ترجمة الإمام محمد بن علي الشوكاني
القسم الثاني
(3) دعوته إلى تطهير الاعتقاد
رأى الإمام الشوكاني ما أدخله غلاة الشيعة والصوفية على العقيدة الإسلامية من جراء رفعهم للقبور ، وبناء للقباب وتجميلها على الأموات من أئمتهم وأوليائهم ، وجرّهم العامة إلى زيارتها والتبرك بها ، والتوسل بأصحابها واعتقادهم فيهم القدرة على الضرر والنفع ، وشيوع هذا في الناس وتأصله فيهم ، وميلهم بهذا عن دعوة الله ، إلى دعوة هؤلاء الأموات والعكوف على قبورهم ، وطوافهم بها وتعظيمها والذبح لهم والنذر إليهم ، فأعلن أن هذا كفر صراح ، ولا يمكن أن يتفق مع شهادة (أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) فإنّ مقتضى هذه الشهادة ألا يعتقد إنسان في غيره أنه يستطيع أن يفعل له يختص الله وحده بالقدرة على فعله ، وألا يأتي من الأعمال ، ولا من العبادات ، ما يشعر بهذا الاعتقاد ، وأنه من الواجب على كل مسلم أن يخلص شهادة التوحيد لله . وإخلاص التوحيد لا يتم إلا بأن يكون الدعاء كله لله ، والنداء والاستعانة والرجاء واستجلاب الخير واستدفاع الشر له ومنه لا لغيره : « فلا تدعوا مع الله أحداً » [1] ، « له دعوةُ الحق ، والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء » [2] ، « وعلى الله فليتوكل المؤمنون » [3] [4] . هذا دعاء القرآن نحو إخلاص الدين ، أو التوحيد لله .
كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن رفع القبور ، أو بناء المساجد عليها أو بالقرب منها ، وبين أن هذا من خصال الذين ضلوا من النصارى واليهود من قبل ، فإنهم كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً .
ويرد على أئمة الشيعة أنفسهم بما أخرجه مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي عليّ : « ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ؟ ألا تدعَ صورة إلا طمستَها ، ولا قبراً مشرفاً إلا سوَّيتَه » [5] .
ويبين أن بناء القبور ورفع القباب عليها ، وتجميلها على ما هو متبع الآن من شأنه أنيوحي بالعظمة في نفس الزائر من العوام ، فيقع في الكفر من حيث لا يشعر « فقد ذهب بعض أهل مكة إلىالقبة المقامة على قبر الإمام أحمد بن الحسين (صاحب ذي بين) فرآها وهي موقدة بالشموع ، والبخور والطيب ينفخ في جوانبها ،وعلى القبر الستور الفائقة ، فقال عند وصوله إلى الباب: أمسيتَ بالخير يا أرحم الراحمين » [6] . ولهذا نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن إضاءة القبور ، أو بنائها بالجص أي الجير ، وما يشبهه .
وعبادة الأوثان ، والأصنام قديماً ، قد تطورت في كثير من الأحوال عن مثل هذه الأبنية على الصالحين عند العرب ، وعند قوم نوح ، فاللات اسم رجل صالح كان يلت للحجاج السويق ، فمات فعكفوا على قبره . « وفي الصحيح عن ابن عباس (رضي الله عنهما) في قوله تعالى : « ولا تذرنّ آلهتكم ولا تذرنّ ودّاً ولا سواعاً ولا يغوثَ ويعوقَ ونسراً » قال : هذه أسماء رجال من قوم نوح ، لما هلكوا ، أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم ، التي كان يجلسون عليها أنصاباً وسموها بأسمائهم ، ففعلوا ، فلم يُعبَدوا حتى إذا هلكوا ونُسِيَ العلم عُبدَت . وقال غير واحد من السلف : لما ماتوا عكفوا على قبورهم » [7] .
وهو يجهر بهذه الدعوة للعوام والخواص . ومما كتبه يشنع فيه على بعض الخواص مممن نسوا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وانساقوا وراء التعصب والتقليد ، رسالةً بعنوان « شرح الصدور بتحريم رفع القبور » وهو على عادته يجعل المسألة التي تدور عليها هذه الرسالة صورة من صور الاجتهاد ، أو من الرد إلى كتاب الله وسنةالرسول عند الاختلاف أو عند إرادة الحكم الصحيح ، فيقول : « ولنجعل هذه المسألة التي جعلناها مثالاً لما ذكرناه ، وإيضاحاً لما أمليناه : هي المسألة التي لهج بالكلام فيها أهلُ عصرنا ومصرنا ، خصوصاً في هذه الأيام لأسباب لا تخفى ،وهي : مسألة رفع القبور والبناء عليها ، كما يفعله الناس من بناء المساجد والقباب على القبور » [8] . وهذه المسألة هي الرد على الإمام (يحيى بن حمزة) [9] في قوله : لا بأس بالقباب والمشاهد على قبور الفضلاء والملوك لاستعمال المسلمين ، ولم يُنكَر . فيثبت أن هذا أول نداء بهذه البدعة صدر في الديار اليمنية ، ثم تتابع المؤلفون في الفقه بهذا التصريح والجواز وراءه تقليداً له واقتداء به . وهو يُبطل هذه الفتوى بإبطال أدلتها التي أسندها بها صاحبها ، وهي (استعمال المسلمين ، ولم ينكر) فإن استعمال المسلمين أو عدم إنكارهم ، إذا تعارض مع الكتاب أو السنة ، كان ذلك الاستعمال باطلاً ، فإن المرجع في الجواز وعدمه هو كتاب الله وسنة الرسول : « فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول » [10] . وقد ظهر في الكتاب والسنةأن هذه أعمال تتساوى مع الكفر ومع عبادة الأصنام .وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : « كل أمر ليس عليه أمرنا فهو ردّ » [11] . ثم إن علماء المسلمين في كل عصر ، ما زالوا يروون أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في لعن مَن فعل ذلك ويقررون شريعة الإسلام في تحريم ذلك في مدارسهم ومجالس حفاظهم ، يرويها الآخر عن الأول والصغير عن الكبير » [12] .
وبهذا يرينا كيف أن التقليد وترك الاجتهاد كان له أيضاً مدخل في تشويه العقيدة والإخلاص بإخلاص التوحيد لله ، وأن الطريق إلى تصحيح العقيدة هو الرجوع إلى الكتاب والسنة في كل عمل أو اعتقاد .
وقد رأى الإمام الشوكاني أن إخلاص التوحيد ، أو النطق بشهادة « أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله » على وجهها ، هو الطريق إلى أداء العبادات ، ثم أداء الأعمال اليومية على وجهها بمراقبة الله فيها ، وأن المجتمع لا يمكن أن يستفيد من إيمانه إو إسلامه في حياة الاجتماعية أو الاقتصادية والسياسية ، إلا إذا كانت هذه الشهادة خالصة من مظاهر الشرك ، فهنا يمكن أن ينتفع الإنسان من هذه الشهادة ديناً ودنيا ، وأنه ما أخر المسلمين ، وقعد بهم عن الاستمرار في نهضتهم وعزتهم ، إلا تحريف هذه الشهادة ، وحيلولة مظاهر الشرك بينها وبين حلولها في القلب أو حلولها ، ولكن بزيغ وتشويه ، وأن هذه هي علة المسلمين اليوم ، والتي وراء كل جمود وتأخر وذلة [13] .
وقد أخذت هذه الدعوة منه حيزاً كبيراً بحيث صار فيها في اليمن إماماً ، كابن عبد الوهاب في الحجاز من قبل ، وابن تيمية في مصر والشام ، ولاقى من جرائها الكثير من المتعصبين ومن المقلدين ، ورُمِي بالنصب من أجلها ، ومن أجل دعوته إلى الاجتهاد والرجوع بالتشريع إلى طريقة السلف الصالح من الصحابة والتابعين.
ولكن طبيعة سلوكه ترد عليهم ، فإنه لم يذكر الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يصلّ عليه إلا وصلى على آله أيضاً معه ، نرى هذا واضحاً في كتبه التي وصلتنا ، كما تراه أيضاً في كتابه الذي ألفه بعنوان « در السحاب في مناقب القرابة والأصحاب » فقد جمع فيه كل ما وصلت إليه يده ، مما نسب للرسول صلى الله عليه وسلم في فضائل علي رضي الله عنه وزوجه فاطمة وأولادها رضي الله عنهم .
(الشوكاني) وابن تيمية وابن عبد الوهاب
وهو في هذا ليس متأثراً بابن تيمية ولا بابن عبد الوهاب كما يتبادر إلى الذهن ، وإنما سعة إحاطته بالسنة وكثرة رصيده من محفوظها ، ثم تشبّعه بالناحية العقلية التي امتاز بها الزيدية في عمومهم ، وغلبة الروح الاجتهادية عليهم ، هو الذي أثر فيه ووجّهه هذه الوجهة القويمة ، كما كان لنشأته الصالحة في كنف والده الصالح أثر كبير في ذلك ، وأثار هذه الروح وأبرز هذه الوجهة ما سمعه في العالم الإسلامي ، وما رآه في قطره من مظاهر الخروج على الكتاب والسنة من جمود ومن تشويه في العقيدة فنهض يدعو إلى كتاب الله ويرشد إلى طريق النهضة بكل ما أوتي من علم ومن سلطان .
وقد ظهر لنا هذا الاستقلال في تلك الدعوة ، من النظر في نشأته عموماً ، وفي موقفه من دعوة ابن عبد الوهاب ورأيه فيه ، وفي ابن تيمية ، فرغم أنه ينتهي في النهاية إلى ما قاله ابن عبد الوهاب إلاأنه قد وضح في رده على خلفه سعود بن عبد العزيز في إحدى قصائده أن له اتجاهاً خاصاً يختلف شيئاً ما عن ابن عبد الوهاب ،وأنه إذا كان قد جعل التوسل بالأولياء وزيارة قبورهم كفراً بعد ذلك في غير هذه القصيدة [14] فإنما هذه لعقيدته الخاصة ودراسته الشخصية ، فيقول في هذه القصيدة مخاطباً أهل نجد بعد أن وصل إليه منهم ما أوجبها :
نردّ إلى الكتاب إلى اختلفنا * مقالتنا ، وليس لذا جحود
مضى خير القرون ، ومن تلاه * ولا قيل ، ولا قال ولود
لهم من حلة الإنصاف حَلى * ولبس الهدى لهم برود
وما قالوا بتكفير لقوم * لهم بدع على الإسلام سود
وما قالوا بأن الرفض كفر * وبدعته تشق لها الجلود
فكيف يقال قد كفرت أناس * يرى لقبورهم حجر وعود
فإن قالوا أتى أمر صحيح * بتسوية القبور فلا جحود
ولكن ذاك ذنب ليس كفراً * ولا فسقاً فهل في ذا ردود
وإلا كان من يعصي بذنب * كفراً ، إن ذا قول شرود
ولي في ذا كتاب قمتُ فيه * مقاماً ليس ينكره الحسود
وقد سارت به الركبان شرقاً * وغرباً لم ترد فيه ردود [15]
وهكذا يصرح في هذه القصيدة بأنه لم يصل إلى نفس الرأي الذي وصل إليه أتباع ابن عبد الوهاب ، وأنه إذا كان قد ساواهم في شيء فإنما هو قد وصل إليه قبل أن يعرفهم .
كما أن بلوغ الشوكاني مرتبة النضج العلمي والعقلي في سن مبكرة ، ووصوله إلى مرتبة الاجتهاد وهو دون الثلاثين ، ومعاصرته لابن عبد الوهاب تقريباً [16] ، إذ أنه توفي والشوكاني سنه إذ ذاك ثلاث وثلاثون ، يعطي أن هذا عالم وذاك عالم ، هذا نشأ في صنعاء ، وذاك نشأ في الحجاز ، وكلاهما اتجه اتجاهاً مستقلاً عن الآخر ، في وقت متعاصر تقريباً ، وخاصة أن الإمام الشوكاني لم ينتقل من صنعاء .
فإذا كان هناك تطور في عقيدة الإمام الشوكاني ، وصل به إلى أن تساوى مع عقيدة ابن عبد الوهاب أو قرب منها ، فإنما هذا لاجتهاده الخاص ، ولا يعدو أن يكون مجرد توافق والتقاء طبيعي على نتيجة واحدة لمذهبين جعلا منهلهما واحداً : هو الكتاب والسنة ، وآثار السلف الصالح . وهكذا إذا كان المبدأ متحداً فلا بد أن تكون الغاية والنتيجة متشابهة .
ومن هنا فهو يلتقي مع ابن عبد الوهاب على الدعوة إلى تطهير الاعتقاد وكون كل منهما موجهاً للنهضة العلمية والدينية وجهة عقلية سلفية منتجة في العصر الحديث .
وبالنسبة لابن تيمية ، فالأمر يكاد أن يكون كذلك ، رغم أنه نقل عن هذا الأخير بعض نُقولٍ ، وتأثر به في اتجاهه التصوفي أخيراً ، كما هو واضح في « قطر الولي » [17] ، فإنه ترجم لابن تيمية في (البدر الطالع) ورغم أنه قد أعطاه حقه في الثناء إلا أنه لم يشر إلى أنه قد أخذ عنه شيئاً ، أو تأثر به أو انتفع به . ويبدو أن قراءته له بعد تكونه العلمي ،فإنه لم يشر في ترجمته لنفسه إلى كتب ابن تيمية ضمن الكتب التي قرأها وتتلمذ فيها أو عليها [18] ، وفي ذلك نفي لما يدعيه الشيخ عبد المتعال الصعيدي من أن الشوكاني كان مقلداً لابن تيمية وأنه لا يعتبر من المجتهدين [19] ، فهو كلام لشخص لم يخبر هذا الرجل ، وأغلب الظن أنه سمع عنه سماعاً مشوهاً أو قرأ له فقط ترجمته لابن تيمية ففهم من احتفائه به أنه مقلد له .
3 – أساتذته:
نذكر منهم :
1- والده علي بن محمد الشوكاني [20] .
2- السيد عبد الرحمن بن قاسم المداني [21] .
3- العلامة أحمد بن عامر الحدائي [22] .
4- السيد العلامة إسماعيل بن الحسن بن أحمد ابن الإمام القاسم بن محمد [23] .
5- العلامة القاسم بن يحيى الخولاني [24] .
6- العلامة عبد الله بن إسماعيل النهمي ، درس عليه كل شرح (إيساغوجي) للقاضي زكريا [25] .
7- العلامة الحسن بن إسماعيل المغربي ، درس عليه شرح الشمسية للقطب وحاشيته للشريف [26] .
8- السيد الإمام عبد القادر بن أحمد الكوكباني [27] .
9- السيد الإمام علي بن إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن أحمد بن عامر [28] .
10- السيد العارف يحيى بن محمد الحوتي [29] .
11- القاضي عبد الرحمن بن حسن الأكوع [30] .
4- تلاميذه :
منهم :
1- السيد محمد بن محمد زبارة الحسني اليمني الصنعاني ، الذي ترجم للشوكاني في كتابه « نيل الوطر من تراجم رجال اليمن في القرن الثالث عشر » والذي ساهم في نشر بعض مؤلفات الشوكاني في مصر ، وهم من الجيل الثاني من تلاميذ الشوكاني ، توفي سنة 1381 هـ ، وحوالي 1962 م .
2- محمد بن أحمد السودي ، ولد سنة 1178 ولازم الشوكاني منذ ابتداء طلبه إلى انتهائه . وقال فيه الشوكاني :
أعز المعالي أنت للدهر زينة * وأنت على رغم الحواسد ماجدُه
توفي سنة 1226 هـ .
3- محمد بن أحمد مشحم الصعدي الصنعاني ، وتولى القضاء في صنعاء وغيرها وأثنى عليه الشوكاني كثيراً . ولد سنة 1186 هـ ، وتوفي 1223 م .
4- السيد أحمد بن علي بن محسن بن الإمام المتوكل على الله إسماعيل بن القاسم . ولد سنة 1150 هـ واشتغل بطلب العلم بعد أن قارب الخمسين ، ولازم الإمام الشوكاني نحو عشر سنين في الطلب . توفي سنة 1223 هـ .
5- السيد محمد بن محمد بن هاشم ين يحيى الشامي ثم الصنعاني . ولد سنة 1178 وتوفي سنة 1251 هـ .
6- عبد الرحمن بن أحمد البهكلي الضمدي الصبياني . ولد سنة 1180 هـ . درس على الشوكاني وغيره . ولكنه اختص بالشوكاني اختصاصاً كاملاً ، وكان من أولى تلاميذه له ، ولي القضاء . توفي سنة 1227 هـ .
7- أحمد بن عبد الله الضمدي ، ولد سنة 1174 هـ ، نسبة إلى « ضمد » . أخذ عن الشوكاني وغيره ، ولكن صلته به كانت أكثر . صار المرجع إليه في التدريس والإفتاء في « ضمد » وما حولها ، وله أسئلة عديدة إلى أستاذه الشوكاني أجاب له عنها في رسالة سمّاها (العقد المنضَّد في جيل مسائل علامة ضمَّد) [31] . وتوفي سنة 1222 هـ ..وقد نشرتُ هذه الرسالة ، أجوبتها وأسئلتها في كتاب (أمناء الشريعة) : مجموعة رسائل للإمام الشوكاني ، في دار النهضة العربية في القاهرة .
8- علي بن أحمد هاجر الصنعاني ، ولد تقريباً سنة 1180 هـ . تبحر في العلوم العقلية وأتقنها ودرس على الشوكاني في علم المنطق وغيره . قال عنه الشوكاني بالنسبة للمنطق : « هو يفهمه فهماً بديعاً ، ويتقنه إتقاناً عجيباً.. قلّ أن يوجد نظيره، مع صلابة في الدين » . توفي سنة 1235 هـ .
9- عبد الله بن محسن الحيمي ثم الصنعاني . ولد تقريباً سنة 1170 . درس على الشوكاني واستفاد منه في عدة فنون ، ونقل كثيراً من رسائله ، وهو من التلاميذ الذين لازموا الشوكاني ، وأحبهم وأحبوه . توفي بعد سنة 1240 هـ .
10- القاضي محمد بن حسن الشجني الذماري . ولد سنة 1200 هـ . سمع على القاضي محمد بن علي الشوكاني صاحب الترجمة ودرس عليه ، وأجازه إجازة عامة في رجب سنة 1239 هـ ، ويعتبر أول شخص ترجم للشوكاني بإفاضة ومن جميع نواحيه ، وذلك في كتابه (النقصار في جيد زمن علامة الأقاليم والأمصار) ويقصد بعلامة الأقاليم والأمصار أستاذه محمد بن علي الشوكاني هذا ، فجعل هذا الكتاب ثلاثة أقسام : الأول منها في ذكر ولادة شيخه هذا ونشأته وكيفية طلبه ، وخلاله وخصاله ، وذكر مؤلفاته وبعض رسائله ونظمه ؛ والثاني في تراجم مشايخه ؛ والثالث في تراجم تلامذته . وكان شاعراً أديباً بليغاً قال بعضُ من ترجموا له : « فهو الفرد الكامل والعماد الفاضل ، بل الذي ألقت إليه البلاغة زمامها... صار إمام أهل بلده في علوم الآلات علىاختلافها ... » توفي سنة 1286 هـ .
11- ابنه القاضي أحمد بن محمد الشوكاني . ولد في سنة 1229هـ ، « وكان له الاشتغال التام بمؤلفات والده ، حتى حاز من العلم السهم الوافر ، وانتفع به عدة من الأكابر ، وتولى القضاء العام بمدينة صنعاء ، وله مؤلفات مفيدة » [32] ، وكان أكبر علماء اليمن بعد والده ، توفي سنة 1281 هـ .
هذا ، وتلاميذ الشوكاني أكثر من أن يحصوا [33] ، وقد جمع أساتذته وتلاميذه في كتابه (الإعلام بالمشايخ والأعلام والتلامذة الكرام) . وهؤلاء هم تلاميذه المباشرون ، أما غير المباشرين فما أكثرهم ، ففي اليوم لا تزال مدرسته قائمة إلى اليوم على أقوى ما تكون ، ورجالها يضيق عنهم نطاق الحصر ، وكلهم على مبدأ الاجتهاد .
وقد كان الإمام الشوكاني محظوظاً ، أو كان الكتاب والسنة محظوطين على يديه ، إذ سريعاً ما انتشر مذهبه في الاجتهاد في الهند ، وباكستان على يد تلميذه الشيخ عبد الله بن فضل الهندي – كما يقال – وحمل منه لواء هذه الرسالة ، تلميذ الشوكاني غير المباشر والمتحمس له السيد محمد صديق حسن خان (1248 – 1307هـ) أمير مملكة بهوبال بالهند ، والذي كان مهتماً بنشر الكتب هناك .
ونلاحظ أنه معجب ومقدر غاية التقدير لأساتذته ، إلى جانب أنه يذكر تلاميذه بكثير من الفضل والثناء .
يتبع ..
[1] سورة الجن ، آية 18.
[2] سورة الرعد ، آية 14 .
[3] سورة إبراهيم ، آية : 11
[4] الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد ، ص 15 .
[5] المصدر المتقدم ، ص 14 ؛ شرح الصدور بتحريم رفع القبور ، ص 13 .
[6] نفس المصدر ، ص 17 ؛ الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد ، ص 11 .
[7] المصدر المتقد م ، ص 11 ؛ الدراري المضيئة للشوكاني أيضاً ، ج1 ص 248 – 249 . وقارن كشف الشبهات لابن عبد الوهاب ، مطبعة السنة المحمدية ص 6 .
[8] ص 7 من الرسالة المذكورة ، شرح الصدور بتحريم رفع القبور ، ص 12 .
[9] من كبار أئمة الزيدية في اليمن في القرن الثامن الهجري ، ولد عام 669 وتوفي سنة 747 هـ .
[10] سورة النساء ، آية 59 .
[11] شرح الصدور بتحريم رفع القبور ، ص 9 وما بعدها .
[12] نفس المصدر ، ص 23 وما قبلها .
[13] رسالة الدواء العاجل في دفع العدو الصائل ، ص 62 ، 63 ، 68 وما بعدها . الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد ، ص 13 ، 15 ، 19.
[14] انظر شرح الصدور ص 17، 19، 20، 21 ؛ الدر النضيد طبعة الدمشقي سنة 1351 ، ص 61، 17، 20، 21، 26، 27.
[15] نيل الوطر للشيخ محمد زبارة ص 299 – 302 ،وهي إحدى المكاتبات التي جرت بينه وبينهم .
[16] إذ أن ابن عبد الوهاب ولد سنة 1115 هـ ، وتوفي سنة 1206 هـ ، والشوكاني (1173 – 1250 هـ) .
[17] ينظر « العنوان الخاض بأفضل الأولياء وطبقات الأولياء » ، وقارن «الفرقان» لابن تيمية ص 27-29 ، 40-45 ، قطر الولي قيما يتصل بتصوفه العنوان الخاص بالواجب على الولي فيما يصدر من أعمال ، وقارن الفرقان ص 72 ، 73 الطبعة الثانية سنة 1958.
[18] وهذا واضح أيضاً من النظر في تاريخ تأليفه للبدر الطالع ، ولقطر الولي ، فإن الأول متقدم على الثاني بكثير ، فإنه قد انتهى من تأليفه عام (1213هـ) ، ومن قطر الولي سنة 1239 هـ ، فيظهر أنه قد تكوّن علمياً ووصل إلى درجة الاجتهاد قبل أن ينطبع في نفسه ابن تيمية .
[19] المجددون في الإسلام ، ص 472-485 .
[20] توفي سنة 1211 هـ
[21] توفي سنة 1211 هـ
[22] توفي سنة 1197 هـ
[23] توفي سنة 1206 هـ
[24] توفي سنة 1209 ، وولد سنة 1162 ، وقد اعتبره الإمام الشوكاني شيخه الأكبر وأثنى عليه علماً وديناً ، ويذكر أنه رافقع في الطلب أيضاً ، إلى جانب تلمذه عليه .
[25] توفي سنة 1128 هـ
[26] توفي سنة 1208 هـ
[27] ينتهي نسبه إلى الإمام المهدي أحمد بن يحيى ، ولد سنة 1135 هـ ، قال عنه الشوكاني : « لم تر عيني مثله في كمالاته ، ولم آخذ عن أحد يساويه في مجموع علومه » . وتوفي سنة 1207 هـ .
[28] ولد سنة 1143 هـ ، وقيل سنة 1129 هـ ، وتوفي سنة 1207 هـ .
[29] ولد تقريباً سنة 1160 هـ ، وهو شيخ الشوكاني في علم الفراض والوصايا والضرب والمساحة ، وتوفي سنة 1247 هـ .
[30] توفي سنة 1206 هـ .
[31] البدر الطالع ج1 ص77 ، وسماها الشوكاني في رواية أخرى « عقود الزبرجد » ، انظر كتبه فيما سيأتي ، والبدر الطالع ج 2 ص220.
[32] نيل الوطر ، ج1 ص 215 ، المطبعة السلفية .
[33] وتراجمهم تملأ تقريباً أربع مجلدات كبار من كتابه (البدر الطالع في محاسن مَن بعد القرن السابع) ، وكتاب (نيل الوطر في تراجم رجال اليمن في القرن الثالث عشر) لتلميذه السيد محمد زبارة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق