الخميس، 25 يوليو 2013

مداخلة بالخزانة الزيانية القندوسية الجنوب الغربي الجزائري في كتاب وصف إفريقيا للحسن الوزان

بسم الله الرحمن الرحيم 

الأستاذ:علوي مصطفى
ليو الإفريقي (؟ - 959 ﻫ، ؟ -1552 م): هو الحسن بن محمد الوزان الفاسي،المشهور باسم ليو باسم ليو الإفريقي رحالة، وعالم مسلم ولد بغرناطة بالأندلس وهاجر منها ـ بعد سقوطها عام 1492م ـ إلى فاس بالمغرب. تلقى تعليمه في العلوم العربية والإسلامية على يد مشايخ فاس. وعمل في شبابه كاتبًا في البيمارستان (المستشفى) بفاس. ألف الكثير عن الحياة في المناطق التي زارها خلال رحلاته الداخلية وذهابه إلى الحج مع والده. ومن أسفاره المشهورة، تلك الرحلة التي قام بها مع عمه إلى تمبكتو وإلى أجزاء أخرى من غربي إفريقيا، وقد دامت ثلاث سنوات، وكان في السابعة عشرة من عمره، عند بداية الرِّحلة.(1)
وقع الوزان أسيرًا في أيدي القراصنة في أحد أسفاره، بالقرب من جزيرة جربة.وعندما وجد القراصنة أنفسهم أمام عالم، أخذوه إلى روما وقدَّموه إلى البابا ليو العاشر،نحو عام 1520م. واحتفى به البابا لعلمه،وحرره وأغدق عليه حتى لا يفارقه،ويُزْعَم بأن البابا نصَّره،ثم أطلق عليه اسمه، فأصبح يعرف في التاريخ باسم ليو الإفريقي. وأكمل كتابه المشهور وصف إفريقيا في كنف هذا البابا، وترجمه إلى الإيطالية،ومن هذه النسخة ترجمه جون دوري إلى الإنجليزية عام 1600م، في ثلاثة أجزاء كبيرة. . .ولهذا الكتاب عدة ترجمات أخرى باللاتينية والفرنسية، كما أن له عدة طبعات بالإيطالية. وقد ظل زمنًا طويلاً مرجعًا جغرافيًا للأوروبيين.(2)
غادر الوزان روما إلى وطنه فاس، بعد موت ليو العاشر حيث مات فيها مسلمًا، ويُعد كتابه وصف إفريقيا من المصادر الهامة في تاريخ شمالي وغربي إفريقيا (3)
قام الحسن بن محمد الوزان برحلات عديدة فصل فيها القول في مؤلفه "وصف إفريقيا"(4) الذي اشتمل على الكثير من التفاصيل الجغرافية و الاقتصادية و الاجتماعية و كذلك العادات       و التقاليد في إفريقيا جنوب الصحراء و الممالك الموجودة بها آنذاك(5)و الحياة الطبيعية منها الأنهار   و الحيوانات و النباتات.كما قام خلاله بزيارة مناطق من صحراء المغرب الأوسط (الجزائر حاليا) منها منطقة الجنوب الغربي حيث ذكر منها:
قيـر: نهر نابع هو الآخر من الأطلس،يسيل نحو الجنوب عبر مفازات،و يمر بمنطقة أهلة بالسكان تدعى بني كومي. . . و يتوغـل ورائها ليتحول. . . أخيرا كذلك إلى بحيرة في وسط الصحـراء.(6)
بني قومي: دائرة أخرى على وادي كبير،نخلها كثير جدا،و سكانها فقراء . . .يجمعون أرباحهم في سنة و يشترون بها فرسا يسوقونه إلى بلادهم،ثم يبعونه إلى التجار الذاهبين إلى بلاد السودان،و في هذه الدائرة ثمانية قصور صغيرة و أكثر من خمس عشرة قرية بعيدة عن سجلماسة بنحو مائة و خمسين ميلا إلى جهة الجنوب الشرقي.(7)  
واكدة:فيها ثلاثة قصور كبيرة و قرى عديدة،كلها على واد قـير.لا ينبث فيها إلا القليل من القمح،لكن تمرها كثير يرسل السكان بضائعهم إلى بلاد السودان، و كلهم خاضعون للأعـراب.(8)
تبلبلت (تبلبالة): مكان مأهول في وسط صحراء نوميديا. . .هناك ثلاثة قصور عامرة بالسكان، و أراضيها الصالحة للفلاحة مغروسة بالنخيل،الماء فيها قليل و كذلك اللحم . . . و رغم أن القوم يتجرون مع بلاد السودان فإنهم فقراء لكونهم خاضعين للأعراب.(9)
تيكورارين(10): منطقة مأهولة في صحراء نوميديا. . .يوجد بها ما يقرب من خمسين فصرا و أكثر من مائة قرية بين حدائق النخيل.و سكان هذه المنطقة أغنياء لأنهم اعتدوا الذهاب كثيرا إلى بلاد السودان.و هنا مجمع القوافل. . .لهذه البلاد أراضي كثيرة صالحة للزراعة،لكن يلزم سقيها بماء البئر. . . كان بعض اليهود الأغنياء  يقيمون بتيكورارين ،ثم تدخل أحد فقهاء تلمسان(11) فأدى ذلك إلى نهب أموالهم و تقتيل معظمهم من طرف السكان.حدث ذلك في العام الذي طرد فيه الملك الكاثوليكي اليهود من اسبانيا و صقلية. و تدبير الشؤون بأيدي بعض رؤساء الفرق. . . و يؤدون عادة إتاوة صغيرة إلى الأعراب و يخضعون لسلطتهم (12)
خلاصة القول أن مصادر المياه المتمثلة في الأودية و العيون و الآبار بالصحراء كانت محور التجمعات السكانية مثل وادي قـير نظرا للظروف الطبيعية الصعبة،كما أشار الحسن الوزان إلى وجود أماكن أهلها فقراء مثل بني قـومي ربما لبعدها عن مسالك التجارة و أخرى غنية مثل تيكورارين كونها مركز تجمع القوافل التجارية بها نحو بلاد السودان، كما أكد أيضا خضوع بعض الأماكن من الصحراء لسلطة الأعراب.  
---------------------------------------  
الهوامش:
(1) – الموسوعة العربية العالمية.  ينظر كذلك :- عبد القادر زبادية، دراسة عن إفريقيا جنوب الصحراء في مآثر و مؤلفات العرب و المسلمين، ديوان المطبوعات الجامعية، 2010،ص ص 135 - 137 - الوزان الحسن بن محمد الفاسي،وصف إفريقيا،ترجمة محمد حجي،و محمد الأخضري،ج1،دار الغرب الإسلامي،بيروت،لبنان، الطبعة الثانية،1983،ص ص 5 -14.
(2) – المصدر نفسه.           (3) – المصدر نفسه.      (4) – المصدر نفسه.                                                          
(5)  – عبد القادر زبادية،المرجع السابق، ص 137
(6) –  الوزان الحسن بن محمد الفاسي،المصدر نفسه،ج2. ص  255.  بني كومي في الواقع متاخمون لزوزفانة                          
(7) –  المصدر نفسه، ص ص 130 – 131
(8) – المصدر نفسه، ص 132
(9) –  المصدر نفسه، ص 129                                                                             
(10) –  تيكورارين : معناها بالبربرية المعسكرات.    ينظر: الوزان الحسن بن محمد الفاسي،المصدر نفسه،ج2. ص 133 
(11) –  المقصود به محمد بن كبد الكريم المغيلي.   ينظر: الوزان الحسن بن محمد الفاسي،المصدر نفسه،ج2. ص 134   (12) –  المصدر نفسه. ص ص 133 - 134  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق