د. عجيل النشمي
دولة الخلافة والحركة
الوهابية
رأينا
في الحلقة السابقة مضامين رسالة الأمير
عبد الله إلى السلطان محمود، ووقفنا على
أبعادها.. والتي كانت تصب كلها في إطار
إعانة دولة الخلافة ومؤازرتها، وإقرار
لولائها وطلب الحكم باسمها، وفتح صحيفة
جديدة في العلاقة بينهما بعد أن ساءت
بدخول الأمير سعود مكة المكرمة.. وما تبع
ذلك من أحداث. ووقفنا عند ذيل رسالة
الأمير عبد الله متسائلين في تطويع دولة
الخلافة للموافقة على فتح تلك الصفحة
معه.. وهذا لن يكون إلا بالضغط منها على
محمد علي باشا، فهل تحقق ذلك؟ هذا ما
تجيب عنه هذه الحلقة.. باستعراض رسالتين
للأمير عبد الله إلى محمد باشا بعد
رسالته الأولى للسلطان محمود ثم
الرسالة الثالثة.
ونبدأ بالرسالة الثانية: ولما كانت
هذه الرسالة قد تضمنت تكراراً لبعض
القضايا التي سبق وأن ذكرها الأمير عبد
الله في رسالته الأولى إلى السلطان
محمود، فإننا سنمر على تلك النقاط
المكررة دون زيادة في التعليق عليها ،
مكتفين بما سبق، ومقتصرين على ما لم
يذكر في تلك الرسالة، فهاك الرسالة
بتمامها أولاً:
»محمد
علي باشا:
نحمدك اللهم على ما منيت به من
الإصلاح بالصلح الحاقن لدماء المسلمين
عن السفك بالسلاح وحميت به حمى الدولة
الإسلامية عن الوقوع في أشراك البلية
وكففتَ به أكف الأمة المحمدية عن بلوغ
العدو فيها غاية الأمنية؛ ونصلي
على أشرف الرسل الهادي لأحسن السبل
محمد أكرم أنبيائه وأفضل أصفيائه وعلى
آله الكرام وأصحابه هداة الأنام. ثم
ينتهي لحضرة الجناب العالي الدائم في
طلب المعالي عزيز مصره وبدر دهره بلغه
اللُ من المعالي ما شاء، ذو الهمة
العلية والأخلاق المرضية، حرسه من
طوارق البلا وبلغه ما أراد من الرتب
العلا. وبعد: فغير خافٍ على جنابكم حقيقة
ما نحن عليه وما ندعوا الناس إليه أننا
جاهدنا الأعرابَ حتى أقاموا الصلاة
وآتوا الزكاة وألزمناهم صيام رمضان وحج
بيت الله الحرام ومنعناهم عن ظلم العباد
والسعي في الأرض بالفساد وعن قطع سبل
المسلمين والتعرض لحجاج بيت الله
الحرام من الوافدين، فعند ذلك شكوا إلى
والي مكة غالب ورمونا بالكذب والبهتان
وخرّجونا وبدّعونا وقالوا فينا ما نحن
منه براء. فسيّر علينا بأجناد وعدد وعدة
فأعجزه الله وله الحمد والمنة.
فقاتلناهم دفعاً لشره ومقابلة لفعله
القبيح ومكره، فردّه اللهُ بغيظه لم ينل
خيراً، واستولينا على الحرمين الشريفين
وجدة وينبع، فلما تمكنا من أوطانه فعلنا
معه كل جميع وأقريناه على ما كان تحت يده
من البلدان ووجهنا مدخول البنادر إليه
وأكرمناه غاية الإكرام توقيراً للنسب
الشريف وتعظيماً للبلد الحرام، ثم بعد
ذلك قام وقعد وأكثر التقلب واجتهد وبالغ
عند أبي رحمه الله في ردّ الحجاج
القادمين من جهتكم وزعم أنهم إن قدموا
مكة –شرفها الله- سفكوا فيها الدماء
واستحلوا حرمتها، وأكثر القول فيهم حتى
قال إنهم أهل غدر وخيانة، فظن أبي ذلك
نصيحة منه فمنع الحجاج خوف الفساد
والفتن وكتب للدولة إذ ذاك كتباً
مضمونها إننا لم نمنع الحجاج القادمين
من تلك الجهات إلا لأجل ذلك فإن جانا من
الدولة تعتمده أن الحجاج القادمين
يحجون البيت الحرام ويزورون المسجد
النبوي –على صاحبه أفضل الصلاة والسلام-
من غير أن يحدثوا حدثاً تستباح به حرمة
الحرمين الشريفين فنحن نحميهم عن جميع
من تحت يدنا من جميع حاضر وبادٍ حتى
يحجوا ويرجعوا إلى أوطانهم، ثم إن
الشريف طلب من أبي رحمه الله أن يتولى
إرسال تلك الكتب التي هذا مضمونها إلى
الدولة فأجابه لكونه أعرف منا بتلك
الجهة، ثم إننا تحققنا أن ذلك مكر منه
بنا لأنه أظهر للدولة عنا غير ذلك، وصار
يكتب لهم على لسان أبي ما يورث العداوة
والإحن بيننا وبين الدولة من الكذب
والبهتان ويمهر تلك الكتب التي زوّرها
بمهر قد نقشه باسم سعود ويحبس ما كتبه
أبي عنده، وقصده بذلك إثارة الفتن
واضطرام نار الحرب ونحن لا نشعر بشيء من
مكره حتى ثار الحرب بيننا وبينكم وأحاد
به سوء فعله ولا يحيق المكر السيئ إلا
بأهله، فعلمنا أن مطلوب الدولة العلية
صيانة الممالك الإسلامية، لا سيما
الأقطار الحجازية ومن أعظمها صيانة
الحرمين الشريفين والذب عن حماها
الأحمى بلا ريب ولا مين، والقيام للدولة
على قدم السمع والطاعة والإقدام على
إظهار المشعر بهما حسب الاستطاعة ومنها
الدعاة بحضرة سلطان السلاطين نصره الله
تعالى على المنابر وكفّ يد الأذى الوارد
إلى الممالك المحروسة والصادر، فأطفأنا
من الشد حريقاً وفتحنا إلى الصلح طريقاً
ولم نزل نجتهد في إبراهمه حتى انعقد بين
الفريقين وبذلنا الوسع في حق الدماء من
الجانبين وصورة ما وقع عليه انعقاد
الصلح من الشروط محرر في الوثيقة مضبوط
فبوصلها إليكم
تشرفون على إجمالها وتفصيلها ونرجوا
أنكم تستحسنون مواقع تأسيسها وتأصيلها
وتشرفون على كتابنا المعروض على حضرة
السلطان ولكم الأمر بعد الله في جميع
هذا الشأن. وصلى الله على سيدنا محمد
وآله وصحبه وسلم.
عبد الله بن سعود
خاتم إداري
الواثق بالله المعبود
عبد الله بن سعود«
*نرجح أن هذه الرسالة حملها معه
إلى محمد علي الوفدُ الأول الذي أرسله
الأمير عبد الله بعد عقد الصلح عام 1230
هـ، والمكون من عبد الله بن محمد بن
بنيان، والقاضي عبد العزيز بن حمد بن
إبراهيم –كما سبق- والذي يعزز ذلك ويشير
إليه ما ضمنه الأمير عبد الله في آخر
الرسالة أنه أرفق مع هذه الرسالة صورة
لما وقع عليه الصلح من اتفاق وشروط
ويطلب من محمد علي أن تقع هذه الشروط
موقع الاستحسان. وقد وافق عليها محمد
علي فعلاً وأرسل ما يحتمل أن يكون
جواباً عنها كما ستأتي الإشارة له.
وذلك إنما كان قبل نقض الصلح من قبل.
ومما يشير إلى هذا الترجيح ويؤيد أنها
كتبت في عام 1230 هـ ما ورد في آخرها من
إشارة إلى الرسالة السابقة التي أرسلها
الأمير عبد الله إلى السلطان العثماني
وتلك إنما كانت عام 1230 هـ.
وقد كرّر الأميرُ عبد الله في هذه
الرسالة النقاط الجوهرية التي ذكرها في
رسالته إلى دولة الخلافة:
*فصدّر الرسالة بموضوعها الرئيسي
وهو إقرار الصلح وتأكيده، ثم مدح محمد
علي بما هو معهود في مثل تلك المراسلات،
ثم بيّن له منهج الدعوة وما قامت عليه من
أركان وما أقدمت عليه من تغيير لواقع
الناس المنحرف في الجزيرة العربية، وأن
الشريف غالب هو الذي بدأ القتال بعدما
وشى المغرضون فكانت النتيجة دخولهم
الحرمين الشريفين، ومع ذلك فإنهم لم
يتعدوا على ما تحت يده، وهذا إنما كان في
المرحلة الأولى –كما سبق- ثم يتعرض
الأمير عبد الله لقضية منع الحجاج بشيء
من التفصيل ويحمّل وزر منع الحجاج على
الشريف.
*ثم يحمّله أيضاً وزر هذه الحرب
التي انتهت الصلح –فهو الذي أشعل نارها
بما كان يزوّره من معلومات يغذي بها
الدولة العلية التي أسندت إلى محمد علي
مهمة حرب الحركة وكأنه يشير إلى أن دولة
الخلافة أخطأت حينما أسندت لكم هذه
المهمة على التي كلفتكم الشيء الكثير في
حين أنها لم تُبنَ على حقائق صحيحة. فإذا
كانت دولة الخلافة تريد الاعتراف
وإعلان الولاء فهذه الطاعة والسمع
يظهرها في كل مناسبة، ويحفظ بين الله
الحرام من أيدي العابثين ويؤمن لحجاج
المسلمين طريقهم، كل ذلك يجعل من أمر
الصلح حلاً عادلاً وتفويتاً
علىالمغرضين أحقادهم وحقناً لدماء
المسلمين.
*وفي آخر الرسالة يشير إلى رسالته
إلى السلطان وعبارته تحتمل إرفاق
رسالته إلى السلطان مع هذه الرسالة
وتحتمل مجرد الإشارة، وعلى كلا الحالين
فإن الرسالة إلى السلطان كما رأينا نوع
إحراج يقع فيه محمد علي فيما لو أقدم على
نقض الصلح، لأن الأمير قد وضّح لدولة
الخلافة أن مصلحتها –فعلاً- في إقرار
الصلح لا نقضه، ولعل إرسال تلك الرسالة
إلى دولة الخلافة وإشعار الأمير عبد اله
محمد علي بهذا هنا هو الذي جعل محمد علي
يوافق على إمضاء الصلح ابتداء ريثما
تستجد أمور يمكن أن تكون مبرراً لنقض
الصلح فيما بعد.
*الرسالة الثالثة: وهي رسالة عربية
الأصل، موجهة من الأمير عبد الله إلى
محمد علي باشا والي مصر، وهي جواب على
رسالة بعث بها محمد علي إلى الأمير عبد
الله ضمنها موافقته على إبرام الصلح.
وهي مؤرخة بـ29 صفر دون ذكر السنة، ونرجح
أنها سنة 1231 هـ، لأننا سبق وأن ذكرنا أن
رسالة الأمير عبد الله ربما كانت في شهر
شعبان من عام 1230 هـ، فتأريخ هذه الرسالة
في صفر يقطع بأنها في سنة 1231 هـ ولأنها
السنة التي انتقض فيها الصلح . وعلى ذلك
فإن رسالة محمد علي في الموافقة على
الصلح قد وصلت الأمير عبد الله في مدة لا
تتجاوز ستة أشهر، وهي المدة التي بين
رسالة الأمير عبد الله الأولى في شعيان
1230 هـ ورسالته هذه الثانية في 29 صفر 1231
هـ. وإذا قدرنا وصول هذه الرسالة في آخر
المدة وهي طويلة نسبياً فعلى اعتبار أن
موافقة محمد لي على الصلح قد حملها
شفوياً الوفد الأول الذي أرسله الأمير
عبد الله. وربما يكون جواب محمد علي وصل
إلى الأمير عبد الله مع الوفد الأول أو
بعده بقليل، وتأخر الأمير عبد الله في
إرسال هذه الرسالة لأنه لا ضرورة لها
بعد قرار الصلح من الطرفين، فلما بدأت
الأحوال تتغير سنة 1231 هـ أرسل هذه
الرسالة وربطها برسالة محمد علي لأن
موضوعهما واحد.
ومما يؤيد ذلك أن الأحوال بدأت
تتغير فعلاً مع بداية هذه السنة وذلك
حينما سار الأمير عبد الله بجيش جرار
ونزل القصيم والخبر، ثم سار جهة الحجاز،
وعلى أثر ذلك ركب إلى مصر رجال أهل
القصيم والبوادي وقابلوا محمد علي
وادّعوا أن الأمير عبد الله قد نقض
الصلح.
وربما يكون جواب محمد علي وصل إلى
الأمير عبد الله مع الوفد الأول أو بعده
بقليل، وتأخر الأمير عبد الله في إرسال
هذه الرسالة لأنه لا ضرورة لها بعد قرار
الصلح من الطرفين، فلما بدأت الأحوال
تتغير سنة 1231 هـ أرسل هذه الرسالة
وربطها برسالة محمد علي لأن موضوعهما
واحد.
ومما يؤيد ذلك أن الأحوال بدأت
تتغير فعلاً مع بداية هذه السنة وذلك
حينما سار الأمير عبد الله بجيش جرار
ونزل القصيم والخبر، ثم سار جهة الحجاز،
وعلىأثر ذلك ركب إلى مصر رجال أهل
القصيم والبوادي وقابلوا محمد علي
وادعوا أن الأمير عبد الله قد نقض الصلح.
فإرسال الأمير عبد الله هذه الرسالة
جاء مناسباً للرد على هذه الدعاوى، وأن
ما قام به لا يعتبر نقضاً للصلح وربما
أرسل تلك الرسالة مع الوفد الثاني
المكون من حسن بن مزروع وعبد الله بن عون
–كما سبق- فقد حمّلهما هدايا ومراسلات
إلى محمد علي، إلا أن محمد علي قد تغيّر،
ولم يحملا إلى الأمير عبد الله أن الأمر
قد يصل إلى حد يسيير الجيوش، ولعل محمد
علي أضمر ذلك في نفسه، فقد سيّر بعد ذلك
الجيوش لحرب الأمير عبد الله وذلك عام
1231 هـ.
وتعتبر هذه الرسالة رسالة وثائقية
هامة، تحمل أهمية خاصة سنكشف عنها بعد
قراءتها. فهاك الرسالة بتمامها:
»حمداً
لمن أحمى غراس المواصلة بوابل هنان
المكاتبة والمراسلة، وأماط به مادة
المقاطعة والمفاضلة، والصلاة والسلام
على سيدنا محمد أشرف من أرسله وعلى آله
وصحبه الذين بلّغوا من صحبته ومحبته
غابة المنزلة إلى من شرفت به الدولة
المرعية والرتب العلية حتى صار ملهج
لسانها فحل من عينها مكان إنسانها فريد
مصره ووحيد قطره. بعد التسليمات الوافرة
والتحيات المتكاثرة ننهي إليكم أنه قد
وصل إلينا كتابكم وفهمنا ما تضمنه
خطابُكم فوقفنا على معانيه وعرفنا
المصرح به والمشار إليه فيه وما ذكرتم
من القبول لما انبرم من أمر الصلح إن كان
ما قلنا حقاً وما حررناه محكماً وصدقاً
فنحن بحمد الله للمكر والخديعة مجانبون
وللصدق والوفاء بالعهد معاملون وليست
الخديعة والمكر من شيم الكريم الحر.
والصدق قد تقرر من سيرتنا عند ا لبعد
والفضل ما شهدت به الأعداء وليس عندنا
لكم إلا الصدق والوفاء فيما ظهر وخفي،
فلكم منا العهد والميثاق أننا لما جرى
بيننا وبينكم ملتزمون ولأمر المعاقدة
محققون، فالواجب منكم مراعاة العهد
بالتزام أحكام الحق وايثار أسباب الرفق
لما في ذلك من الصلاح الشامل، والخير
العاجل والآجل. ومثلك –وفقك الله- ممن
يستغني باشارة التذكرة ويكتفي بلمحة
التبصرة لما تأوي إليه من السياسة
والتجربة وما أشرتم إليه من حروبنا
السابقة مع أهل الحجاز وغيرهم فلم نقاتل
أحداً منهم أبداً بل هم بدءوا بالقتال
بغياً وعدواناً، فقاتلناهم دفعاً
لشرهم، فجعل الله لنا عليهم سلطاناً ولم
نقابلهم بما جرى منهم إلا إحساناً، فلما
كانت لنا القدرة عليهم أمرناهم بإقامة
شرائع الإسلام والتزام سائر الأحكام من
عبادة الله وحده لا شريك له وإقامة
الصلوات الخمس وصوم شهر رمضان وحج بيت
الله الحرام فانحسم بذلك مواد شرهم
وفسادهم لأن أكثرهم مفسدين في الأرض
مضيعون لما أمر به الله من الواجب
والغرض، بل أكثرهم للطرق قاطعون
وجملتهم للبعث منكرون، يقولون ما قاله
سلفهم الأولون (ما هي إلا حياتنا الدنيا
نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما
لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون) فلما
كانت لنا القدرة عليهم وجب علينا أن
نحملهم على الشرع الشريف عملاً بقوله
سبحانه: (الذين إن مكنّاهم في الأرض
أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا
بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة
الأمور) وبقوله صلى الله عليه وسلم فيما
صح عنه وثبت: (من رأى منكم منكراً
فليغيره بيده، فمن لم يستطع فبلسانه،
فمن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).
ولأننا نعلم علماً قطعياً أن السلطان لا
يرضى بذلك ولا يأمر بدخولهم المسالك.
وأما ما أشرتم إليه من اهتمامكم
بالحرمين الشريفين وسعيكم في مصالحها
فهذا أمر قد تحققناه من سيرتكم وعرفناه
من طريقتكم، ونحن إن شاء الله نلتزم لكم
بذلك، فنكفّ عنهم الأذى ما استطعنا
ونوصل من الأقوات إليهم ما قدرنا ونمنع
حجاجكم من أراد بهم سوء ومكروه، أو حام
حمائم (!) بأمر لا ترضوه. ولو كان الحرمان
الشرفان من أعوانكم خالية ومن عسكركم
صافة ما يأتهم منا [ما] تكرهون ولم يفع
منا ما تحذرون. فَنَمْ من طرفنا قرير
العين والقلب، طيب الخاطر واللب، فنحن
إن شاء الله في طاعة الله ورسوله يد
واحدة على من سوانا معتصمون بجبل الله
على من عادانا، وفي الحقيقة ما تحت يدنا
من الجيوش والأعوان عسكر لكم وفي خدمتكم
بلا ديوان. نسأل الله العظيم أن يجمعنا
وإياكم على طاعته ويدخلنا دار كرامته
ويعمر بالسؤدد ربعك ويوسع لحمل أثقال
المعالي ذرعك. وصلى الله وملائكته
وأنبياؤه ورسله على أشرف خلقه وخيرته من
بريته محمد وعلى آله وصحبه تسليماً
كثيراً.
حرر في اليوم التاسع والعشرين من
شهر صفر [بدون ذكر سنة]
ختم دائري
الواثق بالله المعبود عبد الله بن
سعود
تحية عبد الله بن سعود«.
إن الأهمية التي تحملها هذه الرسالة
تكمن في زاويتين: الأولى أنها تثبت
مراسلة –مفقودة- بين محمد علي باشا
والأمير عبد الله. والثانية: أن الرسالة
تحملت الإجابة على أسئلة من محمد علي
باشا، تكشف عن خط الحركة الدعوي والحركي
والسياسي في تلك الفترة التي تسلّم فيها
الأمير عبد الله دفّة الأمور. وهذا كله
–مترابطاً- يعطينا ملامح واضحة لطبيعة
العلاقة بين دولة الخلافة والحركة
الوهابية في تلك المرحلة.
فالرسالة في ابتدائها تحمل
الاستفتاحات المعهودة في تلك الفترة،
ثم يشير الأمير عبد الله فيها إلى رسالة
محمد علي التي وصلته، والتي جعل الإجابة
عما ورد فيها هو محورها انطلاقاً من
قرار الصلح.
وقد تضمنت رسالة محمد علي عدة نقاط
هامة وجهها في صورة تبدو قسوة الأسلوب
فيها واضحة من جوابات الأمير عبد الله.
ويمكن أن نجمع ونرتب تلك النقاد على
اعتبار أنها رسالة محمد علي، ثم نرى
إجابات الأمير عبد الله عليها ودلالة
ذلك.
مجلة المجتمع- العدد 523، 1401 هـ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق