاريخ الاكتشافات الحديثة
أن يكتبوا عن حياة وتجربة وأعمال هذا
الرجل العظيم الذي خدم دينه وأمته وقدم
للحضارة العالمية تراثاً خالداً.
يقول بيري رئيس رحمه الله:
(هذه الفقرة تتحدث عن كيقية اكتشاف
هذه السواحل والجزر.
هذه
السواحل تسمى سواحل الآنتيل (آنتيليا)،
وقد اكتشفت في سنة 896 هـ. وقصتها على
النحو التالي:
كان هناك رجل جنوي يدعى كولومبو هو
الذي اكتشف هذه الأماكن. وقد وقع كتاب في
يد هذا المدعو كولومبو مذكور فيه أن في
نهاية البحر الغربي [الأطلسي] يعني في
الناحية الغربية منه، يوجد سواحل وجزر
فيها كل أنواع المعادن والأحجار
الكريمة.
وكولومبو
هذا كان قد درس هذا الكتاب بدقة، وقد حدث
الكبار من أهل جنوة بهذه الأمور قائلاً
لهم: »تعالوا،
أعطوني سفينتين ودعوني أذهب لأجد هذه
الأماكن.«
فقالوا: »يا
للرجل الخاسر! وهل توجد نهاية للبحر
الغربي؟ فبخاره كله ظلمات.«
وأيقن كولومبو أنه لن تأتيه أية مساعدة
من هؤلاء الجنويين.
بعدها
انطلق كولومبو مسرعاً إلى ملك إسبانيا
وأخبره قصته بالتفصيل، ولكن هؤلاء [الإسبان]
أيضاً أخبروه مثل خبر الجنويين.
وباختصار فقد ألح كولومبو على هؤلاء [الإسبان]
كثيراً، فأعطاه ملك إسبانيا سفينتين
مجهزتين بشكل جيد، وقال له: »يا
كولومبو، إذا كان الأمر كما تدعي
فسنجعلك أميراً لتلك البلاد.«
وكان للغازي كمال [رئيس] عبد إسباني
وقد ذكر مرة لكمال رئيس أنه ذهب مع
كولومبو إلى تلك البلاد ثلاث مرات. وقال
له: »وصلنا
أولاً إلى جبل طارق، ومن هناك أبحرنا
جنوباً وغرباً ما بين [.. هنا يوجد كلام
غير مفهوم في المخطوطة..] وبعد إبحارنا
مسافة 4000 ميل رأينا جزيرة أمامنا، ولكن
تدريجياً أصبحت أمواج البحر بلا زبد،
يعني أن البحر أصبح هادئاً، وحتى نجم
القطب الشمالي بقي يقرأ بوصلات البحارة
حتى اختفى شيئاً فشيئاً ثم أصبح لا يرى.«
وذكر أيضاً: »إن
شكل ترتيب الجوم في تلك المناطق يختلف
عما هو عليه هنا، ويبدو أنها منسقة بشكل
مختلف.« [ويستأنف قائلاً]: »إنهم أرفؤا في الجزيرة التي رأوها من قبل
خلال الطريق. وقد جاءهم سكان الجزيرة
ورموهم بالنبال ولم يسمحوا لهم
بالإرساء وطلبوا منهم معلومات. لقد
رماهم بالنبال كلا الجنسين الرجال
والنساء، وكانت رؤوس هذه النبال مصنوعة
من عظام الأسماك. وكل هؤلاء السكان
كانوا يخرجون عراة و [.. كلام غير مفهوم
في الأصل..] جداً أيضاً. وبالتالي لم
يستطع [كولومبو وأصحابه] أن ينزلوا إلى
تلك الجزيرة، ولكن عبروا إلى الجهة
الثانية منها، ولقد رأوا زورقاً، وفي
الحال هرب ذلك الزورق وتفرق من كان فيه
على اليابسة.
أخذ الإسبان الزورق فوجدوا فيه لحم
بشر،
وقد
ظهر أن هؤلاء الناس كانوا من الأمة التي
تذهب من جزيرة إلى أخرى تصطاد البشر
وتأكلهم. ويقول [العبد الإسباني] أيضاً
أن كولومبو رأى بعدُ جزيرة أخرى،
فاقتربوا منها، وذكروا أنهم رأوا فيها
أفاعٍ ضخمة. وقد أعرضوا عن النزول إلى
تلك الجزيرة وبقوا هناك [في سفنهم] لمدة
17 يوماً. وعندما رأى أهل الجزيرة أنهم لا
يأتيهم أذى من ذلك القارب [قارب كولومبو]
اصطادوا سمكة وأحضروها لهم. لقد شعر
الإسبان بالسرور وأعطوا هؤلاء القوم
خرزات من زجاج. [يقول بيري]: ويبدو أن
كولومبو قد قرأ في الكتاب أن الخرز
الزجاجي ذو قيمة في هذه المنطقة. وذات
يوم رأى كولومبو وأصحابه ذهباً يحلق
معصم امرأة [من أهل الجزيرة] فأخذوا [منها]
الذهب وأعطوها الخرز، وطلبوا منهم أن
يأتوا بمزيد من الذهب وسوف يأتوهم بمزيد
من الخزر. فذهب القوم وأحضروا مزيداً من
الذهب. يبدو أن في جبالهم مناجم ذهب. وفي
يوم آخر رآى [كولومبو ورجاله] لؤلؤاً في
أيدي رجل، فأعطوه خرزاً وسألوهم أن
يأتوا بمزيد من اللؤلؤ. يوجد اللؤلؤ على
شواطئ هذه الجزيرة في موقع على عمق قامة
أو قامتين.
[وفي طريق عودته] حمل كولومبو في تلك
السنة على متن سفينته إلى ملك إسبانيا
اثنين من السكان الأصليين مع كثير من
جذوع الشجر.
وبما أن كولومبو لا يعرف لغة هؤلاء
القوم فقد كان يتكلم معهم بالإشارة.
وبعد هذه الرحلة الأولى أرسل ملك
إسبانيا إلى [أهل الجزيرة المكتشفة]
شعيراً وقسيسين علّموا أهل هذه الناحية
كيف يزرعون ويحصدون وحولوهم إلى دينهم [الكاثوليكي].
لم يكن [لهؤلاء القوم] أي دين من أي نوع.
كانوا يمشون عراة، ويبيتون هنا كالدواب.
والآن أصبحت هذه الأماكن مفتوحة
ومشهورة للجميع، وإن أسماء الأماكن هنا
التي تعرف بها في تلك الجزيرة هي
الأسماء التي أطلقها عليها كولومبو، [مع
العلم] أن كولومبو كان أيضاً فلكياً
عظيماً.
إن السواحل
والجزر الموجودة في هذه الخريطة [يقصد
خريطته] مقتبسة من خريطة كولومبو.) انتهى
كلام بيري رئيس رحمه الله.
جزء
من خريطة بيري رئيس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق