الثلاثاء، 23 يوليو 2013

هل يصمت القادرون؟

سيد يوسف

هذى مجموعة من التأملات التى أرجو أن يتسع لها صدر بعض الغيورين:
(1)
لقد استبان لى أن أصحاب الدماء الباردة والأنفاس الباردة لا يجيدون الوصول إلى قطاع عريض من الناس إنهم وإن نجحوا فى استخدام لغة العقل أحيانا فلقد فشلوا - أيما فشل - فى استخدام لغة العاطفة والوجدان، وما صوت العقل دوما بأفضل من صوت العاطفة .
وماذا عليهم لو دمجوا الأمرين معا ولقد ضرب القرآن أروع نموذج وأسلوب فى هذا الدمج حين عزف على أوتار القلوب، وهو يعرض قانونا له من الدقة ما لدى القوانين الرياضية مخاطباًالعقل بلغة وجدانية قصيرة العبارات، قوية الإيقاع، شديدة الجذب ذلك حين قال: (بَلْ أَتَيْنَاهُم بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ)  المؤمنون 91
(2)
لقد استبان لى أننا لن ننتصر فى معاركنا سواء السياسية أو الاجتماعية ببركة العبادات وببركة الدعاء... لن ننتصر وداخلنا مهزوم متمزق ، ولن ننتصر بمشاعر غضب متأججة ، ولكننا سوف نعرف النصر حين ننصر مبادئنا ونضبط مشاعرنا بحيث نوجهها نحو وجهتها الصحيحة... والقاعدة ببساطة وبهدوء شديد فى قوله تعالى : (إن تنصروا الله ينصركم) وذلك حين نُعلي من قيم السماء في بيوتنا وفي ميدان عملنا وفي ميدان الحق في صراعه مع الباطل ... أما ابتغاء النصر ونحن نرخص تعاليم السماء... فكلا ، والله لن يكون مهما تعالت صيحات بعضنا هنا أوهناك.
(3)
لقد استبان لى أن فى أمتنا فئة تخشى من النجاح! وإنك لتراهم يمقتون الناجحين و يترصدون مثالبهم، يترفعون عن الاهتمام بالقضايا المصيرية، ويتشنجون في إبراز الأمور الفرعية التي لا تستحق المواجهة، يتحفزون للكلام بلا هوادة، يتبجحون بأن هناك من هم أسوأ منهم حالاً بكثير...فما تقول فى هؤلاء ؟
نريد أن نقول لكل ذى تجربة مؤلمة إن فشل الإنسان ليس دليلاً علي النهاية، وإنما الفشل الحقيقي يوم ألا ننهض من كبواتنا سريعاً وبعقل يقظ يحول دون الوقوع ثانية فى نفس هذا الفشل ... فالمؤمن- الكيس الفطن- لا يلدغ من جحر واحد مرتين.
(4)
لقد استبان لي أن قيادة الجماعات أسهل من قيادة الأفراد فرادى ... والدعوة إلى الاعتصام والتوحد هى ألف باء النصر وإحدى عوامل التمكين ... ورصّ الصفوف مدعاة لهزيمة الباطل وأهله، ورغم يقين كثير من الضعفاء بهذا إلا أنهم لا يفعلون ... لا جرم ستصير فتنة وفساد كبير يشقى فيه أبناؤهم ... ويبكون هم من ويلاته...فهل يصمت القادرون ؟
(5)
لقد استبان لي أن كثيراً من الناس لا يتعاملون مع بعضهم بعضاً وفقاً لقواعد المنطق وإنما وفقاً لما في نفوسهم من قيم وأغراض ورغبات ... ومن ثم نجد فئة منهم حين يتنافسون يختصمون، وحين يختصمون يطفح ما فى نفوسهم ، ولا عجب فكل إناء ينضح بما فيه .
ترى كثيرا منهم ( من هذه الفئة) كالحمقى يريدون أمراً وسعادتهم فى غيره ... ولا عجب فلمثل هؤلاء نسوق قوله تعالى ( وعسى أن تحبوا شيئاً وهو كره لكم ).
وللعاقلين الذين يرقبون تلك المنافسة أو الخصومة عن كثب بعقل يقظ نسوق إليهم قوله تعالى ( لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم ).
(6)
لقد استبان لي أن زاد المفلسين- يكمن-  فى شتم وانتقاص القادرين ... إن بعضهم يحسب أنه يُعلي من شأنه حين ينتقص العاملين ... ولأمرٍ ما - لا أجد له تفسيراً- أرى أن هؤلاء لا عقل لهم ... إنهم لو كانوا يعقلون لعلموا أنهم يُظهرون للناس- كافة- أمراض قلوبهم، وضعف عقولهم، وقلة بضاعتهم، وإفلاسهم الفكرى والثقافي .
لو كانوا يعقلون لأرشدوا العاملين لأخطائهم بأسلوب يتفق وقواعد الدين والعقل ، لكن ماذا نقول في أهل العمى وفي المفلسين ؟
(7)
لقد استبان لي أن قليلاً من الناس من يرصد فضل منافسيه – أو خصومه إن كان ثمة خصوم- محاولاً أن يتشبه بهم فى بعض فضائلهم وميزاتهم ... في حين نرى زاد المفلسين الذين لا بضاعة لهم في الفكر يكمن في انتقاص الناس وفي تشويه سمعة العاملين وفي البحث عن نقائصهم وكأنهم بهذا الصنيع المشين يقنعون أنفسهم أنهم ليسوا فقط من لديهم نقص ورعونة...
تُرى هل يسقطون مثل هذا الكلام على أنفسهم أم تراهم يسقطونه على خصومهم ليظهروا أمام أنفسهم المريضة وكأنهم دعاة حق ؟
فى النهاية : أسأل الله أن يهدى لنا نفوسنا، وأن يجنبنا الزلل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق