الأستاذ الدكتور خالد كبير
علال
- الجزائر-
ب - ثانيا: التعقيب على ابن
العربي و مناقشته .
مواقف المتكلم أبي بكر بن
العربي من الحنابلة من خلال كتابه: العواصم من القواصم .
رسم القاضي أبو بكر بن العربي المالكي الأشعري (
ت543 هجرية)
، صورة مشينة و منفرة
عن
الحنابلة و أصحاب الحديث ، في الجزء الثاني من كتابه : العواصم من القواصم ، و لم
يُنصفهم
فيما
حكاه عنهم . فما تفصيل ذلك ؟ ،و هل أصاب في انتقاده لهم ؟ و ما هي أسباب تحامله
عليهم
و
خطئه في حقهم ؟ .
أولا : عرض ما ذكره ابن العربي عن
الحنابلة :
هاجم
القاضي أبو بكر ابن العربي الحنابلة بعنف ، و اتهمهم بتهم شنيعة ،و بالغ في ذمهم و
التنفير منهم، وجمعهم كلهم في سلة واحدة دون استثناء. فمن ذلك أنه ألحق الحنابلة و أهل الحديث-الذين عاصرهم- بأهل الظاهر الآخذين بظواهر النصوص الشرعية في
العقائد و الأصول ، و جعلهم ممن كاد للإسلام من جهة، ووصفهم بأنهم لا فهم لهم ، و لا قلوب لهم يعقلون
بها ، و لا آذان يسمعون بها من جهة أخرى، فهم كالأنعام بل هم أضل. و عدّهم من
الغافلين الجاهلين في موقفهم من الصفات، و شبههم باليهود ،و قال: إنه لا يُقال
عنهم : بنوا قصراً و هدّموا مصراً ، بل يُقال: هدموا الكعبة، و استوطنوا البيعة . و
هم في الأصل طائفة خبيثة ، و ما تفرّع عنها خبيث أيضا (1) .
ومن
ذلك أيضا أنه شهّر بالحنابلة بأنهم يقولون : إن الله تعالى يتكلم بحرف و صوت ، و
أن الحروف قديمة ، وأن له يداً و أصابع، و ساعد و أذرع و خاصرة و ساقاً و رجِلاً، و
أنه يضحك، ويمشي ويهرول (2).
و
ذكر أيضا أن الحنابلة أظهروا التشبيه في بغداد في فتنة القشيري، فقال: «و لقد
أخبرني جماعة من أهل السنة بمدينة السلام ، أنه ورد بها الأستاذ أبو القاسم عبد
الكريم بن هوازن القشيري الصوفي، من نيسابور فعقد مجلسا للذكر ، و حضر فيه كافة
الخلق ، و قرأ القارئ : (الرحمن على العرش استوى). فقال لي أخصهم : فرأيتهم يقومون-أي الحنابلة- في أثناء المجلس ويقولون:
قاعد، قاعد، بأرفع صوت و أبعده مدى. و ثار إليهم أهل السنة من أصحاب القشيري، و
حدثت فتنة بين الطائفتين مات فيها بعض الناس» (7).
وحكى خبراً يتعلق بالقاضي أبي يعلى الفراء
الحنبلي قال فيه : «و أخبرني من أثق به من مشيختي، أن أبا يعلى محمد بن الحسين
الفراء رئيس الحنابلة ببغداد ، كان يقول : إذا ذُكر الله تعالى، و ما ورد من هذه
الظواهر … ألزموني ما شئتم فإني ألتزمه، إلا اللحية و
العورة» .و ذكر عنه في موضع آخر أنه كان: «يلتزم في صفة البارئ كل شيء، إلا اللحية
و الفرج». ثم قال ابن العربي: «فانظروا نبهكم الله إلى هذا المفتري على الشريعة في
جنب الله» (11) .
ثانيا: التعقيب على ابن العربي و مناقشته :
لقد
جانب القاضي ابن العربي الصواب عندما ألحق الحنابلة - و معهم أهل الحديث- بأهل
الظاهر الذين يُسمون بالمجسمة و المشبهة ، مستخدماً في ذلك التمويه و التعميم ،
لأن الحنابلة- و أهل الحديث- عندما يقولون بأنهم يأخذون بظاهر آيات الصفات و
أحاديثها، لا يعني أنهم يعتقدون مشابهتها لصفات المخلوقات، و إنما قصدهم من ذلك
أنهم يثبتونها بلا تأويل و لا تعطيل، ولا تشبيه ولا تجسيم (3). فذلك هو المقصود من
قولهم بأنهم يأخذونها على ظاهرها ، لا أنهم يعتقدون مشابهتها لصفات المخلوقين .
كما أنه لم يحترم أخلاقيات البحث العلمي، و ظلم الحنابلة
و أصحاب الحديث و افترى عليهم عندما عدّهم من الكائدين للإسلام، و أنهم من أصل
خبيث، و أغمض عينيه عن دورهم الريادي في الحفاظ على مذهب السلف و أهل السنة من جهة،
و في التصدي للفرق الضالة من الجهمية و المعتزلة، و الشيعة و الفلاسفة –خلال العصر
الإسلامي- من جهة أخرى (4) .
و أما تشهيره بالحنابلة في الأخذ بالصفات
التي ذكرها ، فهم كغيرهم من علماء السلف لا يثبتون إلا الصفات التي أثبتها الشرع،
كاليد، والأصابع، و الضحك، بلا تشبيه و لا تعطيل و لا تأويل (5)، وذلك ليس بعيب فيهم، و إنما العيب في الذي يغمض
عينيه عن آيات و أحاديث الصفات، ثم ينسب ذلك للحنابلة و يقول : إنهم يقولون بكذا و
كذا . لكن مع ذلك قد يُوجد في الحنابلة من قد يثبت صفة لا تليق بذات الله تعالى
معتمداً على حديث غير صحيح معتقدا صحته؛ و
هذا خطأ منه في تطبيق المنهج، و ليس عيباً في منهجه و طائفته. علما بأن علماء
الحنابلة ليسوا على درجة واحدة من الإثبات ، ففيهم من يميل إليه كثيراً، و فيهم من
لا يتوسع فيه و يميل إلى المؤولين، و فيهم من يتوسط بين الفريقين في الأخذ به (6)
.
و الرواية التي ذكرها عن فتنة القشيري ، فهي لا
تصح بتلك الصيغة التي حكاها بها ، و أظهر فيها انتصاره للقشيري، و تحامله على
الحنابلة. و هذه الفتنة التي رواها لم تحدث للصوفي أبي القاسم عبد الكريم بن هوازن
( ت 465 هجرية)، وإنما حدثت لابنه أبي نصر عبد الرحيم (ت514 هجرية)، عندما زار
مدينة بغداد سنة 469 هجرية؛ و كان هو السبب في حدوثها و ليس الحنابلة، فعندما
استقر في بغداد ألقى درساً في المدرسة النظامية الأشعرية، نصر فيه مذهب الأشعرية،
و ذم الحنابلة و نسبهم إلى التجسيم، فتألموا من ذلك و أنكروا عليه فعلته (8) .
فأبو نصر القشيري هو المعتدي و ليس الحنابلة، فهو رجل غريب جاء إلى بلدهم-أي
الحنابلة- و ذمهم فيه و نسبهم إلى التجسيم،
و نصر مذهبه علانية، و ليس في هذه الرواية أنهم قالوا له: قاعد ، قاعد . فكل ذلك
يؤكد أن الذين أخبروا ابن العربي بالحادثة لم يصدِقوه الحديث .
و أشير هنا إلى أن قول الحنابلة - في رواية
ابن العربي-: «قاعد ، قاعد» فإن صحّ ذلك عن بعضهم فإنه يستند إلى حديث المقام المحمود الذي نص على أن
الله تعالى سيقعد معه رسوله بجانبه على العرش يوم القيامة. وهو حديث رُوي بطرق
كثيرة كلها موضوعة على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه درء تعارض العقل و
النقل (ج5 ص: 237) . و يرده أيضا ما رواه الإمام البخاري و غيره من المحدثين، من
أن المقصود بالمقام المحمود هو الشفاعة
العظمى التي يؤتيها الله تعالى لنبيه –عليه الصلاة و السلام- يوم القيامة (9) . لكنني أشير أيضا
إلى أنه وُجِد في الحنابلة من قال بأن لمقام المحمود هو اقعاد الرسول
على العرش، منهم : أبو محمد البربهاري البغدادي (ت329هـ) ،و القاضي أبو يعلى
الفراء (ت458 هجرية) (10) .
و أما ما حكاه ابن العربي عن القاضي أبي
يعلى الفراء -المتعلق بذلك القول الشنيع المنسوب إليه في القول بالعورة و اللحية- فهو خبر لم يذكر له إسناداً و نسبه إلى مجهول ،
نحن لا نعرفه ، و قال هو عنه: إنه يثق فيه . كما أن هذا المجهول هو من خصوم أبي
يعلى الفراء، و قد كانت العداوة شديدة و مستحكمة بين الشافعية الأشاعرة، و
الحنابلة من بني الفراء ببغداد، انتهت إلى الخصومات و النزاعات و المصادمات (12).
فرواية ابن العربي عن أبي يعلى مطعون فيها لافتقادها الإسناد الواضح الثابت، و هو
شرط أساسي من شروط صحة الخبر.
و الغريب في الأمر أن ابن العربي صدّق ما
رواه له خصوم أبي يعلى عنه، و لم يرجع بنفسه إلى مؤلفات الرجل ليطلع على أفكاره، و
هي شاهدة على براءته مما اتهم به. فقد نص –أي أبو يعلى- في كتابه : المعتمد في أصول الدين ، على أن
الخالق –عز وجل – لا مثل له و لا شبيه، و لا يوصف بصفات المخلوقات الدالة على
حدوثهم (13). و أكد أن البارئ ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، و أن مذهب الحنابلة هو
إثبات الأسماء و الصفات مع نفي التشبيه و الأدوات (14). و أنه تعالى فرد الذات
متعدد الصفات، لا شبيه له في ذاته ولا في صفاته، و لا ثاني له و لا نظير. و صفاته
كيفياتها مجهولة، لا تُرد كالجهمية، و لا تُحمل على التشبيه كالمشبهة الذين أثبتوا
الكيفية، و لا تؤوّل على اللغات و المجازات كالأشعرية، و الصواب في ذلك أنها لا تُعطل
ولا تُشبّه ولا تُؤوّل، و إنما تُثبت مع نفي التشبيه والأدوات (15).
و يقول أبو
الحسين ابن أبي يعلى-دفاعا عن والده و الحنابلة- : و يلزمهم التشبيه لو وُجد فيهم
أحد أمرين ، الأول أنهم هم الذين ابتدعوا صفات الله ، و الثاني أنهم صرحوا
باعتقادهم للتشبيه ، أما و أن الشرع هو الذي ذكر الصفات ،و قوله حجة يسقط كل ما
يعارضه ، و الحنابلة تبع له و قد نفوا التشبيه ، فلا يجوز أن ينسب إليهم ما
يعتقدون نفيه (16).
و
يضيف أبو الحسين الفراء قائلا: إنه مما
يدل على أن طريقة الحنابلة في الصفات لا تلزمهم التشبيه، أن كل الطوائف مجمعة على
أن البارئ-سبحانه و تعالى- ذات و شيء و موجود ، و لا يلزمها إثبات جسم ، و لا جوهر
،و لا عرض ، و إن كانت الذات في الواقع المشهود لا تنفك عن هذه السمات الثلاث .
فكذلك الحنابلة لا يلزمهم في أخبار الصفات ما يقتضيه العرف المشاهد في الوجود (17)
.و نقل أبو الحسين هذا عن والده القاضي أبي يعلى- المتهم بالتشبيه- أنه قال : ((
فمن اعتقد أن الله سبحانه حسم من الأجسام ،و أعطاه حقيقة الجسم ،من التأليف و
الانتقال ، فهو كافر لأنه غير عارف بالله
عز و جل ، لأن الله سبحانه يستحيل و صفه بهذه الصفات)) (18).
و قد أنكر شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية ما
رواه أبو بكر ابن العربي عن القاضي أبي
يعلى الفراء عن اللحية و العورة ،و قال : إنه كذب منقول عن مجهول . لكنه اعترف من
جهة أخرى أن القاضي أبا يعلى الفراء ذكر في بعض كتبه أحاديث مكذوبة ، صريحة في
التشبيه كحديث إقعاد الرسول –صلى
الله عليه و سلم- على العرش ،و هو حديث المقام المحمود (19) . و الذي أوقعه في ذلك
هو ضعفه في علم الحديث ، فقد كان قليل الخبرة فيه و برجاله ، فروى أخبارا مكذوبة احتج بها في الأصول و الفروع (20) ،
أوهمت التجسيم و وجد فيها خصومه حجة قوية لمقارعته . و أما هو فلم يكن يعتقد التجسيم
و لا التشبيه ، كما سبق أن بيناه . و هذا الذي صدر منه هو خطأ في تطبيق منهج
السلف و الحنابلة و أصحاب الحديث لضعفه في
علم الحديث ، و ليس هو خطأ في منهجه الآنف الذكر .
و قد
يتساءل بعض الناس فيقول : إذا كان منهج أبي يعلى الفراء و أصحابه الحنابلة ، في
مسألة الصفات منهجا صحيحا موافقا لمنهج السلف و أهل الحديث ، فلماذا ذمهم ابن
العربي و صورهم في صورة بشعة ؟ .
إن السبب في ذلك يرجع إلى الاختلاف في
مفهوم التشبيه و التنزيه عند كل من
الطرفين ، فالحنابلة يعتقدون أن إثبات الصفات الإلهية ليس تشبيها ،و لا تعد كذلك
إلا إذا قيل : يد الله كيد البشر ،و سمعه
و بصره كسمع و بصر الإنسان . و أما الإقرار بتلك الصفات مع نفي مشابهتها لصفات
المخلوقات ، فليس تشبيها و لا تجسيما ،و إنما هو إثبات و تنزيه ؛ و إلا كانت كل
الطوائف التي وصفت الخالق بالعلم و الإرادة ،و السمع و القدرة مشبهة (21) .
و أما القاضي أبو بكر ابن العربي فهو كغيره من متأخري
الأشعرية ، يرون أن إثبات الصفات الخبرية ، كعلو الله و استوائه على عرشه ،
هو تشبيه
لذا يجب تأويلها ، فالتشبيه عندهم هو إثبات تلك الصفات بلا تأويل (22) .
لذلك كان الحنابلة و أهل الحديث في منظور
هؤلاء مشبهة ، فهم و إن أثبتوها بلا تشبيه ، فهم مشبهة لأنهم لم يؤوّلونها ! . و
لا شك أن المنهاج الصحيح و السليم في مسألة الصفات ، هو إثبات كل الصفات التي ثبتت
في الشرع الحكيم بلا تشبيه ،و لا تعطيل و لا تأويل ، و هذا منهج
يشهد بصحته الشرع و العقل معا ليس هنا مجال تفصيل ذلك ، و أما ما يُخالفه من مواقف
و وجهات نظر أخري فهو لا يصح .
و لتوضيح
الأمر أكثر-فيما يتعلق بالاختلاف في مفهوم التنزيه و التشبيه- اضرب على ذلك ثلاثة
أمثلة، أولها يتمثل في أن الباحث زهدي جار الله اتهم الحنابلة بالتجسيم اعتماداٍ
على أبيات شعرية قالها بعض أهل العلم من الحنابلة، يقول فيها:
و إن
كان تشبيها ثبوت صفاته * على
عرشه إني إذن لمجسم
وإن
كان تنزيها جحود استوائه * و أوصافه أو كونه يتكلم
فعن ذلك التنزيه نزهت ربنا * بتوفيقه و الله أعلى و أعظم (23)
فهذه الأبيات
عند الباحث زهدي جار الله، فيها تجسيم -حسب نظرة المؤولين- لأنها أثبتت صفة
الاستواء على العرش، لكنها عند الحنابلة- و أهل الحديث أيضاً-ليست تجسيماً- حسب
مفهومهم للتشبيه- و إنما هي إثبات لصفة قال الله تعالى عنها : «الرحمن على العرش
استوى» (سورة طه: 5) في إطار قوله تعالى: «ليس كمثله شيء و هو السميع البصير» (سورة
الشورى: 11)، و «وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ» (سورة الإخلاص: 4).
و المثال الثاني
يتمثل في أن المؤرخ أبا شامة المقدسي الأشعري (ت665 هـ/1266م) عندما ترجم للموفق
بن قدامة المقدسي (ت 620هجرية)، شهد له بالعلم و الفهم و الإمامة في الدين، ثم قال
عنه: «لكن كلامه فيما يتعلق في العقائد في مسائل الصفات و الكلام، هو على الطريقة
المشهورة عند أهل مذهبه، فسبحان من لم يوضح الأمر له، على جلالته في العلم، و
معرفته بمعاني الأخبار و الآثار» (24). وقد عقب علية الحافظ شمس الدين الذهبي
بقوله: «و هو-أي الموفق- و أمثاله متعجب منكم مع علمكم ،و ذكائكم كيف قلتم . . . !
وكذا كل فرقة تتعجب من الأخرى» (25). و سبب تعجب أبي شامة من الموفق في مسألة
الصفات، هو أنه نظر إليها من منظور المؤولين للصفات، لا من منظور المثبتين لها.
و أخرها-أي
المثال الثالث- هو أن الفقيه تقي الدين بن عبد الحميد المقدسي الحنبلي ( ت679هـ/
1280م) كان لهجاً بإيراد الصفات، فرماه الأشاعرة بالتجسيم و تلطخ به، لكن الحافظ
شمس الدين الذهبي شهد له بأنه بريء منه، و أنه صنف كتاباً في الصفات غالبه جيد (26)
. فما هو سبب اختلافهم في هذا الرجل؟ هو
أن الأشاعرة رموه بالتجسيم لأنه أثبت الصفات و لم يؤولها على طريقتهم؛ والذهبي
برأه من ذلك لأنه نظر إلى المسألة بمنظور الحنابلة و أهل الحديث، لا بمنظور هؤلاء.
و أخيراً، يتبين مما ذكرناه أن القاضي أبا
بكر بن العربي، لم يُنصف الحنابلة و تحامل عليهم بلا حق، وبالغ في ذمهم و ظلمهم، وصوّرهم في صورة
منفرة مشينة، و ذكر عنهم أخباراً غير صحيحة عنهم وعن مذهبهم. فما هي الأسباب التي
أوقعته في كل ذلك؟
هي
في اعتقادي ثلاثة أسباب رئيسية، أولها إن ابن العربي نظر إلى الحنابلة –مذهباً و طائفة- من منظور مذهبه الأشعري. فرآهم طائفة ضالة
زائغة، و لم ينظر إليهم من خلال مذهبهم، ولا من خلال نظرة موضوعية نزيهة قائمة على
النقل الصحيح، و العقل الصريح، و العلم الصحيح.
و السبب الثاني هو أن القاضي ابن العربي استقى
أخباره عن الحنابلة من طريق خصومهم
الأشاعرة ببغداد، فأورثه ذلك نظرة أحادية مذهبية متعصبة، أفقدته التوازن و
الموضوعية في نظره إلى الحنابلة و حكمه عليهم.
و
آخرها- أي السبب الثالث- هو أن معرفة ابن العربي بالحنابلة –مذهبا و طائفة- كانت قليلة على ما يبدو ، لذلك و جدناه يذكر أخبارهم و عقائدهم معتمداً
على خصومهم، و كان من الواجب عليه أن يخالطهم، و يسمع منهم، ويطالع كتبهم، قبل أ،
يكتب عنهم. لذا وجدناه نسب إلى القاضي أبي يعلى الفراء أمورا شنيعة هو بريء منها،
و لم تثبت في حقه.
تم
و لله الحمد
------------------------
الهوامش
:
1-
حققه عمار الطالبي، الشركة الوطنية للنشر و
الإشهار، الجزائر ، 1981 ج2 ص: 281-282 ، 288، 303 .
2-
ابن العربي : المصدر السابق ج 2 ص: 283 .
3-
انظر: أبو الحسين بن أبي يعلى : طبقات
الحنابلة ، حققه محمد حامد الفقي ، مطبعة السنة المحمدية ، مصر ، 1962 ، ج 2 ص:
208، 209 ، 211.
4-
خالد كبير علال : صفحات من تاريخ أهل
السنة و الجماعة ببغداد ، دار هومة، الجزائر ، ص : 47 و ما بعدها .
5-
أبو الحسين بن أبي يعلى : المصدر
السابق ج 2 ص: 208 و م بعدها .
6-
ابن تيمية : مجموع الفتاوى ، جمع و
ترتيب ابن قاسم ، مكتبة المعارف ، الرباط ، د ت ، ج 6 ص: 52، 53 ، 55 . و نقض المنطق ، صححه محمد
حامد الفقي ، مطبعة السنة المحمدية ، د ت ، ص: 136 .
7-
ابن العربي : المصدر السابق ج2 ص: 282
.
8-
ابن أبي يعلى: المصدر السابق ج2 ص: 239.و ابن
رجب البغدادي: الذيل على طبقات الحنابلة ،
حققه سامي الدهان ، و هنري لاوست ، المعهد الفرنسي للدراسات العربية ، دمشق
، 1370 هجرية /1951 ، ج21 ص: 25 .و ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب ، المكتب
التجاري ، بيروت ، د ت ، ج 5 ص: 278 .و
ابن الأثير : الكامل في التاريخ ، دار صادر ، بيروت ، 1965 ، ج10 ص: 104 .و ابن خلدون : كتاب العبر و ديوان
المبتدأ و الخبر ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، 1957 ، ج 3 ق:5 ص: 980 .و السيوطي
: تاريخ الخلفاء ، ص: 442 .و ابن الجوزي:
المنتظم ، مطبعة دائرة المعارف العثمانية ، الدكن الهند ، 1359 هجرية ، ج 8ص: 305
.و ابن كثير: البداية ، منشورات دار المعارف، بيروت ، 1985 ، ج12 ص: 115 .و الذهبي
: سير أعلام النبلاء ، حققه شعيب الأرناؤوط و آخرون ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ،
1982 ج 19ص: 425 .
9-
أبو الحسين بن أبي يعلى: المصدر السابق ج2ص: 43
.و ابن كثير:المصدر السابق ج11 ص: 162. و تفسير القرآن العظيم ، ط1 ، دار الندلس ،
بيروت ، 1966 ج4 ص: 335 .و ابن خزيمة :
كتاب التوحيد ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، 1978 ، ص: 305-306. و البخاري : الجامع الصحيح ، ط3 ، دار ابن كثير ، اليمامة –
بيروت ، 1987 ، ج 1ص: 222 ، رقم الحديث : 589 .
10-
ابن القيم الجوزية: بدائع الفوائد ، ج4 ص: 39 .و ابن أبي يعلى:المصدر السابق ج 2 ص:
43 .
11-
ابن العربي : المصدر السابق ج2 ص:
283،307 .
12-
ا بن أبي يعلى: المصدر السابق ج2 ص:
197،198 .و ابن الجوزي: المنتظم ج9ص: 4 .
13-
حققه وديع زيدان ، دار المشرق ، بيروت
، ص : 212 . ابن أبي يعلى : المصدر السابق ج2 ص: 209.و أبو
يعلى: نفس المصدر ص: 271-272 .
14-
نفس المصدر ج2 ص: 209 .و نفس المصدر ص:
51 , ما بعدها .
15-
ابن تيمية: درء تعارض العقل و النقل ،
حققه محمد رشاد سالم ، دار الكنوز الأدبية ،، الرياض ، 1391 هجرية ، ج5 ص: 338 .
16-
أبو الحسين بن أبي يعلى: المصدر السابق
، ج 2 ص: 211 .
17-
نفسه ، ج2 ص: 211 .
18-
نفس المصدر ، ج2 ص: 212 .
19-
ابن تيمية: درء تعارض العقل و النقل ، ج5 ص: 338 .
20-
صلاح الدين الصفدي: الوافي بالوفيات ،
حققه س . د . رينغ ، المطبعة الهاشمية ، دمشق ، 1959، ج 3 ص: 864 .
21-
ابن أبي يعلى : المصدر السابق ج 2ص:
211-212 .
22-
ابن عساكر: تبيين كذب المفتري فيما نسب
إلى أبي الحسن الأشعري ، حققه محمد زاهد الكوثري ، ط3 ، دار الكتاب العربي ، بيروت
، 1984 ، ص : 311-312 .و سفر الحوالي :
منهج الأشاعرة في العقيدة ، ط1 ، الدار
السلفية ، الجزائر ، 1990 ص: 53 .
23-
زهدي جار الله : المعتزلة ، الدار
الأهلية للنشر و التوزيع ، بيروت، ص: 252 .
24-
أبو شامة : ذيل الروضتين ، ص: 141 . و
الذهبي : سيّر أعلام النبلاء ، ج 22 ص: 172 .
25-
الذهبي: نفسه ، ج 22 ، 172 .
26-
الذهبي : سير أعلام النبلاء الجزء
المفقود ص :312-313 .
مصادر
البحث و مراجعه :
أولا : المصادر :
1-
ابن تيمية: درء تعارض العقل و النقل ، حققه محمد رشاد سالم ، دار الكنوز الأدبية
،، الرياض ، 1391 ه .
2- ابن تيمية : مجموع الفتاوى ، جمع و ترتيب ابن
قاسم ، مكتبة المعارف ، الرباط ، د ت ،
3- ابن تيمية : نقض المنطق ، صححه محمد حامد
الفقي ، مطبعة السنة المحمدية ، د ت ، ص:
136 .
4- ابن خزيمة : كتاب التوحيد ، دار الكتب العلمية
، بيروت ، 1978 .
5- ابن رجب البغدادي: الذيل على طبقات
الحنابلة ، حققه سامي الدهان ، و هنري
لاوست ، المعهد الفرنسي للدراسات العربية ، دمشق ، 1370 هجرية /1951
6- ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب ، المكتب
التجاري ، بيروت ، د ت ، ج 5 ص: 278
7- ابن الأثير : الكامل في التاريخ ، دار صادر
، بيروت ، 1965
8- ابن خلدون : كتاب العبر و ديوان المبتدأ و
الخبر ، دار الكتاب العربي ، بيروت ، 1957
9-ابن الجوزي: المنتظم ، مطبعة دائرة المعارف
العثمانية ، الدكن الهند ، 1359 هجرية
10-ابن كثير: البداية ، منشورات دار المعارف،
بيروت ، 1985 ، ج12 ص: 115 .
11-ابن
كثير : تفسير القرآن العظيم ، ط1 ، دار
الندلس ، بيروت ، 1966 .
12- ابن عساكر: تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى
أبي الحسن الأشعري ، حققه محمد زاهد الكوثري ، ط3 ، دار الكتاب العربي ، بيروت ،
1984 .
13-
أبو بكر بن العربي : العواصم من القواصم
: حققه عمار الطالبي، الشركة
الوطنية للنشر و الإشهار، الجزائر
14-أبو
الحسين بن أبي يعلى : طبقات الحنابلة ، حققه محمد حامد الفقي ، مطبعة السنة
المحمدية ، مصر .
15-أبو
يعلى الفراء : المعتمد في أصول الدين ، حققه وديع زيدان ، دار المشرق ، بيروت .
16-البخاري
: الجامع الصحيح ، ط3 ، دار ابن كثير ،
اليمامة – بيروت ، 1987 .
17-
الذهبي : سير أعلام النبلاء ، حققه شعيب الأرناؤوط و آخرون ، مؤسسة الرسالة ،
بيروت ، 1982.
18- صلاح الدين الصفدي: الوافي بالوفيات ، حققه س .
د . رينغ ، المطبعة الهاشمية ، دمشق ، 1959.
(ب) المراجع :
1-
خالد كبير علال : صفحات من تاريخ أهل السنة و الجماعة ببغداد ، دار هومة،
الجزائر .
2-
سفر الحوالي : منهج الأشاعرة في العقيدة ، ط1 ،
الدار السلفية ، الجزائر ، 1990 .
3- زهدي جار الله : المعتزلة ، الدار الأهلية للنشر و التوزيع ،
بيروت .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق