1880-1935
مولده ونشأته- هو العالم العامل، والوطني
المثالي، والمجاهد الصابر الصادق
الشهيد المرحوم الشيخ عز الدين بن عبد
القادر بن محمود القسام، وأسرته عريقة
في بلدة جبلة التابعة لمحافظة اللاذقية.
ولِد في جبلة سنة 1880م، ونشأ في مهد
أبيه على هدى الدين والصلاح والفضائل،
وتلقى دراسته الابتدائية في كتاتيب
بلده.
في الأزهر – أوفده والده إلى مصر فدخل
الأزهر الشريف، ودرس على فطاحل العلماء
والمصلحين فيه، أمثال العالم محمد أحمد
الطوخي، وقد تجلت مواهبه فكان من
المبرزين في العلوم.
عودته إلى جبلة – وبعد
أن تخرج من الأزهر عاد إلى بلده وبدأ
دعوته في الصيال في سبيل الدين والوطن،
بما عرف عنه من تفان وتضحية ونقمة وكره
للمستعمرين، وقد التف الناس حولع
ليقينهم بتقواه وصلاحه وإخلاصه وتجرده،
فوحد القلوب وشحذ الهمم وقضى على
الفساد، ونشر الإصلاح الديني
والاجتماعي، وصقل نفوس المواطنين وأثار
حميتهم، وبثّ فيهم روح الوطنية والجهاد.
جهاده – لقد كان من نتاج دعاياته أن اندلعت
نيران الثورة في منطقة صهيون وذلك عام
1920م فكان في طليعة المجاهدين، وقد عرف
الفرنسيون ما له من نفوذ ديني على
المجتمع فحكم عليه بالإعدام، ولما
انتهت الثورة على الشكل المعروف آثر
النزوح إلى فلسطين فوجد فيها ميداناً
جديداً، واستقر في مدينة حيفا.
تضحياته – كان في فلسطين كعهده في سورية،
فإنه لم يضن بماله وصحته ووقته في سبيل
دينه وقوميته، وكانت مواقفه في وجه
الصهيونية والاستعمار مضرب المثل، وقد
ظل في حيفا زهاء خمسة عشر عاماً يروض
النفوس على طاعة الله، وكان خطيباً
وإماماً في جامع الاستقلال، وهو الذي
سعى في تشييده، وكان رئيساً لجمعية
الشبان المسلمين، وقد جمع المال
والسلاح لنجدة المجاهدين في طرابلس
الغرب أثناء حملة الإيطاليين عليها.
واتصل
بالملك فيصل في سورية طلباً لمؤازرته في
ثورته فوعده ولم يثمر وعده عن شيء،
واتصل بالحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين
الأكبر وطلب منه أن يهيء الثورة في
منطقته، فأجابه بأنه يرى أن تحل قضية
فلسطين بالطرق السلمية عن طريق
المفاوضات، ولا نغالي بالقول بأن
الشهيد القسام يزن بوطنيته ألوف الرجال
من أمثال المفتي الأكبر، وأقسم القسام
إذا نجحت الثورة ليعد من الشيخ أمين
الحسيني لمواقفه التي لا تجدي نفعاً.
استشهاده – لقد بلغ وقوفه ضد الصهيونيين
والإنكليز في فلسطين ذروته، فقد خرج في
عام 1935م يقود المجاهدين الذين تخرجوا من
مدرسته وبايعوه على الموت والشهادة في
سبيل الله، ورابط في أحراش كفرزان
وبركين ثم إلى جبال البارد وكفر قوت،
ومنها إلى أحراش يعبد قرب جينين، وخاض
المعركة بإيمان وبطولة نادرة، واحتدمت
رحاها سحابة اليوم كله متمسكاً بقوله
تعالى: (ومن يولّه يومئذ دبره إلا
متحرفاً لقتال أو متحيّزاً إلى فئة فقد
باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس
المصير) وأبلى بلاء عظيماً واستمات
ورجاله في المقاومة، حتى دعاه الله إلى
منازله الخالدة فخرّ شهيداً في ساحة
المجد والشرف، وكتب له الخلود في 20
تشرين الثاني (نوفمبر) 1935م. وكان يردد إذ
ذاك (لن نستسلم. هذا جهاد في سبيل الله
والوطن. يارفاقي موتوا شهداء).
واستشهد إلى جانبه الشيخ السيد الحنفي
المصري، وهو من مصر، والشيخ يوسف
الزبادي من بلدة الديب، وأسر في هذه
المعركة أربعة مجاهدين هم: الشيخ حسن
الباير من بوركين، والشيخ عرابي من
قبلان قضاء نابلس، والشيخ أحمد الخطيب
من طولكرم، ومحمد يوسف من نابلس، وقد
حكموا بالإعدام، ثم أنزل الحكم إلى
السجن المؤبد، وقضوا فيه أحد عشرة سنة.
ونسج الفلسطينيون على منواله إلى قبيل
اندلاع الحرب العالمية الثانية.
لقد ضرب أروع صفحة في التضحية، وهو
أول مجاهد رفع السلاح في وجه الاستعمار
والصهيونية في فلسطين، ولم يترك في
فلسطين بلداً أو قرية إلا بثّ فيها روح
الجهاد والدين، وقد انتشرت دعوته فبثّ
رجاله في أقطار مختلفة من العالم لجمع
المال والسلاح والأنصار.
وقد أطلق عليه لقب أمير المجاهدين
الفلسطينيين دون منازع، وأطلق اسمه على
مدرسة وشارع في مدينة جبلة مسقط رأسه،
وكان لمنعاه أعظم الأسى في القلوب
لمكانته الدينية البارزة ومواهبه الفذة.
وقد أنجب ذرية فاضلة. ومن أنجاله
الأستاذ محمد عز الدين. اهـ
هذه
الترجمة مقتبسة من كتاب: »تاريخ الثورات السورية في عهد الانتداب
الفرنسي«
لأدهم آل الجندي. ط 1960.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق